مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“أحداث كينيا.. إنذار لكامل إفريقيا”

نازحون في كينا يتابعون من بعيد احتراق منازلهم بعد اندلاع مواجهات عرقية في نايفاشا يوم 29 يناير 2008 Reuters

يرى المهندس الجغرافي السويسري أورس فيزمان أن الاضطرابات التي اندلعت بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في كينيا تعتبر بمثابة "صراعات دولة تقف على عتبة التطور العصري".

ويشتغل هذا الخبير في الشؤون الإفريقية حاليا في معهد أبحاث بكينيا تم إنشاؤه قبل بضع سنوات بمبادرة سويسرية.

استأنف ممثلو الأطراف المشاركة في النزاع الكيني يوم الجمعة 1 فبراير في نيروبي مفاوضاتهم تحت إشراف وسيط الاتحاد الإفريقي كوفي أنان.

ويرى الخبير في الشؤون الإفريقية أورس فيزمان أن “مجرد بحث كل من الفائز بالانتخابات الرئاسية في 27 ديسمبر مواي كيباكي، وخصمه رايلا أودينغا عن إمكانية التوصل لحل مشترك، يعتبر في حد ذاته إشارة أمل”.

وفي حديث مع سويس إنفو، قال أورس فيزمان: “إن 95% من الكينيين والكينيات جندوا أنفسهم ضد العنف، وقد ارتفع الضغط على الطبقة السياسية من أجل التوصل الى تسوية خلال الأسابيع الماضية بشكل كبير”.

أما الأهم من وجهة نظره، فهو أن النقاش العام لا يدور فقط حول الانتخابات ومن الفائز فيها، بل حول الأسباب التي تكمن وراء اندلاع موجة العنف الأخيرة في البلاد.

إحياء صراعات قديمة

ويشير الخبير الجغرافي إلى أن “وراء الاضطرابات التي اندلعت، توجد صراعات تم كتمها منذ مدة والتي وجدت في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2007 فرصة للبروز الى الواجهة”.

ومن هذه النزاعات هناك “صراع حول تقاسم الأراضي والموارد في وادي الريفت والذي يعود الى الفترة الاستعمارية، والصراع بين الأغنياء والفقراء الذي تفاقم أكثر لأن كينيا عرفت تطورا سريعا، وأخيرا الصراع حول النظام السياسي”.

مصالح اقتصادية

ويضيف الخبير السويسري أن اضطرابات كينيا لا تمثل عودة للصراعات القبلية والعنف الأعمى اللذين كانا سائدين في القرون الوسطى، بل إنها تشكل – على العكس من ذلك – عبارة عن مؤشرات لدولة توجد على “عتبة التطور العصري”.

ويؤكد فيزمان في حديثه مع سويس إنفو أن “كينيا متقدمة جدا مقارنة مع باقي الدول الإفريقية، بمستوى تعليم عال، وحرية صحافة متطورة، كما يتسم النقاش الدائر في وسائل الإعلام بمستوى رفيع، فضلا عن أن الاقتصاد عرف تطورا كبيرا، ومستوى النمو كبير جدا”.

ومع إقراره بأن للنزعة القبلية دورا في الصراع الحالي، فإنه يقول إنها ليست السبب فيه، بل تم استعمالها كوسيلة لخوض الصراع السياسي من أجل تقاسم الموارد والأراضي، وللمطالبة بتنمية ورفاهية المناطق الإقليمية.

تعاون في مجال البحث بين الشمال والجنوب

يشتغل أورس فايزمان في إطار برامج البحث بين الشمال والجنوب التي تقوم بها وكالة التنمية والتعاون السويسرية، ويمثل جانبا رياديا من هذا التعاون حيث يهتم مع زملاء له من كينيا وتنزانيا بمعالجة مشاكل مترابطة تتعلق بالاقتصاد وبالموارد الطبيعية والمائية.

وينتقد فيزمان المفهوم السائد في سويسرا وفي باقي أوروبا عن عملية التعاون، حيث يتم تصويرها على أنها مجرد محاربة للفقر. وإذا كان بالإمكان تقبل هذا المفهوم إلى حد ما بالنسبة للبلدان الفقيرة جدا، فإن الأمر بالنسبة لبلدان تشهد نموا قويا مثل كينيا، يتعلق بالدرجة الأولى بالتعاون من أجل تحسين التعليم والبحث العلمي وتطوير منظمات المجتمع المدني.

ويرى فيزمان أنه “عندما بدأت كينيا في التطور في بداية التسعينات، اختارت سويسرا الانسحاب منها لهذا السبب، وهذا تصور قديم لمفهوم التعاون في مجال التنمية”.

في صالح سويسرا

ومن هذا المنطلق، يبدو أن الأمر اليوم في كينيا لا يتعلق بتعاون يتطلب تزويدها بالمساعدة المادية المباشرة، بل بإقامة شراكة في تحالف واسع وشامل؛ إذ يقول أورس فايزمان إنه “من مصلحة سويسرا وأوروبا في هذا المجال، رؤية بروز دول في إفريقيا قائمة على أساس نظم مدنية ديمقراطية، وليس دول تابعة للأحلاف والقوى الكبرى”.

وكان أورس فيزمان قد حل بكينيا في بداية يناير 2008، في الوقت الذي بدأت فيه الاضطرابات. وقال في اتصال هاتفي معه أن “العنف تراجع نوعا ما في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. وأن هناك دوافع للتفاؤل لأنني متفائل بطبعي”.

سويس إنفو – سوزان شاندرا

(نقله من الألمانية وعالجه محمد شريف)

بعد الانتخابات الرئاسية التي تمت في شهر ديسمبر 2007، نشبت خلافات بسبب فرز الأصوات.

تم بعدها إعلان الرئيس الحالي مواي كيباكي الفائز الرسمي، لكن منافسه رايلا أودينغا احتج ضد النتائج وهو ما أدى الى اندلاع أعمال العنف.

وبدأ الصراع حول الأراضي والموارد في وادي الريفت ، كما امتدت أعمال العنف فيما بعد الى المناطق المحيطة ببحيرة فيكتوريا والى الأحياء الفقيرة في المدن الكبرى المحيطة بمومباسا.

كان الخبير الجغرافي البالغ من العمر 55 عاما قد عمل في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات لمدة أربعة أعوام في كينيا في مجال التعاون والتنمية.

وقد نتج عن هذا التعاون في منطقة نانيوكي بسفح جبل كينيا، وعلى بعد 200 كلم الى الشمال من العاصمة نيروبي، تأسيس معهد أبحاث كيني، وهو المعهد الذي يقضي فيه فيزمان فترة ستة أشهر كمتطوع من جامعة برن بالإضافة إلى تقديمه دروسا في جامعة نيروبي.

ويشغل أورس فيزمان منصب نائب مدير برنامج البحث الوطني بين الشمال والجنوب، وهو البرنامج الذي يحاول التخفيف من تأثيرات التغيرات الكبرى العالمية، عبر مشاريع مشتركة في مجال البحث. ويمول البرنامج كل من الصندوق الوطني للبحث العلمي في سويسرا ووكالة التعاون والتنمية السويسرية.

كما يدرس أورس فيزمان في مركز أبحاث التنمية والبيئة التابع لمعهد علوم الجغرافيا بجامعة برن.

swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية