مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“حزب الشعب يحتاج إلى تغيير على مستوى القيادة”

كريستوف بلوخر، الرجل القوي في حزب الشعب، يجيب على أسئلة وسائل الإعلام بعد فشله في زيورخ في الفوز بمقعد في انتخابات مجلس الشيوخ Reuters

يرى أستاذ العلوم السياسية مايكل هيرمان أن حزب الشعب يحتاج إلى قيادة جديدة بعد فشل نخبته في الفوز بمقاعد داخل مجلس الشيوخ يوم الأحد 27 نوفمبر 2011.

وكان الحزب اليميني قد دخل انتخابات هذا العام معتمدا إستراتيجية تقوم على الدفع “بقياداته ذات الوزن الثقيل” لتوسيع تمثيليته في مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الفدرالي).

هذه الخسارة المذلة جعلت جهود توني برونيّر تفشل للمرة الثانية في مسعاه للحصول على مقعد في مجلس الشيوخ في الوقت الذي خسر الوزير الفدرالي السابق وزعيم الحزب كريستوف بلوخر رهانه في هذا السباق، وبفارق 100.000 صوت عن منافسيه بكانتون زيورخ. ولا يحوز هذا الحزب حاليا سوى على خمسة مقاعد في الغرفة العليا بالبرلمان الفدرالي.

هذا الفشل الذريع، ينضاف إلى أداء حزب الشعب الباهت في الإنتخابات العامة التي شهدتها البلاد في شهر أكتوبر الماضي والتي أظهرت تراجع نسبة القاعدة الإنتخابية للحزب من 28.9% سنة 2007 إلى 25.6% لهذا العام.

وألقت هذه النتائج بظلال من الشك حول سعي الحزب للحصول على منصب وزاري ثان بالحكومة الفدرالية. كما أفشلت استراتيجيته في إحداث استقطاب شديد بين المترشحين وتهديد حظوظ المتقدمين لتلك المناصب من الأحزاب المنافسة له، في ظل نظام سياسي يجعل من التوافق ركن الارتكاز فيه.  

وهنا يرسم مايكل هيرمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة زيورخ في حديث مع swissinfo.ch الصورة التي سيكون عليها مستقبل الحزب السياسي الأكبر في سويسرا، ومستقبل قيادته الحالية.  

swissinfo.ch: توقّع حزب الشعب بداية هذا العام الإنتخابي الفوز بنسبة 30% من المقاعد النيابية في البرلمان، وكان حصول ذلك سيمثّل سابقة، وما حصل كان العكس حيث تراجعت تلك النسبة لصالح أحزاب جديدة في الوسط، كما فشل هذا الحزب في إيصال قياداته الكبرى إلى عضوية مجلس الشيوخ. ما الخطأ الذي ارتكب؟

مايكل هيرمان: أعتقد أنهم بالغوا في تقدير موقفهم. كانت هناك مبادرة طرد المجرمين الاجانب، وقد أساؤوا فهم وتفسير النجاح الذي حققته، حيث اعتبروه نجاحا للحزب في حين أن الأمر كان مرتبطا بالأساس بالقضية نفسها مباشرة. ثم هناك الذين يعتقدون أن حزب الشعب بطل في إثارة العديد من القضايا المهمة، لكنهم لا يعتقدون أن هذا الحزب، وبالأسلوب الذي يتبعه، يصلح لقيادة الدولة. أعتقد أن الكثير من المواطنين سئموا من هذا الإستقطاب، ومن هذا النمط من السياسات العدوانية.

رأى كريستوف بلوخر أن النتائج التي حصل عليها حزبه في انتخابات مجلس الشيوخ كانت “نتيجة منطقية للتحالف القائم ضد حزب الشعب”. هل كان هناك سعي من الأحزاب الأخرى للتوحد ضد حزب الشعب؟

مايكل هيرمان: ليس أكثر مما كان عليه الوضع قبل ذلك. هذه هي المبررات والحجج التي يسوقها دائما حزب الشعب، فهو يعلّق فشله على النخبة السياسية وأن بقية الأحزاب ضده، ولكن من الواضح هذه المرة أن كتلة كبيرة من الناخبين لم تصوّت له. وهذا يمثّل مشكلة لهذا الحزب الذي ادعى دائما أن المواطنين يقفون إلى جانبه.

إلى أين يسير هذا الحزب؟ هل سيضطر إلى تغيير إستراتيجيته؟

 مايكل هيرمان: عليهم أن يفعلوا ذلك، وهم الآن يقومون بذلك فعلا. لقد غيّروا بالفعل إستراتيجيتهم بشأن المناصب الحكومية. قبل عاميْن، قالوا إنهم مستعدون فقط لترشيح أسماء من الوجوه المتشددة، وحذّروا بقية الأعضاء من أن عدم انتخاب تلك الوجوه سوف يضطرهم إلى الإنضمام إلى المعارضة. كل تلك التهديدات اختفت هذه المرة. والضغوط النفسية التي كانت تحدثها النتائج التي كانوا يحققونها قد انقشعت، وأحزاب الوسط لم تعد تخشاهم.

أعتقد أن حزب الشعب حاليا في موقف صعب لأنه يمكن أن يصبح حزبا محافظا عاديا، يعقد صفقات مع الآخرين، ويحدث أقل إستقطاب، ولكن إذا فعل ذلك، فإنه سوف يفقد قدرة الإقتراح التي كان يتفرّد بها عن بقية الأحزاب. لقد كانوا الحزب الوحيد على يمين الساحة السياسية الذي لا يعير اهتماما إلى التوافق بل يكون مصمما على مواقفه باستمرار.

بعد أن ذهب الحزب إلى أبعد ما يستطيع. فماذا بقي بإمكانه أن يفعل حتى يحقق نسبة 30% في الإنتخابات القادمة؟

مايكل هيرمان: ما يحتاجونه هو اختيار قيادة قوية. وكل الأحزاب اليمينية في البلدان الأوروبية لها قادة أقوياء. وما لم يحصل ذلك، سيكون من الصعب عليهم إستعادة مواقع النفوذ التي خسروها، ومن الواضح أن كريستوف بلوخر ليس بمقدوره لعب هذا الدور في المستقبل.

هل تعتقد أن هذه النتائج السلبية ستؤدي إلى تغيير في قيادة الحزب؟

مايكل هيرمان: لا أعلم إن كانت هنالك بدائل أخرى متاحة أمامهم. المشكلة الكبرى التي تواجه حزب الشعب هو أن كل الأنظار فيه كانت مركّزة ومتمحورة حول كريستوف بلوخر ومواقفه وأفكاره، ويكاد لا يوجد شخص آخر من دونه يمتلك روحا إستقلالية يمكن أن تؤهله لقيادة الحزب. لديهم جمهور عريض، وأعضاء كثر، لكن ليس من بينهم الكثير من منتجي الأطروحات والافكار، أو الأقوياء في مواقفهم والمستقلين في تصوّراتهم.

هل إستراتيجية “الرفض”، وخصوصا إستخدام آلية المبادرات الشعبية للدفع بالأطروحات المتطرفة قد فات أوانها؟

مايكل هيرمان: سيكون من الحماقة الإعتقاد أن هذه المبادرات والإستفتاءات التي يتزعمها حزب الشعب لن نراها في المستقبل، لأن الأمور يمكن أن تتغيّر بسرعة شديدة. فلا يزال هناك الكثيرون الذين يصوّتون إليهم، ولكن أيضا هناك الكثير من التغييرات التي تحصل الآن ضمن هذه الكتلة الإنتخابية، والكثيرون لم يعودوا يؤيدون السلوك السياسي لحزب الشعب.

هل يحتاج حزب الشعب إلى اختيار مرشّحين أكثر توازنا إذا ما أراد لهم الفوز بمقاعد في مجلس الشيوخ وفي الحكومة؟

مايكل هيرمان: هذا بالتأكيد من الأشياء التي يجب عليهم القيام بها، لأنه لم تبق أمامهم أي فرصة للفوز إذا ما أصرّوا على ترشيح وجوه تعزز الإستقطاب بين الاحزاب، فشخص مثل أولي ماورر، وزير الدفاع، المعروف بكونه من الجناح المتصلب، ما كان لينتخب لو أجريت الإنتخابات حاليا. هم يحتاجون إلى تقديم وجوه يحصل التوافق حولها وتكون معتدلة. ولكن حتى لو فعلوا ذلك، لست متأكدا أنهم سوف يفوزون بمقعد ثاني في الحكومة، لأن العقلية السائدة داخل البرلمان قد تغيّرت بشكل كامل.

  

منذ سنوات، شدد حزب الشعب على أنه سوف يقترح نوعية معيّنة من المترشحين، وإذا ما غيّر أولئك وجهة نظرهم يفقدون ثقتهم فيهم. وعليهم أن يثبتوا أنهم حقا على إستعداد لتبديل مواقفهم، وعلى إستعداد لتبني نمط آخر من السياسة. لوكنت على الجانب الآخر من المشهد السياسي لن أمنحهم هكذا وبشكل مجاني فرصة الفوز ببعض المقاعد.

مجلس النواب
حزب الشعب: 54 مقعدا (-8)
الحزب الإشتراكي: 46 (+3)
الحزب الراديكالي: 30 (-5)
الحزب الديمقراطي المسيحي: 28 (-3)
حزب الخضر: 15 (-5)
حزب الخضر الليبرالي: 12 (+9)
الحزب البورجوازي الديمقراطي: 9 (+9)


 مجلس الشيوخ
حزب الشعب: 5 مقاعد (-2)
الحزب الإشتراكي: 11 مقعدا (+3)
الحزب الديمقراطي المسيحي: 12 مقعدا (-2)
الحزب الراديكالي: 11 مقعدا (-1)
حزب الخضر: 2
حزب الخضر الليبرالي: 2
الحزب البورجوازي الديمقراطي: 1
مستقل: 1

(سوف ينظم اقتراع أخير بكانتون سولوتورن في 4 ديسمبر القادم.)

أنشئ حزب الشعب سنة 1971 عبر اندماج المزارعين السويسريين مع التجار وبقية المواطنين والأطراف الديمقراطية بكانتونيْ غلاروس وغراوبندن.

بحصوله على 25.6% من مجموع أصوات الناخبين في انتخابات أكتوبر 2011، يعتبر حزب الشعب أقوى الأحزاب السويسرية. وكانت النتائج التي حققها الحزب في انتخابات 2007 نتائج قياسية لم يسبق أن حققها حزب سويسري.

يقول حزب الشعب إنه ملتزم التزاما كاملا باهتمامات وانشغالات ناخبيه. ويدافع عن سويسرا باعتبارها بلدا مستقلا ومحايدا يعتمد حكما رشيدا وضرائب منخفضة، ويريد أن يحافظ عليها كقاعدة صلبة لقطاع الأعمال مع وظائف آمنة ووقاية فعالة من الجريمة ومن إساءة إستعمال حق اللجوء ومساعدات النظام الاجتماعي.

 دخل حزب الشعب الإنتخابات العامة لعام 2011 بنية الفوز بنسبة 30% من أصوات الناخبين، والفوز بأكثر مقاعد بمجلس الشيوخ، فضلا عن الحصول على منصب وزاري مهم وثاني في الحكومة الفدرالية (تجري الانتخابات بهذا الشأن يوم 14 ديسمبر 2011). وقد خاض هذا التشكيل السياسي الإنتخابات بشعارات تنادي باعتماد نظام الحصص بشأن المهاجرين من بلدان الإتحاد الأوروبي، ولا للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي، وتشديد العقوبات بشأن المجرمين الأجانب.

اعتمد استراتيجية تقوم على الدفع برموزه الكبار مثل كريستوف بلوخر، وتوني برونّر، وكاسبر بادار، وأندريان امستوتس، في السباق من أجل الفوز بمقاعد في مجلس الشيوخ، لكن إستراتيجيته فشلت، ولم يحصل في النهاية إلا على خمسة مقاعد.

(نقله من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية