مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استئناف العمل ببرنامج يوفر التدريب المهني للاجئين في سويسرا

مشاركان في برنامج تدريبي خاص باللاجئين في مجال الطهي يعرضان ما أنجزاه. Hotel & Gastro Formation

بعد انقضاء عقد من الزمن على إطلاق تجربة أولية لِجَسّ النبض، تود سويسرا أن تتيح للاجئين على أراضيها إمكانية الوصول إلى نظامها المعمول به للتدريب المهني من خلال مبادرة وطنية جديدة. لكن من المؤكد أن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها.

المزيد

المزيد

اللّجوء من خلال الأرقــــــــــــــــــام

تم نشر هذا المحتوى على وفيما يستعد السويسريون للتصويت على اعتماد قوانين لجوء أشد صرامة في يونيو 2013، يُستحسن إجراء مقارنة بين كيفية تعامل الكنفدرالية والبلدان المجاورة عندما يتعلق الأمر باستضافة اللاجئين الذين يطرقون أبوابها طلبا للأمن والإستقرار.

طالع المزيداللّجوء من خلال الأرقــــــــــــــــــام

عندما كانت تعيش في كوبا، كانت تاميلا غارسيا كوينتيرو تعمل كأمينة مَكتبة. وقد كان هذا قبل فرارها من موطنها وإقامتها في سويسرا كلاجئة سياسية رفقة والدتها وابنتها منذ 15 عاما.

“كنت أذهب لمكتب التشغيل باستمرار بحثاً عن فرصة عمل، ولكني لم أوفق في العثور على أي شيء”، كما وصفت حياتها بعد انقضاء بضعة أعوام على وصولها للكنفدرالية لـ swissinfo.ch. ولمّا أصبح واضحاً لديها أنها لن تجد عملاً مُشابها لذلك الذي كانت تمارسه في كوبا، قامت في عام 2006 بالتسجيل في دورة مخصصة للتدريب المهني للاجئين تستغرق عاماً واحداً. وكان الهدف من هذه الدورة تعليم المشاركين كيفية المساعدة في أعمال المطابخ والمطاعم، وحصول المُتدرب على دبلوم بهذا المجال في نهاية المطاف. 

حينها، كان هذا الإجراء عبارة عن مشروع تجريبي قاده كريستوف بلوخر – وزير العدل آنذاك – بهدف الجَمع بين إجراءات تعلم اللغة والإندماج والتدريب المهني، أو ما أطلق عليه “التعلم بالممارسة” في مكان واحد، ومن خلال ثلاثة عروض توزعت في أنحاء البلاد.

وكان الطلاب المشاركون في أول صف للتدريب المهني في مجال خدمات الطعام ينحدرون من مختلف أنحاء العالم، مثل إيران، وسريلانكا، والتيبت، وتوغو، وتركيا وغيرها. ولم يكن من قاسم مشترك بين هؤلاء، سوى كونهم من اللاجئين الحاصلين على تصاريح إقامة في سويسرا، ورغبتهم جميعا في الحصول على عمل.

وعندما إنطلق هذا البرنامج في عام 2006، كان نحو ثلاثة أرباع اللاجئين المُعترف بهم في البلاد عاطلين عن العمل. ولم تتحسن هذه الأرقام بمرور الوقت – وفق دراسة أجرتها المفوضية العليا للاجئينرابط خارجي في عام 2014، والتي أظهرت عَدَم عثور سوى شخص واحد من بين كل خمسة لاجئين على عمل في الأعوام الخمسة الأولى التي تلي وصولهم – حيث تكون الحكومة الفدرالية مسؤولة عنهم – بالرغم من توفر العديد من العروض التدريبية على مستوى الكانتونات.

وفي ظل هذا الوضع، وافقت الحكومة الفدرالية في ديسمبر 2015، على إحياء المشروع التجريبي “التدريب المهني للاجئين”، في إطار مبادرة وطنية أوسع، تستهدف مطابقة احتياجات أرباب العمل مع كفاءات اللاجئين المستعدّين لدخول سوق الشغل.

ولا عجب في أن يكون الوضع ملحاً بعض الشيء، مع توافد المزيد من طالبي اللجوء إلى سويسرا في كل يوم، وبقاء نسبة أكبر منهم في الكنفدرالية في نهاية المطاف مقارنة بالماضي.

محتويات خارجية

على الجانب الآخر، تكافح أعداد متزايدة من الشركات التي توجد مقراتها في سويسرا – ولا سيما في بعض المجالات – للعثور على المتدربين. كما يبرز هناك أيضاً قرار الناخبين السويسريين قبل عامين للحَد من الهجرة الوافدة من الاتحاد الأوروبي [مبادرة “الحد من الهجرة المكثفة] وإعطاء الأولوية لسوق العمل المحلي.

وقال اريك كاسَر، نائب رئيس دائرة الإندماج في كتابة الدولة للهجرةرابط خارجي: “لقد أصبحنا مُطالبين في ضوء نتائج هذا التصويت بالتفكير في كيفية الإستفادة من إمكانات سوق عمل اللاجئين بشكل أكثر فاعلية وتحديداً، إلى جانب ما هو قائم الآن بالفعل”، كما قال

وكان فريق كاسَر قد عثر على ثغرتين في النظام؛ أولاهما عدم التصدي لمشكلة تعلم اللغة في وقت مبكر بما فيه الكفاية، وثانيهما عدم توفر الإتصالات الكافية بين احتياجات سوق العمل والمهارات التي يقدمها اللاجئون.

وضع الأساس

غارسيا كوينتيرو من جانبها تتفق بأن تعلم اللغة هو أساس كل حل. “كان تواجد خليط من مُختلف الأعمار والخلفيات في الصف أمراً جيداً”، كما تقول وهي تستذكر دورة التدريب المهني التي إلتحقت بها في عام 2006. “لكن كان سيكون من الأفضل لو كان مستوى الجميع متقارباً في مستوى إتقان اللغة الألمانية”.

ووفقاً لـ كاسَر، تفضّل كتابة الدولة للهجرة البدء بتدريب اللاجئين بأقرب وقت ممكن، حتى قبل صدور قرار السماح لهم بالبقاء في سويسرا. بَيد أنَّ هذا الإجراء سيثير مسائل قانونية معقدة – حيث لا يسمح القانون الحالي للأجانب في سويسرا – من الناحية التقنية – بتلقي أي تدريب قبل حصولهم على ترخيص الإقامة الدائمة.

في المقابل، يُوضح كاسَر أن الدَعم المُقدَّم من الحكومة لأحدث برنامج تدريب تجريبي يُضفي الشرعية على التعامل في تلك المنطقة القانونية الرمادية. وهكذا، فإن بإمكان السلطات الآن اختبار استراتيجيات جديدة لمساعدة اللاجئين الذين يملكون فرصا للبقاء بسويسرا على المدى الطويل، والعمل على تحسين مهاراتهم اللغوية حتى قبل تسلمهم لقرار اللجوء.

“نحن نريد أن يحصل الأشخاص الذين يتوفرون على إمكانات تسمح ببقائهم على المدى الطويل – مثل أولئك القادمين من إريتريا أو أفغانستان أو سوريا – على تدريب لغوي مُكثف ومُحدد منذ وقت مُبكر”، كما يقول.

محتويات خارجية

 الموائمة الأفضل لاحتياجات الإقتصاد

في السياق ذاته، إضطر علي سلطاني، وهو خريج آخر لأول صفٍ للتدريب المهني للاجئين نُظِّم قبل عشرة أعوام، إلى إنتظار قرار السلطات بشأن إمكانية بقاءه في البلاد قرابة العامين. وحيث كان سلطاني يشتغل في قطاع المطاعم في وطنه إيران قبل مجيئه إلى سويسرا، وكان حصوله على فرصة للتدريب في مجال الخدمات الغذائية مناسباً تماماً.

وعقب إكماله لهذه الدورة التدريبية، وُفِّق سلطاني في العثور على عمل، ولكنه كان في حقل مختلف تماما، حيث عُهد إليه في هذه الوظيفة التي يعمل بها إلى اليوم بِنَصب التجهيزات في أحد المختبرات. مع ذلك، يتمنى سلطاني الإستقلال بنفسه والعودة للعمل في قطاع الخدمات الغذائية، لأنه كما يقول أيضاً “لم يَحصل على أي زيادة في مرتبه منذ أعوام”.

“من المؤكد أن تدريبي المهني ساعدني في العثور على وظيفة، لأنني كنت أتوفر على مَرجع ودليل يثبت حصولي على تدريب ما”، كما قال. لكنه يضيف أنه من غير الواضح لديه تماماً حتى اليوم، وبعد مُضي عشرة أعوام، ما هو العمل الذي يسمح له الدبلوم الذي حصل عليه القيام به بالفعل.

وقد يكون جزءٌ من هذا الارباك نابعاً عن تَعَدُّد البرامج التدريبية التي تقدمها سويسرا للاجئين، والتي تنفرد إحداها عن الأخرى ببعض الميزات الطفيفة اعتمادا على الكانتون. واليوم، تأمل الحكومة الفدرالية وكتابة الدولة للهجرة من خلال اللجوء لأحدث برنامج تدريبي، بالتوصل إلى أفضل موائمة لاحتياجات الإقتصاد والعُمال المُستعدين لملء هذه الشواغر على حد سواء، مما يتيح للاجئين في نهاية المطاف الوصول إلى نفس نظام التدريب المهني الذي ينتمي إليه 70% من الفئات الشبابية في سويسرا.

ويقول كاسّر: “قبل بضعة أعوام، لم تكن هناك سوى أمثلة معزولة لشركات تقدم مثل هذه الفرص، لكننا نلاحظ اليوم تضاعف أعداد الشركات التي ترى إمكانية في توظيف اللاجئين الشباب المُتحمسين، بسبب الصعوبات التي تعانيها في العثور على ما يكفي من المتدربين”.

لا وجود لحلٍ سريع

رغم كل شيء، سيستغرق تنظيم هذا الأمر بعض الوقت. وكما يقول كاسَر، سوف يُخصّص عام 2016 للتحدث مع الكانتونات، والتعَرُّف على البرامج المُتاحة التي يمكن تكييفها، ومن ثَمَّ تقديم مُقترح للتمويل بحلول نهاية العام. ومن غير المُتوقع أن يتم التعاقد مع المُدربين وإنشاء هياكل تختص بمطابقة الشركات مع الموظفين من اللاجئين قبل حلول عام 2017 أو 2018 على أقرب تقدير.

“إنه مشروع طويل الأجل”، يُضيف نائب رئيس دائرة الإندماج في كتابة الدولة للهجرة، “لكننا نأمل أن يؤدي إلى حالة أطول أمدا مما لو إعتمدنا الوظائف القصيرة المدى، التي لا يميل الأشخاص فيها إلى العثور على النجاح على المدى الطويل. فضلاً عن ذلك، فإن آفاقهم سوف تختلف في حال سلوكهم طريق التدريب المهني”، على حد قوله.

أما غارسيا كوينتيرو، فقد عثرت على وظيفة طويلة الأجل في نهاية المطاف بعد بضعة زيارات إضافية إلى مكتب البطالة. وهي تعمل اليوم بدوام جزئي كمساعدة للخدمات الغذائية في المدارس، على أمل الحصول على المزيد من ساعات العمل بعد تقاعد إحدى زميلاتها. وهي تسأل دائماً عن أحوال زملائها السابقين في الدراسة عندما تصادفهم في أنحاء المدينة المختلفة. ومع أن الأمر تطلَّب بعض الوقت، ولا سيما للأكبر سناً “لكن جميعهم يتوفر على وظائف اليوم”، كما تقول.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية