مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 فوائد قوم عند قوم .. مصائب!

صورة للعبة المرايا في متحف "تكنوراما" في فينترتور الذي قد يكون أبرز المتضررين من المعرض الوطني "أكسبو02" Keystone

تثير الحملة الإشهارية الضخمة التي ترافق انطلاق المعرض الوطني "أكسبو02" انشغال العديد من المؤسسات السياحية والثقافية في سويسرا التي تخشى من تراجع الإقبال عليها في الفترة القادمة..

مهما فعل الزائر لسويسرا هذه الأيام، فلن يتمكن من الإفلات من القبضة المُحكمة التي أطبقت بها المسؤولون عن التسويق في المعرض الوطني على فضاءات الدعاية والإشهار في كل المناطق والزوايا..

وعلى الرغم من أن الحدث استثنائي ولا يتكرر إلا مرة واحدة في كل ربع قرن تقريبا إلا أنه ينتظم في فترة دقيقة بالنسبة للعديد من القطاعات والمؤسسات العاملة في المجال السياحي مما يهددها بفقدان جزء مهم من مواردها في فصل الصيف الذي عادة ما تعول عليه لتحقيق توازنها المالي.

ويؤكد المسؤولون في بعض المتاحف التي عادة ما تستقطب العائلات والأطفال وتلاميذ المدارس في هذه الفترة أنهم سجلوا تراجعا في معدل الحجوزات مقارنة بالسنوات الماضية.

مخاوف حقيقية

فعلى سبيل المثال يخشى هانس سيفريغ الملحق الإعلامي بمتحف وسائل النقل في مدينة لوتسيرن من فقدان حوالي خمسة عشر في المائة من زوار المتحف إذا ما استمر نسق التراجع الحالي.

ويشاطر المسؤولون عن متحف السكن القروي في بالينبرغ (الذي لا يفتح أبوابه إلا من منتصف شهر نيسان إلى موفى أكتوبر) وفي متحف تكنوراما العلمي في مدينة فينترتور هذه الإنشغالات التي خصص التلفزيون الناطق بالألمانية أحد أهم برامجه الإخبارية لتحليلها والتعليق عليها.

ويبدو أن أهم نقص سيسجل من جانب طلاب المدارس الذين عادة ما يتحولون لزيارة هذا النوع من المتاحف في الأسابيع الأخيرة من العام الدراسي. ويخشى السيد ريمو بازيو مدير متحف تكنوراما من أن تبلغ نسبة التراجع العامة في عدد الزوار إلى حوالي عشرين في المائة في ظل توجه جميع المدارس إلى تنظيم رحلات لزيارة المعرض الوطني تحظى بدعم مالي من طرف السلطات العمومية!

ولا تقتصر هذه المخاوف على المتاحف والمنشآت السياحية الموجودة في المناطق الشرقية والوسطى من سويسرا بل انتقلت إلى المناطق القريبة من بحيرات نوشاتيل وبيل/بيان ومورا (الموزعة على كانتونات نوشاتيل وبرن وفريبورغ).

فعلى سبيل المثال يخشى المدير العام للشركة العامة للملاحة على بحيرة الليمان التي تمتد من جنيف في أقصى غرب البلاد إلى لوزان من تراجع عدد الركاب نظرا لأنه “لن يظل للعائلة التي تتحول لزيارة أجنحة المعرض الوطني في البحيرات الأخرى ما يكفي من المال لتنفقه على ظهر مراكبنا” على حد قول برنار أيغلر.

تمييز في تقديم الدعم

هذه المخاوف من تراجع النشاط والمداخيل تترافق أيضا مع انزعاج مكتوم أحيانا ومعلن أحيانا أخرى من التمييز الذي تمارسه السلطات العمومية بين المعرض الوطني والمؤسسات الخاصة.

فعلى سبيل المثال، يشير السيد ريمو بازيو بشيء من الامتعاض إلى أن الكونفدرالية التي لم تتردد في دفع ثمانمائة مليون فرنك لفائدة “أكسبو02″ رفضت تقديم أي دعم لمشروع توسيع متحف تكنوراما. أما الدعاية الواسعة للمعرض الوطني التي لا تترك أي مجال للآخرين فقد وصفها غاضبا بـ”آلة التسويق الجهنمية الممولة من طرف الأموال العمومية.. إنها أشبه شيء بالفضيحة”!!

وعلى الرغم من أن غالبية المتدخلين يقرون بأهمية المعرض الوطني ومنطقية الدعم العمومي المقدم له، إلا أنهم لا يخفون الإنزعاج مما اعتبروه “ازدواجية في المعايير”. فمتحف السكن القروي السويسري لم ينجح إلى حد اليوم في العثور على التمويل الضروري لإقامة معرض خاص للأبقار من كل أنحاء العالم لتعزيز إقبال الجمهور عليه، أما متحف وسائل النقل في لوتسيرن فهو ينظر بتوجس إلى عام 2003 الذي يتزامن مع حلول موعد نهاية الدعم المالي المحدود المقدم إليه من طرف السلطات العمومية.

في انتظار 20 أكتوبر..

ما من شك في أن المبررات السياسية والإقتصادية التي استند إليها الذين قدموا كل الدعم المادي والمعنوي المطلوب من أجل إقامة المعرض الوطني قوية ومقنعة، لكن لا مفر من الإقرار بأن الفوائد المرتقبة من هذه التظاهرة، التي لا حديث في سويسرا إلا عنها هذه الأيام، لن تشمل الجميع بنفس الحجم والكيفية.

فالعروض الفنية وابتكارات الخيال العلمي ومختلف الأنشطة الثقافية المقترحة من طرف منظمي المعرض الوطني تنافس عمليا برامج ومضامين معارض ومتاحف وتظاهرات أخرى تنتظم في نفس الفترة في مناطق متعددة من سويسرا. وهو ما يعني واقعيا منافسة قاسية وغير متوازنة مع مؤسسات ذات أحجام وموارد متفاوتة.

فهل سيتقبل الجميع “التضحية” لفائدة المصلحة العامة والحدث الوطني الذي تجسده “أكسبو02” بنفس الأريحية؟ أم أن لغة الأرقام الصارمة لم تعد تسمح بأي مجازفة طوباوية من هذا القبيل؟ في العشرين من أكتوبر – تشرين الأول المقبل سيغلق المعرض الوطني السادس أبوابه وعندها ستعرف الإجابات النهائية عن هذا السؤال.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية