مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“السياسة الخارجية تبدأ من داخل البيت”

تسعى ميشلين كالمي - ري إلى معرفة رأي المواطن العادي في السياسة الخارجية لبلاده Keystone

في بادرة جديدة، دعت وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري المواطنين إلى حوار مفتوح حول السياسة الخارجية لسويسرا.

لتحقيق هذا الهدف، نشرت وزارة الخارجية مطبوعة تحمل عنوان “حوار”، بهدف جسّ النبض واستطلاع رأي المواطنين حول قضايا أساسية، مثل الحياد والانخراط لفائدة السِّـلم والتعاون من أجل التنمية.

“السياسة الخارجية من خلال الحوار”، هذا هو العنوان الذي حملته المطبوعة، التي استعرضت بطريقة سهلة ومبسطة 6 أوجه محورية للحضور السويسري في العالم، وهي محاولة جديدة لتجسيم أسلوب الدبلوماسية الشعبية، الذي دشّـنته الوزيرة منذ استلامها للمنصب في عام 2002.

السيدة كالمي – ري، شددت لدى عرضها للمطبوعة قبل أيام في برن، على أنها “تمثل أداة لديمقراطيتنا ولسياستنا الخارجية”، مضيفة بأن واجبها الشخصي لا يقتصر على تمثيل سويسرا على المستوى الدولي، بل في إعلام السكان أيضا.

المواجهة السياسية

أهمية الإعلام والتواصل مع أوسع فئات السويسريين، ظهرت جلية في عدة مناسبات، من بينها ثلاث اقتراعات شعبية، تتعلق بالسياسة الخارجية، حظيت بتأييد الناخبين في العامين الأخيرين، لذلك، تقول كالمي – ري “إن ديمقراطيتنا المباشرة، تتغذى من النقاش والمواجهة السياسية”.

ويستند الحوار، الذي تسعى عضوة الحكومة الفدرالية إلى إجرائه مع المواطنين، إلى قناعة تتمثل في أن السياسة الخارجية تنطلق من داخل البيت، لذلك، صرّحت في الندوة الصحفية، التي عرضت فيها المطبوعة على وسائل الإعلام “إن صوت سويسرا يحظى بمصداقية أكبر، إذا ما كان مدعوما من طرف السكان”، كما أن جودة أداء السياسة الخارجية، لا تتوقف فقط على الدبلوماسيين، ولكن على المواطنين أيضا، على حد تعبيرها.

محاولة جدية للحوار

السيدة كالمي – ري أكدت أنه من المهم أن يفهم السكان كيف تشتغل السياسة السويسرية، وقالت “إن صوتنا في الخارج خُُـلاصة مكثفة لهويتنا”، وعبّـرت عن الرغبة في أن يتّـسم المواطنون والمواطنات بالإيجابية وأن يطرحوا أسئلة ويوجّـهوا انتقادات ويتقدموا بمقترحات.

وقالت عضوة الحكومة الفدرالية “إننا لسنا جزيرة والعالم يتغيّـر كثيرا. يجب أن نحُـل المشاكل مع بعضنا البعض”، لذلك، إذا لم تنخرط سويسرا بفعالية في الخارج، فإنها لن تقيم الدليل على قلة تضامنها، بل سيتوجب عليها أن تخضع بسلبية لقرارات لم تشارك في اتخاذها.

الخبير هانس هيرتر من معهد العلوم السياسية بجامعة برن، لا يرى جديدا في المطبوعة، لكنه يعتبرها نشرية ضرورية، ويضيف أنه من جهة أخرى، فإن جس نبض السكان حول قضايا السياسة الخارجية، أكثر أهمية من مسائل السياسة الداخلية المعروفة بشكل أفضل من طرف المواطنين.

من جهته، يذهب البروفيسور لوران غوتشل من المعهد الأوروبي في بازل، إلى أن مبادرة وزيرة الخارجية تمثل “محاولة حقيقية للحوار مع الجمهور، وليست مجرد عملية علاقات عامة”.

التحديات الرئيسية

تسلط المطبوعة الضوء من خلال أمثلة ملموسة على الأوجه والتحديات الأساسية للسياسة الخارجية للكنفدرالية. فمن بين المواضيع المطروحة، هناك السياسة المتعلقة بإقرار السلام والعلاقات مع أوروبا والتعاون من أجل التنمية، وهي مسائل تنشغل بها يوميا الدبلوماسية السويسرية ولها انعكاسات مهمّـة على الشعوب الأجنبية وعلى المواطنين السويسريين على حدٍّ سواء.

إضافة إلى ذلك، توضح المطبوعة بعض الأوجه المميِّـزة للسياسة السويسرية، مثل الحياد ودور جنيف، باعتبارها مقرا للعديد من المنظمات الدولية. وفيما يتم تقديم الحياد، على اعتبار أنه يمثل أداة للتأقلم بشكل مستمر مع تحولات الأوضاع، والذي لا يمكن أن يُـغمض الأعين بوجه فظاعات الحرب، توضَّـح أهمية جنيف عبر متابعة ليوم عمل للسفير بليز غودي، رئيس البعثة السويسرية لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف.

بطبيعة الحال، لم تُـغفِـل المطبوعة دور السفارات والقنصليات، واستعادت الدور الذي لعبته في إحدى الحالات الطارئة الخطيرة (حرب لبنان لصيف 2006) وقدّمت صورة سويسرا في 16 بلدا في العالم.

إجمالا، لا تزيد المطبوعة عن 50 صفحة أعِـدّت باللغات الوطنية الثلاث (الألمانية والفرنسية والإيطالية) وهي لا تشكِّـل دليلا شاملا حول السياسة الخارجية السويسرية، بل ملخّـصا لأوجُـهها الرئيسية.

وقد أرفِـقت كل نسخة باستجواب جاء في ورقة وحيدة، تضمّـنت عددا من الأسئلة، ستُـساعد إجابات المواطنين عنها على ربط قنوات الحوار مع السيدة كالمي – ري.

الوزيرة أكّـدت أيضا، أن الأمر لا يتعلق بسبر للآراء وأن الأسئلة ليست ذات أهداف إحصائية أو عِـلمية، وشدّدت على أن وزارتها تريد فعلا أن تعرف آراء الناس.

من جهة أخرى، لن تؤدّي مشاركة مكثفة في الإجابة على الأسئلة من طرف المواطنين إلى إرغام الحكومة على طاعة الشعب في مجال السياسة الخارجية، التي يجب أن تظل على الدوام في خدمة سياسة سويسرا في الخارج، مع ذلك، لم تنفِ كالمي – ري أن الأجوبة سيكون لها “تأثير أكيد” على قرارات وزارة الخارجية.

سويس انفو مع الوكالات

دُُعي السكان السويسريون إلى الإجابة عن الأسئلة التالية عبر البريد أو الإنترنت:
الحياد، هل تم تجاوزه؟
سويسرا، هل هي ممثلة بشكل جيد في الخارج؟
هل يجب على سويسرا أن تفعل المزيد من أجل السلام؟
هل كسبت سويسرا المزيد من الشهرة بانضمامها إلى الأمم المتحدة؟
هل ننضم إلى الاتحاد الأوروبي أم نواصل المسار (الثنائي) الحالي؟
ما هي الفائدة من التعاون من أجل التنمية؟

تضع هذه العملية المواطن “الذكي” (أي المسؤول وصاحب القرار المستقل) في قلب النقاش السياسي، وهو أمر يجب القيام به بحماس ولكن بعقلانية.

هذا النموذج الذي يُـطلق عليه اسم “من الأسفل إلى الأعلى”، يعوِّض الأنموذج المعاكس (من أعلى إلى تحت) المستعمل من طرف سلطة لإعطاء الأوامر باتجاه أسفل السلّـم.

تلعب وسائل الإعلام دورا أساسيا في مجال الإشهار السياسي من خلال نشر المعلومة.

توفر شبكة الإنترنت إمكانية جديدة لربط قنوات الحوار مع عدد كبير من الأشخاص.

هذا هو ما ترمي إليه وزيرة الخارجية السويسرية عبر إعداد هذه المطبوعة ونشرها على شبكة الإنترنت.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية