مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“فرصة للمقاومة السنية” و”مخاوف من عنف جديد”

ترى أغلب الصحف السويسرية الصادرة يوم الجمعة 9 يونيو أن العنف في العراق لن يقل مع الإعلان عن مصرع الزرقاوي (في الصورة: عسكريون أمريكيون يعرضون صورا للزرقاوي ميتا يوم 8 يونيو 2006 في بغداد) Keystone

اتفقت افتتاحيات الصحف السويسرية على أن مصرع الزرقاوي لن يضع نهاية المقاومة، ولكنه سيكون فرصة للحكومة العراقية الجديدة للبحث عن الاستقرار السياسي في البلاد.

كما تتوقع أغلب التعليقات توجه عمليات المقاومة نحو التصعيد مع قوات الاحتلال، بينما طالبت بعضها باستغلال الأجواء الحالية للخروج من دوامة العنف الطائفي.

قالت صحيفة “تاكس أنتسايغر” الصادرة من زيورخ “تذكر صيحات الفرح في بغداد يوم أمس، بتلك التي انطلقت في نهاية 2003، إثر الإعلان عن اعتقال صدام حسين، عندما تمنى البعض أن تنتهي المقاومة العراقية، فحدث العكس، إذ ترأس الزرقاوي مقاومة مسلحة دموية ذات بعد ديني موجه ضد الشيعة، ليفجر العنف الطائفي بين المسلمين بشكل يصعب وضع حد له، وستتواصل حدة المواجهة حتى بعد رحيله”

ومن المفارقات، حسب التعليق، أن يتزامن الإعلان عن مصرع الزرقاوي مع سد الثغرات في الحكومة العراقية، لتعلن بغداد عن تشكيل أول حكومة منتخبة، مما قد يساعد على تخفيف حدة عمليات القتل والاغتيالات التي تتراجع كلما بدأت بوادر استقرار سياسي تلوح في الأفق.

وتقول الصحيفة بأن الفائدة من مصرع الزرقاوي، ستكون فقط “إذا ترجم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هذا النصر المعنوي ضد القاعدة إلى خطوات إيجابية على طريق السياسي، فسيكون استفاد من مصرع الزرقاوي في إحداث تحول كبير في العراق”.

وقد ربطت “24 أور” الصادرة من لوزان أيضا بين الحدثين (اعتقال صدام واغتيال الزرقاوي) ولكن من ناحية رد فعل الإدارة الأمريكية، وتقول أن بوش تهكم في المرة الأولى على طريقة العثور على صدام مختبأ، ولكن بعد عامين ونصف كانت اللهجة مختلفة واختيار الكلمات بتحفظ، كما نظرت الصحيفة إلى تشكك الرأي العام الأمريكي في جدوى الحرب على العراق، وتزامن الإعلان عن مصرع الزرقاوي مع اقتراب موعد الإنتخابات الأمريكية اعتبارا من الخريف المقبل، وتتوقع الصحيفة أن يتحول مصرع الزرقاوي إلى بطاقة جديدة تسمح بمحاولة تجديد شعبية بوش المنهارة.

دلالات هامة

أما “نويه تسوخر تسايتونغ” الصادرة من زيورخ فقد ركزت على دلالة مساهمة العراقيين في التعرف على مكان الزرقاوي وقالت “إذا صدق ما قيل أن هناك من المواطنين العاديين الذين ساهموا في التعرف على الزرقاوي، فإن هذا يعني بأن نسبة غير قليلة من السنة غير راضية على أسلوبه في المقاومة، وكذلك أيضا عن أسلوب عمل تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن”.

الصحيفة اعتبرت هذا التحول خطوة هامة يمكن الاستفادة منها على الصعيد السياسي، لإن “اختفاء الزرقاوي سيسمح للمقاومة السنية أن تختار الآن بين العمل مع الجهاديين الذين ليس لديهم أية حلول وسط، وبين العمل لتحقيق نجاحات سياسية، فإذا اختارت هذا الطريق، فهو يمهد لحوار وطني سيؤدي حتما إلى تهدئة الأوضاع”.

وتتوقع الصحيفة أن يكون خليفة الزرقاوي عراقيا وان تتركز علميات التنظيم مستقبلا على الجنود الأمريكيين ومنشآتهم.

صحيفة “كورياري ديل تيشينو” الصادرة في لوغانو أجرت حديثا مطولا مع الخبير ماسيمو إنتروفينيي مؤلف كتاب “أسامة بن لادن، القيامة على الغرب” الذي اعتبر فيه أن المعلومات الحاسمة التي أدت إلى نجاح العملية “جاءت هذه المرة من أوساط الميليشيات العراقية”، وهو ما رأى فيه “إشارة مهمة”.

وقال انتروفيني أن القضاء على الزرقاوي “مهم جدا لأنه يتعلق بشخصية أسطورية. لقد انهارت أسطورة الزرقاوي الذي لا يُقبض عليه ولا يُهزم”، ورأى أن هذا الإغتيال سيؤدي (على غرار ما وقع في أوساط البعثيين بعد اعتقال صدام حسين) إلى حدوث تفكك في صفوف أتباعه.

“هدية من السماء للعراقيين والأمريكيين”

صحيفة برنر تسايتونغ، الصادرة من برن، رحبت بإزاحة الزرقاوي من على الساحة، ولكنها فضلت اعتقاله حيا ومثوله أمام القضاء، لمحاكمة أفكاره، لأن لجوء القوات الأمريكية إلى الخيار السهل بإلقاء قنبلتين زنة الواحدة منهما 500 رطل للتخلص منه، لم تقض على إيديولوجيته المفعمة بالكراهية.

وفي نفس السياق انتفدت “لوتون” من جنيف تحت عنوان “كراهية تحت الأنقاض” ذهاب ضحايا من المدنيين والأطفال في عملية اغتيال الزرقاوي، ووصفت أنقاض المنزل الذي قتل فيه بأنه ضريح سخيف، وأن الجيران الذين شوهدوا يجمعون أشلاء الضحايا وبقايا المتاع المتناثر، سيصبحون مؤيدين للجهاديين، وتؤكد الصحيفة على أن العنف المسلح لا يساعد على خيار التسامح، محذرة من اتساع دائرة سوء الفهم بين الغرب والعالم الإسلامي، الذي تمتد آثاره السلبية على أوروبا أيضا، مذكرة بتفجيرات مدريد ولندن، وما نجت منه كندا وسويسرا مؤخرا.

في المقابل رأت “دير بوند” الصادرة من برن، بأن مصرع الزرقاوي “جاء هدية من السماء لكل من العراقيين والأمريكيين على حد سواء، فأخيرا يسمع العراقيون خبرا جيدا، يسمح ببعض التفاؤل في إمكانية القضاء على العنف الدموي بشكل بشع غير مسبوق”.

وتقول الصحيفة بأن القضاء على الزرقاوي سيوقف عملية تصدير المقاومة للخارج، لأنه “كان الرجل الوحيد الذي توسع في عملياته بتفجير فندق عمان”.

لكن الصحيفة تحذر من الإفراط في التفاؤل، “لأن حجم عمليات المقاومة التي قادها لم تكن كبيرة، بل ضخمها انتشارها عبر الإنترنت ومنها إلى بقية وسائل الإعلام، فإلى جانب المقاومين الأجانب الذي يقوم بتدريبهم، تعمل إلى جواره عشرات من مجموعات المقاومة العراقية من البعثيين إلى السنيين، فضلا عن انتشار الحرب الطائفية، التي ستتواصل حتما بعد رحيل الرجل الذي فجر الصراع الطائفي.

وتخلص الصحيفة إلى أن أهمية مصرع الزرقاوي ليست بمثل هذا الحجم الكبير، بل تتساوى مع إلقاء القبض على صدام حسين، الذي اعتقد البعض آنذاك بأنه محور عمليات المقاومة، وتصف الصحيفة هذه الفرحة العارمة بأنها على مستوى رمزي فقط وهي عديمة التأثير على مسار الحرب الدائرة في العراق.

“مسيرة مثالية”

ومن لوتسرن طالبت “نويه لوتسرنر تسايتونغ” أيضا بعدم الإفراط في التفاؤل لأن مصرع الزرقاوي لن يكون بداية عصر الهدوء والسلام في العراق، وتتوقع الصحيفة أن تبدأ مجموعات مسلحة أخرى في الظهور على الساحة لأن تركيبة المقاومة العراقية معقدة ومتداخلة بين سنة عراقيين وعرب، وشيعة مسلحين وقوميين وبعثيين إلى جانب عصابات إجرامية لا هم سوى النهب والسرقة.

الإيجابية الوحيدة التي رأتها الصحيفة هي أن “مصرع الزرقاوى يعطي الحكومة العراقية الجديدة صورة إيجابية ويبعث الأمل على أن المقاومة السنية المسلحة قد تتراجع في حدتها في الطريق نحو العمل السياسي”

وتحت عنوان “قـُتـل جهادي، سيُخترع آخر” وصف ألدو صوفيا في افتتاحية خصصتها صحيفة “لاريجيوني” الصادرة في لوغانو للحدث مسيرة الزرقاوي الساحقة بـ “المثالية” مذكرا بطفولته البائسة في مدينة الزرقاء الأردنية وتعرفه على مهاجري ولاجئي المأساة الفلسطينية ثم عودته إلى الإسلام في السجن الذي دخله لارتكابه جرائم بسيطة وصولا إلى انتقاله إلى أفغانستان كمجاهد ضد السوفييت أولا ثم كعدو للغرب “الصليبي” ثانيا.

هذا المسار يؤكد برأي صوفيا أن “الإرهاب – وعلى عكس نظريات سطحية – ليس من عمل ما يشبه النخبة المتعلمة والمرفهة (بن لادن المليونير السعودي والطبيب المصري الظواهري) ولكنه أيضا نتاج يد عاملة تُنتدب من الفقر والشعور بالظلم”.

لذلك يعتقد ألدو صوفيا أن “الشهيد الجديد” على حد وصفه، سيشجع على ظهور “مرشحين انتحاريين آخرين”، كما أن خليفة محتملا للزرقاوي “سيسعى للحصول على شرعية عن طريق حمامات دم جديدة”. ومن هنا يرى كاتب الإفتتاحية أنه من الصعب الإعتقاد بأنه سيتم التخلص من النبتة الخبيثة للإرهاب وللفوضى العراقية بالقضاء على زرقاوي تحت أنقاض خلفها قصف أمريكي”.

أما “بازلر تسايتونغ” الصادرة من بازل فرأت بأن الفرصة متاحة حاليا كي تتفاوض المقاومة السنية مع الحكومة الجديدة للحد من هذا العنف الدموي، لاسيما وأن أسلوب الزرقاوي الدموي لم يكن مقبولا من الجميع، إذ قتل من السنة والشيعة ما يفوق عدد ما سقط من الأمريكيين، ووضع هدفه إشعال حرب أهلية.

سويس انفو – تامر أبوالعينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية