مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“التعايش والتسامح… لا زالا تحديا يوميا”

في قرطبة، حذر مسؤول سويسري خلال مؤتمر عقدته منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من خطر تفاقم ظاهرة عدم التسامح تجاه المسلمين في أوروبا.

واعتبر أنطون تالمان، نائب كاتب الدولة للشؤون الخارجية، أن عدم التسامح على أساس الدين، يُـمثل توجّـها خطيرا يمَـس قِـيما سويسرية أساسية.

اختارت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عقد هذا المنتدى في مدينة قرطبة، ذات التاريخ الإسلامي واليهودي والمسيحي، باعتبارها تعكِـس، تاريخيا، قِـيم التسامح المنشود.

وفي مداخلته أمام الاجتماع، الذي حضره 300 مشارك قدموا من البلدان الأعضاء في المنظمة الخمس والستين، يومي 9 و10 أكتوبر الجاري، قال المسؤول السويسري “إن التعايش بين أشخاص من ديانات مختلفة، يُـمثل تحديا يوميا”.

ورحّـب تالمان، الذي خاطب المؤتمر حول عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين، المنعقد في قرطبة بإسبانيا يوم الثلاثاء 9 أكتوبر، بالزيارة التي يعتزم السيد عمر أورهون، الممثل الشخصي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا المعني بملف مكافحة عدم التسامح والتمييز تجاه المسلمين، القيام بها إلى سويسرا في شهر نوفمبر القادم.

وكانت هذه الزيارة قد أجِّـلت إلى ما بعد إجراء الانتخابات العامة يوم 21 أكتوبر الجاري، بطلب من وزارة الخارجية السويسرية.

سويس إنفو أجرت يوم 10 أكتوبر حديثا عبر الهاتف مع الدبلوماسي السويسري في قرطبة.

سويس انفو: يهتم مؤتمر قرطبة بقضية عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين. هل تواجه سويسرا إشكالية في هذا المجال؟

أنطون تالمان: وفّـر المؤتمر فرصة لمقارنة وضعية المسلمين في بلدان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومناقشة أوجه الشبه والفوارق. لقد كان هناك اتفاق عام على أنه سُـجّـل ارتفاع ملحوظ في الماضي القريب في خطر عدم التسامح ضد المسلمين بوجه خاص، ولكن ضد مجموعات دينية أخرى أيضا.

بطبيعة الحال، سويسرا ليست محصّـنة ضد وقوع أحداث ناجمة عن عدم الفهم والخوف، وقد قلت إننا على وعي تام بذلك. من المهم ملاحظة أن معظم وجهات النظر كانت متشابهة جدا وبدا أن الجميع يعانون من نفس المشكل.

سويس انفو: ما هي الإجراءات العملية التي اقتُـرحت في المؤتمر لمكافحة عدم التسامح؟

أنطون تالمان: تتمثل الخطوة الأولى في التعرف على المشكلة والاعتراف بها، وهو ما يتطلّـب مقاربة متعددة الأوجه عبر برامج تعليمية لتعزيز التسامح والاحترام للآخرين.

هناك حاجة لتشجيع الجاليات المسلمة على العمل يدا بيد مع السلطات، كما نحتاج إلى تجميع المعطيات حول جرائم الكراهية ومحاولة اعتماد تشريعات ملائمة. هناك أيضا حاجة لصحافة مسؤولة، إذ يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب دورا إيجابيا مهما في الترويج للتفاهم بين الثقافات والأديان.

سويس انفو: ما الذي يمكن للمسلمين أن يقوموا به لتحسين موقفهم في المجتمع السويسري؟

أنطون تالمان: بإمكانهم استعمال الوسائل المتوفرة ضمن المؤسسات السويسرية للدفاع عن قضاياهم. إن هذا من حقهم باعتبارهم مواطنين.

سويس انفو: وماذا في صورة ما إذا كانوا غير مواطنين، بسبب نظام التجنيس البطيء؟

أنطون تالمان: إنها عملية تحتاج إلى وقت، وعليهم الدفاع عن الحقوق المتاحة لهم. فليس بالإمكان حِـرمان أجنبي يقيم في الأراضي السويسرية من حقوقه الإنسانية، وهذا أمر يُـمكن لهم أن يدافعوا عنه بنشاط.

سويس انفو: يُـشكل المسلمون في سويسرا أكبر مجموعة دينية بعد المسيحيين. هل هناك شعور بوجود “فائض” من المسلمين في سويسرا؟

أنطون تالمان: لا أعتقد ذلك، فلدينا تقاليد عريقة من الحوار بين الأديان في سويسرا. إن القضية لا تتمثل في تِـعداد الأشخاص الموجودين لدينا، بل كيف يُـمكن لهم أن يندمجوا وأن يدافعوا عن حقوقهم في إطار الدستور السويسري والحريات، التي يمنحها.

الدولة تضمن الحرية الدينية والتعايش بين الأشخاص المنتمين إلى خلفيات دينية مختلفة، وهو ما يمثل تحديا يوميا.

سويس انفو: ما هو مغزى الزيارة التي سيقوم بها السفير أورهون إلى سويسرا في نوفمبر القادم؟

أنطون تالمان: إنني أعتقد أنها زيارة مهمّـة، لأنه يقوم بدراسة مختلف البلدان في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بناء على جملة من المقاييس المشتركة، وهو يحاول الترويج لمسألة الاحترام والتسامح لجميع الديانات.

وبطبيعة الحال، فإن سويسرا الفخورة بحرياتها، مهتمّـة جدا بالقيام بدورها في هذه العملية.

سويس انفو – أجرت الحوار كلير أودي

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف)

ناقش أول مؤتمر كبير تشهده أوروبا حول التمييز ضد المسلمين برعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، موضوعي دور التربية ووسائل الإعلام، قبل أن يختتم يوم الأربعاء 10 أكتوبر في قرطبة جنوب إسبانيا، برفض القوالب السلبية التي تسبغها أجهزة الإعلام على المسلمين، كما رفض الربط بين الإرهاب والإسلام.

وشدّد وزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس على دور التربية في مكافحة هذه الظاهرة المتصاعدة، والتي تطال 15 مليون مسلم يقيمون في أوروبا.

وقال الوزير الإسباني، في بيان نهائي، إن “التربية تشكل أداة أساسية في تفادي التمييز بحق المسلمين ومعالجته”، واعتبر المؤتمرون أن التربية يمكن أن تشكِّـل عامل تمييز، إما بترويج قوالب عن الإسلام وإما بالحؤول دون انتساب الشبان المسلمين الأوروبيين إلى المدارس.

وأسف عبد النور برادو، مدير المؤتمر الدولي للدفاع عن النساء المسلمات لأن “النقاش يركِّـز غالبا على قضية الحجاب ويتجاهل مشكلات حِـرمان المسلمين من التربية”.

ومن جهته، لاحظ يوانيس ديميتراكوبولوس من الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، أن الدراسات تظهر أن “التلاميذ المسلمين معرّضون للرسوب في المدرسة أكثر من سواهم”.

وشكّـلت وسائل الإعلام، العنوان الثاني الكبير الذي هيمن على المؤتمر، وشدد كيس برانتس، استاذ التواصل السياسي في جامعة أمستردام على أن “الصورة عن الإسلام التي تروِّج لها تلك الوسائل منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، غالباً سلبية”، وأضاف الجامعي الهولندي أن “المسلم المتوسط الحال صاحب الأخلاق الحميدة، غائب تماما عن وسائل الإعلام”.

وأوضح برادو أن “المسلم المتطرف والعنيف” و”المساجد التي تحوّلت مكانا للتآمر”، يشكلان مثالين للقوالب التي تبثها وسائل الإعلام، لكن بعض الإعلاميين المحترفين حرِصوا على رفض هذه الانتقادات.

وعلق فرانشيسكو باستيرا، مدير قناة “سي إن إن بلاس” الإخبارية الإسبانية “نحن نطفئ الحرائق ولا نشعلها”، وأضاف: “ليس دورنا تغيير العالم، بل تقديم المعلومات بموضوعية، والأخبار الجيدة، لا تصنع عناوين جذّابة”. (المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية أ.ف.ب. بتاريخ 11 أكتوبر 2007)

تضم هذه المنظمة المعنية بالأمن والاستقرار في أوروبا، 56 دولة في صفوفها، وتهتم بالأبعاد السياسية – العسكرية والاقتصادية – البيئية والإنسانية في المجال الأمني.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، عمِـل عمر أورهون، (الذي سبق له أن ترأس بعثة تركيا لدى المنظمة من عام 2000 إلى 2004)، ممثلا شخصيا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمكافحة عدم التسامح والتمييز تجاه المسلمين.

كان من المقرر أن يزور السيد أورهون سويسرا في وقت سابق من العام الجاري، لكن زيارته أجِّـلت بطلب من الحكومة السويسرية لما بعد موعد الانتخابات العامة المقررة يوم 21 أكتوبر.

سيقوم السيد أورهون بزيارة سويسرا في شهر نوفمبر القادم، باسم الرئاسة الإسبانية للمنظمة، وسيُـجري لقاءات مع عدد من الجهات السويسرية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية