مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“هذه الثورات ما هي إلا الخطوة الأولى في مشوار طويـل”

شاب ليبي صبغ أصابعه بألوان علم الثورة، ورسم على الجدار وراءه شعار "كفى سفكا للدماء" في طرابلس يوم 28 أغسطس 2011. swissinfo.ch

لم تكد تمر بضعة دقائق على النبأ الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية المختلفة؛ حول نجاح الثوار الليبيين في دخول باب العزيزية، واستسلام قيادات كتائب القذافي، واختفاء هذا الأخير عن المشهد..

.. حتى تحولت ساحات المواقع الاجتماعية الأكثر شهرة في العالم “فيس بوك”، و”توتير”، وغيرهما.. إلى صفحات للتهاني بسقوط “الصنم الثالث”.

وفي محاولة سريعة لرصد مشاعر الشباب في عدد من البلدان العربية، بعد سقوط نظام العقيد القذافي؛ وماذا يتمنون لباقي الثورات المندلعة في سوريا واليمن والبحرين وغيرها، أجرت swissinfo.ch هذا الإستطلاع لاستكشاف مختلف ردود الأفعال تجاه المنعطف التاريخي الذي أنجزه الثوار في ليبيا.

“رحيل القذافي يسرع برحيل طغاة جدد”

في البداية؛ قال الناشط الفلسطيني سعيد أبو معلا (مخرج وناقد فني): “شعرت وكأن هناك شخص يخنقك، ويضع يديه على رقبتك، وقد أفلتها وذهبت بعيدًا، فنجوت من الموت، وبالمجمل فإن شعور السعادة كان حاضرًا؛ هناك بهجة كبيرة بقرب رحيل شخص مثل القذافي، ما زال قابعًا في أفكار وتصورات عفا عليها الزمن”؛ مضيفًا: “أي عاقل لا يمكن إلا أن يفرح برحيل نظامٍ كنظام القذافي؛ لأنه رمز لكل ما هو قبيح.. رمز للقمع والجنون والتخلف واللاعقلانية،… القذافي لا يمكن إلا أن نفرح ونبتهج برحيله، صحيح نخاف على مستقبل ليبيا، لكنه مستقبل أجمل بدون شك، نتمنى ونأمل وننتظر وندافع”.

ورداً على سؤال: وهل تتمنى أن يتكرر ما حدث مع بن علي والقذافي في سوريا واليمن و….إلخ؟؛ أجاب أبو معلا قائلا: “بلا شك نتمنى ذلك، وأظن أن رحيل القذافي سيُسرّع برحيل طغاة جدد؛ مازالوا ماثلين بقبحهم أمام أعيننا، فالتحول في ليبيا سيكون مؤثرا بلا شك على مستقبل أنظمة عربية أخرى، والذي يحدد ذلك هو نجاح نموذج الثورة في ليبيا، وسلوك الثوار، وتراجع التدخل الأجنبي”.

“الظلم لا بد له من نهاية”

متفقًا مع أبو معلا؛ قال الناشط المصري محمود القلعاوي: “بالطبع الأمر مفرح جداً.. فنهاية الطغاة ورؤية نهاية الظلم والظالمين يبهج القلوب ويسعدها، وصدقنى سعادة لا تقل عن سعادتنا بسقوط فرعوننا (محمد حسني مبارك)؛ الذي لم يأخذ أي حظ من اسمه؛ فلا هو محمد، ولا هو حسن، ولا هو مبارك”؛ مضيفًا “الحمد لله على ما نراه بعيوننا وقلوبنا؛ فقد صارت آيات ربنا من كونها مكتوبة إلى كونها مرئية”.

وردًا على سؤال: ماذا تتتمنى لباقي الثورات المندلعة هنا وهناك في سوريا واليمن وغيرهما؟؛ أجاب القلعاوي: “بالطبع النصر والتمكين للحرية، فالظلم لا بد له من نهاية، وما نراه عبر شاشات التلفاز يزيد الأمور احتقانًا وكراهية لهؤلاء الطغاة القائمين على الأمور هناك”.

“حسن الإعداد لما بعد السقوط”

الناشط السعودي قاسم سعيد قندوان– كاتب ومشرف على ملتقيات “لون حياتك”، يشاركهما هذه المشاعر ويقول: “لا شك أنها فرحة كبيرة، ليس لذات سقوط القذافي فحسب، بل لما لها من أبعاد أخرى على باقي الطغاة، وهو درس لنا، وللجيل كله، بأن الحق ظاهر، وأن الشجاعة صبر ساعة، وأن الزمن مع العزم هو جزء كبير من العلاج”.

ويضيف قندوان: “في ظني أن سقوطه يعني استسلام غيره للأمر الواقع، ووهن في عزائمهم، وهي نقطة مهمة لصالح المعارضين لهم”؛ متمنيًا من الثوار في سوريا واليمن وغيرها من البلدان العربية “الصمود وعدم اليأس، كما أتمنى لهم التوفيق وحسن الإعداد لما بعد سقوط الطغاة، بحيث لا يكون فراغًا يسبب إشكاليات على الشعوب”.

“يا لها من مشاعر!!”

ومن ناحيته؛ قال الناشط البحريني محمد سيف الأنصاري- الأمين العام لمنظمة فور شباب العالمية – والمستشار المعتمد للمنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية في مجال تنمية وتطوير الشباب وتأهيله لسوق العمل وإدارة المشروعات: “يا لها من مشاعر أحسست بها وأنا أتابع آخر أخبار اخواني في لبيبا…فرح وبكاء وعزة…اللهم أرنا في كل الطغاة عجائب قدرتك…كل الطغاة… واجعل غدنا خير من يومنا…”.

وردًا على سؤال: وماذا تتمنى لباقي الثورات المندلعة هنا وهناك في سوريا واليمن وغيرهما؟؛ أجاب الأنصاري: “أتمنى لها أن تلحق بمصر وتونس وليبيا، وبالذات ثورة سوريا لأن سقوط نظام الأسد سينعكس إيجابًا علينا نحن في البحرين، بل على الخليج كله”.

“أتوجس خيفة من المستقبل”

من ناحيته، يرى الناشط الفلسطيني موسى الملاح – إعلامي مقيم بالسويد أن “سقوط النظام الليبي، أو نظام الديكتاتور القذافي، خطوة على طريق تحرر الأمة العربية من الأنظمة الديكتاتورية؛ على ألا تقع الشعوب في فخ ديمقراطيات دكتاتورية؛ تنفذ استراتيجيات القوى الاستعمارية بالمنطقة, كما أنها خطوة باتجاه إعادة صياغة النظام السياسي العربي كاملا؛ بحيث تستمر هذه الثورات لإسقاط النظم العربية الموالية للغرب، والتي لم تقم بها ثورات، رغم أن شعوبها تعاني من الظلم”.

سألته: وماذا تتمنى لباقي الثورات المندلعة هنا وهناك في سوريا واليمن و…إلخ؟؛ رد قائلا: “الكل يشعر بالفرحة، وأنا كذلك؛ إلا أنني لا زلت أتوجس خيفة من المستقبل، وأعتقد أن هذه الثورات ما هي إلا الخطوة الأولى في مشوار طويل قد يستمر لعقود من الفوضى؛ لحين استتباب الامن والإستقرار في الوطن العربي، ما مادام الوطن العربي تابعًا للقوى الكبرى”؛ متمنيًا للشعوب العربية النجاح فيما تصبو إليه من تغيير، ينبثق عن المصلحة العليا للأمة العربية، ألا وهي التحرر كنقطة لتحويل الثورة من تحررية إلى تحريرية، حتى تحرير آخر شبر من الأرض العربية من الإحتلال”.

“المعركة لم تنته بعد”

متفقًا مع الملاح؛ يقول الناشط الأردني طارق ديلواني- رئيس تحرير صحيفة الصوت الإخباري: “بالتاكيد مشاعر مليئة بالفرح والعزة ونشوة انتصار الحق والعدل على الباطل والطغيان؛ مشاعري هي مشاعر كل عربي حر يحلم بعالم عربي ديمقراطي، وبحياة كريمة”؛ مشيرًا إلى أنه “على ثوار ليبيا التروي وعدم الإستعجال في قطف ثمار النصر، لأن المعركة لم تنته بعد”.

ويؤكد هذه المشاعر الناشط الفلسطيني أبو معاذ من غزة؛ بقوله: “مشاعري هي مشاعر الواثق بنصر المظلومين، وسحق الظالمين،.. هذه الكلمات اظنها كافية؛ وأمنيتى هي أمنية الشعوب المنتفضة في كل مكان”.

“ألم ممزوج بالأمل”!

الناشطة المصرية سمية رمضان- كاتبة وشاعرة قالت: “إن مشاعري هي الألم الممزوج بالأمل، الألم حزنًا على هذه الأرواح التي زهقت، وحزنًا على المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة، والذين لقوا حتفهم أو أصيبوا؛ سواء في المصادمات بين الثوار والنظام السابق، أو بسبب هجمات الناتو، ولكن يبقى الأمل في أن تكون هذه الثورات بداية إن شاء الله للأمة الراشدة التي بشرنا بها النبي (ص)، وما ذلك على الله بعزيز”. وتضيف “نحتاج إلى الوحدة والتكامل بين دول العالم العربي كله، حتى تؤتي هذه الثورات ثمارها المرجوة إن شاء الله”.

سألتها: وماذا تتمنين لباقي الثورات المندلعة هنا وهناك في سوريا واليمن …إلخ؟؛ أجابت: “أتمنى أن يتعلم الحكام في هذه الدول، ويستفيدوا من الدرس جيدًا، ففتيل الثورة قد اشتعل، ولن ينطفئ إلا بتحقيق مطالب الثوار، وليعرفوا أن التاريخ سيسجل عليهم مواقفهم، ولهذا أتمنى ألا يغرهم الملك والجاه والسلطان، وأن يتذكروا أن إراقة دم مسلم واحد أكبر من ملكهم، فليتقوا الله في شعوبهم، فهم محاسبون أمام الله، وربما كان سقوط النظام الليبي البداية في تغيير مواقف هؤلاء الحكام”.

“أن لا نصبر على طغاتنا بعد اليوم”

ويقول أحمد عبد الرحيم، عضو الأمانة التنفيذية العليا بمنتدى النهضة والتواصل الحضاري بالخرطوم: “منذ مغرب السبت 20 رمضان، ومنذ بدء تباشير عملية “تحرير عروس المتوسط”، وأنا أتابع الشاشة لحظيًّا.. ويختلط فرحي بدموعي بدعائي أن يتم الله بالخير لإخواننا الليبيين والسوريين خاصة، وسائر إخواننا الثائرين عامةً.. وقبيل صلاة التهجد في تلك الليلة بدأت معالم العملية تتضح، ويظهر عمقها وآثارها..”.

ويضيف: “بين ركعات التهجد طلبت الكلمة في المسجد الكبير، الذي أصلي فيه بإحدى ضواحي العاصمة السودانية الخرطوم.. لم أتحدث كثيراً، بل حددت دعوتي للمصلين والمصليات أن يكثفوا الدعاء لإخواننا في ليبيا وسورية خاصةً، بأن يحقن الله تعالى دماءهم، ويصونَ أعراضهم، ويحفظ ديارهم وأموالهم، وبأن يتم الله تعالى لهم بالخير والسلام والإصلاح التام”.

ويتابع: “دعوت الله أن يعجل بقصم الظلمة المجرمين، وأن يشدد وطأته عليهم، وأن يكف عن إخواننا بأسهم فهو أشد بأساً وأشد تنكيلاً.. ثمة شيء آخر.. تمنيتُ أن لا نتأخر على أوطاننا بعد اليوم، وأن لا نصبر على طغاتنا عشرين وثلاثين وأربعين عاماً!، حرامٌ علينا إن كررنا أخطاءنا الجسيمة في حق أنفسنا وحق أوطاننا!”.

فيما يلي بعض الحقائق عن القذافي أطول زعماء العالم العربي بقاء في الحكم:

– ولد لراع بدوي عام 1942 في خيمة قرب سرت على ساحل البحر المتوسط. ترك دراسة الجغرافيا بالجامعة لينضم للحياة العسكرية وأمضى فترة قصيرة في مركز تدريب لسلاح الاشارة تابع للجيش البريطاني.

– تبنى قضية القومية العربية التي دافع عنها الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر وحاول دمج ليبيا مع مصر وسوريا في اتحاد لكن لم يحالفه النجاح. كما لم تكلل محاولة مماثلة في عام 1974 لضم ليبيا وتونس بالنجاح.

– في عام 1977 غير اسم البلاد الى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى وسمح للناس بالتعبير عن آرائهم في مؤتمرات شعبية.

– قصفت طائرات حربية امريكية ليبيا عام 1986 ردا على تفجير ملهى في برلين كان يرتاده جنود امريكيون.

– فرضت الامم المتحدة عام 1992 عقوبات للضغط على طرابلس لتسلم ليبيين لمحاكمتهما فيما يتصل بقضية تفجير طائرة أمريكية فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988 مما أصاب اقتصاد ليبيا الغنية بالنفط بالشلل وخفض من الروح الثورية لدى القذافي وخفف من حدة تصريحاته المناهضة للرأسمالية والمعادية للغرب.

– تجنب المجتمع الدولي التعامل مع القذافي خلال معظم فترة حكمه لان الغرب اتهمه بالارهاب غير انه تخلى عن برنامج ليبيا للاسلحة المحظورة عام 2003 مما أعاد البلاد الى الساحة السياسية العالمية.

– في سبتمبر ايلول 2004 رفع الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الحصار التجاري الامريكي رسميا عن ليبيا بعد أن تخلى القذافي عن برنامج التسلح وتحمل المسؤولية عن تفجير لوكربي.

– تظهر ميوله الاستعراضية بوضوح في زياراته للخارج حين ينام في خيمة بدوية تحت حراسة عشرات الحارسات. وخلال زيارة لايطاليا في اغسطس اب 2010 خيمت دعوة القذافي لمئات الشابات لاعتناق الاسلام على الزيارة التي استمرت يومين وكان هدفها تعزيز العلاقات بين طرابلس وروما.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 31 أغسطس 2011)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية