مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“أربع خطوات إلى الأمام .. خطوتان إلى الوراء”

مجلس الأمة الكويتي في إحدى جلساته (تاريخ الصورة: 20 أكتوبر 2003) Keystone Archive

أقر مجلس الامة الكويتي يوم 6 مارس وباجماع نوابه قانونا جديدا للمطبوعات والنشر أسال الكثير من الحبر داخل الكويت وخارجه.

وقد اختلفت التقييمات بين مهلل لهذا القانون الذي وصف باللييرالي وبين منتقد لبعض ما جاء فيه وخاصة فيما يتعلق بتشديد الغرامات المالية على المخالفين.

أقر مجلس الامة الكويتي يوم الاثنين 6 مارس الماضي وباجماع نوابه الثلاثة والخمسين بمن فيهم الوزراء، قانونا جديدا للمطبوعات والنشر أسال الكثير من الحبر داخل الكويت وخارجه بين مهلل ومصفق لهذا القانون الذي وصف بـ “الليبرالي” وبـ “الدعامة الجديدة للسلطة الرابعة والمشهد الديمقراطي عموما” في الكويت، وبين منتقد خاصة فيما يتعلق بتشديد الغرامات المالية على المخالفين ما سيقوي النزعة الرقابية لدى رؤساء التحرير وأصحاب الصحف على المحررين والكتاب عموما وهو أمر قد يؤدي إلى “تضييق هامش الحرية في البلاد”، حسب رأي البعض.

وقد تزامن التصديق على القانون مع بداية العهد الجديد في الامارة وتولي الامير الجديد صباح الاحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في أعقاب وفاة الامير السابق وكذلك تعهده بمواصلة سياسة الاصلاح التي بدأتها الجكومة السابقة. وهنا تجدر الاشارة الى ان القانون الجديد للمطبوعات والنشر ولد من رحم الحكومة السابقة التي وضعت مشروعه لتعديل القانون الحالي والذي عفا عنه الزمن في العديد من بنوده.

إيجابيات أاربع

نقيب الصحافيين والمراسلين في الكويت زايد الزيد، لخص في حديث مع سويس إنفو القانون بالقول: “إنه يمثل اربع خطوات الى الامام وخطوتان الى الوراء”.

وتتمثل الخطوة الايجابية الاولى في الترخيص لصحف وإصدارات جديدة خاصة وأن آخر صحيفة سمح لها بالصدور في الكويت هي صحيفة “الانباء” التي شهدت النور عام 1976 ذلك ان الحكومات الكويتية المتعاقبة كانت تحظر ترخيص أي اصدار جديد وهكذا بقي المشهد الاعلامي مقتصرا على خمس صحف فقط باللغة العربية تمتلكها خمس عائلات إضافة الى صحيفتين باللغة الانجليزية وعشرات الاصدارات الاسبوعية.

وقد اشاد وزير الاعلام الكويتي اس الرشيد بالقانون الذي راى فيه “انجازا كبيرا سيساهم في توسيع هامش حرية الصحافة” في الدولة. و اضاف الوزير قوله أن “الكويت لا تخشى الكلمة الحرة بل ان الخوف ياتي من تكميم الافواه”.

من جهته اوضح زايد الزيد أن القانون الجديد سيسمح للتيارات السياسية (التي لخصها في ثلاث توجهات، وهي التوجه الليبرالي وتوجه الاخوان المسلمين إضافة الى الحزب الاسلامي الشيعي) بالحصول على اصدارات ناطقة باسمها.

وقد اشار الوزير الى ان الكثير من الكويتيين تقدموا بعدُ بطلبات للحصول على تراخيص بالرغم من ان القانون الجديد لن يدخل حيز التنفيذ الا بعد إقرار الحكومة للائحة التي تحدد الاجراءات التفصيلية لتطبيقه وهي عملية تتطلب ستة اشهر بحسب الوزير.

كما يمكن القانون الجديد المواطنين الذين ترفض طلباتهم بالتقدم بشكوى ضد الحكومة امام المحكمة على عكس القانون السابق الذي كان ينص على حقهم في التقدم بشكوى امام الحكومة، التي كانت بذلك الخصم والحكم في آن واحد.

اما الخطوة الايجابية الثانية بحسب نقيب الصحافيين والمراسلين في الكويت فتتمثل في الغاء عقوبة السجن للصحافيين عدا في حالات المساس بالذات الالاهية او الانبياء او الصحابة او آل البيت وزوجات الرسول او باصول العقيدة الاسلامية.

و قد حددت العقوبة في هذه الحالية بسنة واحدة سجن كحد اقصى اضافة الى دفع غرامة مالية تتراوح بين 17 الفا و 70 الف دولار. اما الذين ينتقدون الامير فيحكم عليهم بدفع غرامة بين 17 الفا و سبعين الف دولار. و كانت الغرامات في القانون السابق لا تتجاوز 340 دولارا. كما ينص القانون الجديد على جواز استخدام عقوبات بالسجن لفترات طويلة تصل الى المؤبد لمن يدان بنشر تحريض على قلب نظام الحكم بالقوة او بطرق غير مشروعة. ويمنع القانون الجديد ايضا اعتقال الصحفيين خلال التحقيق معهم في تهمة موجهة اليهم وذلك قبل صدور حكم من المحكمة في حقهم.

أما النقطة الايجابية الثالثة، فهي تتعلق – دائما حسب نقيب الصحافيين والمراسلين – بحظر تعطيل جريدة إلا بحكم قضائي وهو ما يقودنا ايضا الى النقطة الايجابية الرابعة والمتعلقة بعدم التمكن من سحب الرخصة إلا عن طريق المحكمة.

تشديد الغرامات من أهم السلبيات

من ابرز المآخذ على القانون الجديد ما ورد في البند التاسع عشر والمتعلق بتشديد الغرامات المالية والتي تم الترفيع فيها من 340 دولارا للمخالفة الى سبعين الفا وهي النقطة التي ركز عليها النواب الليبراليون في انتقادهم للمشروع. كما اوضح نقيب الصحافيين لسويس إنفو أن “هذه النقطة بالذات ستساهم في تضييق هامش حرية التعبير في الكويت”.

ذلك ان رؤساء التحرير وأصحاب الصحف سيشددون من مراقبتهم على الكتابات خوفا من دفع غرامات مالية مرتفعة وسيتحولون الى رقيب يكثف من تدخلاته في الكتابات ويمنع ما يشتم منه رائحة المخالفة أو ما يحمل أوجها عدة للتفسير.

وفيما يتعلق بعقوبة السجن اعتبر المنتقدون أن القانون الجديد لم يلغها ذلك ان العقوبة بامكانها ان تاتي من قوانين أخرى خصوصا وأن القانون الجديد لم ينص صراحة وبشكل واضح على أن سجن الصحافيين لا يمكن ان يتم إلا من خلاله وليس من خلال قوانين أخرى.

وفي السياق نفسه، انتقد النواب الاسلاميون في مجلس الامة الكويتي تراخي القانون في معاقبة التجاوزات الدينية وخاصة النواب الشيعة في المجلس الذين ضغطوا في اتجاه اضافة الفقرة المتعلقة بآل البيت أو زوجات النبي الى نص المادة وهو التعديل الذي أثار نقاشا بين النواب الشيعة والنواب الاسلاميين إذ لاحظ البعض بان “قانون المطبوعات أفرد أمهات المؤمنين بالنص ولا بد من نص لال البيت توقيرا لهم”، فيما أشار البعض الاخر الى ان “المنطقة تمر بظروف معينة تستوجب إضافة عدم المساس بآل البيت في القانون”.

قانون توفيقي

في هذا الصدد يقول نقيب الصحافيين والمراسلين في الكويت لسويس إنفو: “إن الفقرة المتعلقة بال البيت اضيفت الى القانون تفاديا لاي خلافات طائفية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة ككل خاصة وأن حربا اهلية تطل برأسها في العراق المجاور”.

واعتبر البعض الاخر أن اضافة هذه الكلمة يصون المجتمع من عدم طرح الخلافات المذهبية على صفحات الجرائد وتسللها الى العقول والبيوت ما قد تنجر عنه عواقب وخيمة وهو ما جعل القانون الجديد قانونا توفيقيا وجدت فيه مختلف التيارات ما يرضيها وما يغضبها في آن واحد.

غير ان الحكومة الجديدية لم تعط لمختلف التيارات هامشا من التحرك اذ قدمته على اعتباره قانون الفرصة الاخيرة لا غير ووضعت النواب امام خيارين لا ثالث لهما: اما المصادقة عليه أو طيه ومواصلة العمل بالقانون القديم. وهو ما جعل المصادقة على القانون بالاجماع وعلى قاعدة “خذ وطالب”، إذ يعتبر الجميع أن القانون ليس قرآنا منزلا وبالامكان المطالبة بتعديله لاحقا.

ومهما كانت سلبيات هذا القانون إلا انه يحافظ على مكانة الكويت في مصاف الدول العربية التي تحظى فيها الصحافة بهامش كبير من الحرية بل انها تدعمها. ذلك أن هامش الحرية الإعلامية المتوفر في الكويت يعود إلى السبعينيات من القرن الماضي وليس وليد اليوم أو نتيجة ضغوط أمريكية أو غربية.

رفيقة محجوب – دبي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية