مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“نحن لا ننتهك الحياد السويسري”

تنتج شركة روواغ العديد من المواد الحربية بدءا بالقذيفة والخرطوشة وانتهاء بالطائرات الصغيرة والصواريخ RUAG

في العادة لا يرغب تجار الأسلحة في تسليط الأضواء على أنشطتهم وخاصة من جانب وسائل الإعلام، لكن مسؤولي الشركة السويسرية للتسليح ( RUAG) لم يترددوا في الرد على تساؤلات سويس إنفو..

مثل الحياد الرسمي للكونفدرالية مبررا قويا لبروز ونموّ ما كان يسمى بـ ” مخازن ومصانع الذخيرة” التي كانت مملوكة بالكامل إلى موفى عام ثمانية وتسعين للحكومة السويسرية التي كانت تعتمد عليها من أجل توفير قدر كبير من أسلحة وذخائر القوات المسلحة السويسرية بالإضافة إلى الإشراف على عمليات صيانة التجهيزات العسكرية المستعملة في مختلف وحدات الجيش.

منذ عام تسعة وتسعين، تحولت الشركة بحكم ما طرأ من إصلاحات على هيكلية الجيش السويسري، إلى مؤسسة عاملة ضمن القوانين المنظمة للقطاع الخاص. وعلى الرغم من أن الكونفدرالية ظلت المساهم الوحيد في رأسمالها إلا أنها لم تعد الحريف الوحيد لها وهو ما فرض على إدارتها البحث عن أسواق جديدة لتصريف إنتاجها وتقديم خبرتها في ظل تنافس دولي شرس.

يوم الثلاثاء استعرضت الشركة أمام وسائل الإعلام في برن حصيلة نتائجها المالية للسنة المنقضية وبدا واضحا أن تراجع طلبات الكونفدرالية، في ظل تقليص حجم الإنفاق العسكري العام، قد بدأ ينعكس سلبا على مردوديتها ويدفعها دفعا للبحث عن حلول جديدة.

على مستوى الأرقام حققت شركة (RUAG) نتائج إيجابية. فقد تجاوز إجمالي رقم معاملاتها المليار فرنك وزادت أرباحها بنسبة 23% لتصل إلى اكثر من 82 مليون فرنك، كما تمكنت من مضاعفة استثماراتها مقارنة بعام ألفين لتصل إلى ما قيمته 146 مليون فرنك خصصت أغلبيتها لآقتناء أربع شركات نشيطة في مجالات صناعة الطيران والمكونات الألكترونية والتجهيزات الآلية الدقيقة والطيران المدني.

الشركة التي تنشط في أربع مجالات رئيسية وهي الطيران (43% من حجم المبيعات) والذخائر (28 %) وأنظمة التسليح (16%) والمكونات الألكترونية (13%) لا زالت تتلقى ثلاثة وسبعين من المائة من الطلبات السنوية من وزارة الدفاع السويسرية لكن هذه النسبة تتراجع من عام لآخر وهو ما أرغمها على التوجه إلى أسواق جديدة خارج الكونفدرالية إضافة إلى تغيير أسلوب عملها واختصاصاتها.

الصفقات المثيرة للتساؤل مع إسرائيل

من جهة أخرى أثارت صفقات الأسلحة القائمة بين شركة “روواغ” (RUAG) ودولة إسرائيل لغطا كثيرا في الأسابيع الأخيرة. فقد أصدرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب توصية تدعو الحكومة إلى إعادة النظر في العلاقات العسكرية والإقتصادية مع الدولة العبرية بسبب ما أقدم عليه الجيش الإسرائيلي من إعادة آحتلال للأراضي الخاضعة لإشراف السلطة الفلسطينية وما رافقها من مجازر واعتداءات أثارت آمتعاض قطاع لا بأس به من الرأي العام السويسري.

السيد طوني فيكي المدير التنفيذي للشركة أكد لسويس إنفو أن “روواغ” لا تصدر تجهيزات أو أسلحة إلى إسرائيل لكنها مرتبطة بالعقود المبرمة بين الحكومة السويسرية وإسرائيل واضاف :”إننا نشارك في إنتاج تجهيزات في إسرائيل يتم اقتناؤها من طرف الحكومة السويسرية” واوضح بأن هذه التجهيزات تشمل طائرات استطلاع بدون طيار وبعض أنواع الذخيرة الحية وتجهيزات للإتصالات.

من جهة أخرى، أكد مسؤول الشركة أن أنشطة “روواغ” تشمل بيع مواد حربية أو المشاركة في برامج تصنيع للأسلحة وأخرى لتطوير بعض المعدات العسكرية مع عدد من بلدان الشرق الأوسط من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة تتم في إطار “الإلتزام الدقيق بالسياسة السويسرية المعمول بها في إطار تشريعات التصدير” حسب قوله.

هنا يجدر التذكير بأن الحياد الذي يميز سويسرا يفرض عليها الامتناع عن تصدير مواد حربية إلى مناطق النزاعات التي تدور فيها الحرب. لذا فان الإجابة عن السؤال الذي طرحته سويس إنفو حول ما إذا كانت بعض أنشطة شركة “روواغ” تتعارض مع الحياد السويسري متروك للسلطات الفدرالية، لأن “كل العقود التي نتابعها صادرة عن الحكومة السويسرية” حسب قول السيد طوني فيكي المدير التنفيذي للشركة.

احتكار ثمين!

هذا الجواب قد يكون “سليما ومبرّرا” من الناحية السياسية والقانونية لكن لا يجب أن يغطي على حقيقة الوضع الجديد الذي يضطر الشركة حاليا للبحث عن منافذ خارجية لترويج إنتاجها خصوصا في ظل الوضع التنافسي الجديد الذي لم يعد يسمح لوزارة الدفاع بتفضيل العروض المقدمة من طرفها على بقية الشركات، مثلما كان عليه الأمر في السابق.

لذا فان مطالبة بعض الأطراف السياسية (الإشتراكيين والخضر بوجه خاص) بتجميد العقود العسكرية مع إسرائيل مثلا، يمكن أن يلحق بالشركة ضررا فادحا ويؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين فيها.

يبقى أن “روواغ” لا زالت محتفظة باحتكار ثمين في مجال أعمال الصيانة. حيث لا زالت الشركة الجهة الوحيدة المكلفة من طرف وزارة الدفاع السويسرية بصيانة كل المعدات والتجهيزات العسكرية المستعملة من طرف القوات المسلحة والعمل على تطويرها وتحسين أدائها وكفاءتها. ويشمل هذا التكليف الطائرات والدبابات وتجهيزات الإتصال والذخيرة بمختلف أنواعها.

وفيما يعمل المشرفون على شركة “روواغ” على تنويع الحرفاء ومصادر الدخل من خلال التوجه إلى أنشطة جديدة أو تطوير الإختصاصات التقليدية، لا يبدو أن مستقبلها مهدد بصفة جدية على الرغم من اتساع دائرة التنافس وتدقيق أجهزة الرقابة المالية للكونفدرالية في قراءة الفواتير الواردة منها!

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية