مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حيث يُمكن لسائقي الشاحنات النوم أثناء.. سفرهم!

بعد وصول القطار إلى محطة فرايبورغ الألمانية يستعيد سواق الشاحنات مواقعهم خلف المقود لاستئناف الرحلة برا إلى وجهتهم النهائية swissinfo.ch

على الرغم من أنه بإمكان سائقي الشاحنات السفر عبْـر الطريق السريع من بازل (شمال) إلى كياسو (جنوب)، يَـعبُـر سويسرا سنويا، 100 ألف شاحنة بواسطة القطار.

وعلى متن هذا “الطريق السريع المتنقل”، يقضي سائقون، يقدُمون من معظم بلدان أوروبا، كامل الليل في قاطرة النوم التابعة له.

يقوم عمّال تحويل القاطرات الذين يرتدون بدلات شغل برتقالية اللون، بمهمّة لا يُحسدون عليها: ففي حرارة الصيف، يتصبّـب العرق بلا هوادة على وجوههم المتسخة تحت خوذات الوقاية.

لا يوجد في الساحة المفتوحة لمحطة شحن القاطرات، الواقعة على مشارف مدينة فرايبورغ الألمانية في مقاطعة بريسغاو عند منتصف النهار، سوى ظلال قليلة، كما تتطلّـب عملية تركيب رصيف الشحن والتفريغ وربطها بآخر عربة سِـكك حديدية، قوة عضلية هائلة.

في موقف السيارات المعبّـد وبجانب السكك، توجد 20 شاحنة في شكل أربع قافلات، وهي تستعد للإلتحاق بالقطار. لقد أخلى معظم السائقين قمرة السياقة. ولإتمام إجراءات النقل، يتوجب عليهم السير على الأقدام للوصول إلى شباك المحطة.

كثير من الشاحنات تحمل لوحات منجمية من أوروبا الشرقية، لكن اللوحات لوحدها لا تسمح بالتعرف بشكل حاسم عن البلد الأصلي للسائق أو مصدر البضائع المحملة عليها. 

بطاقات صفراء وحمراء

يحمل فولفغانغ زيبولد في جيب الصدر الأيمن، بطاقة صفراء وفي الجيب الأيسر أخرى حمراء. ويقول بهذا الخصوص: “هذه اللغة يفهمها كل السائقين في جميع أنحاء العالم. أسحب البطاقة الصفراء على سبيل المثال إذا ما لم يتم إزالة اللاقط الهوائي من فوق الشاحنة بعدُ أو حين يتعين على السائق تسوية وضع العبوة”.

 
في معظم الحالات، يمكن للسائق على عين المكان إعداد الشاحنة، كما هو منصوص عليه. ولكن، على كل ثلاث عمليات شحن للقطار، يوجد سائق تُـوجّـه له البطاقة الحمراء، لأنه لم يتم وضع الحمولة طِـبقا لمعايير السلامة أو حين تكون أغطية العبوة ممزّقة أو تكون الشاحنة جدّ مرتفعة السقف.

منع سير هذه الشاحنات بمثل تلك الإخلالات في الطرقات، باعتبارها تخضع هناك أيضا لنفس القوانين، لا يُـعدّ من مشمولات خدمات النقل الحديدي. وفي كل الحالات لا يُتسامح مع السائقين المخالفين. وفي هذا الصدد، يقول السيد مارتن فايدلي، مدير الإنتاج في شركة “رالبين”، وهي الشركة المشغِّـلة لرولا سويسرا: “السائقون هم المسؤولون عن الشاحنات التي يقودونها”.

إن قيادة رصيف الشحن، يتطلب الدقّـة. فعلى الجانب الأيسر والأيمن لعجلات الشاحنة، لا يتبقى سوى حيِّـز ضئيل لا يزيد عن بضعة مليمترات. ومع ذلك، فإن معظم الشاحنات تسير بسرعة وتتتابع بسلاسة.

يتعيّـن على السائقين قضاء رحلة القطار، التي تدوم 9 ساعات في قاطرة مرافقة، ولأن النظام الخاص بتحديد القوانين التي تنظم الراحات والعمل ليلا، ينص على الركون للراحة لمدة لا تقل عن 9 ساعات أيضا، فلا يجوز للسائقين العودة إلى قمرة القيادة من جديد، إلا بوصولهم إلى مدينة نوفارا في إيطاليا.

منافسة كبرى وأجور متدنية

ويقول السائق الذي خففت كلمات السيد فايدلي من روعه بعد أن قدم نفسه كسائق نقل من شمال ألمانيا، يُدعى هانز بيتر بيراند: “بالرغم من ذلك، أستعمل خدمة الرولا كل أسبوع تقريبا، وذلك بسبب “الأسبقية الليلية”. ويقول مضيفا: “إذا ما كنت قادما – كما هو الحال الآن – من منطقة الرور، فإنه يتحتّـم عليا أخذ استراحة في مكان ما في سويسرا – ويكون ذلك إما في آرستفالد أو قبيل الغوتهارد، إذ لا أستطيع التقدّم أكثر من ذلك في مدة 10 ساعات”.

ويستطرد السيد بيراند قائلا: “في سوق قطاع النقل، الذي يحتد فيه التنافس كثيرا، كل شيء رهين مسألة التكلفة. بات هناك فائض من طاقة اليد العاملة منذ توسيع الإتحاد الأوروبي في اتجاه الشرق. لا تحتاج سوى مشاهدة ما يجري على القطار”، في إشارة إلى زملائه من أوروبا الشرقية، الذين “يقودون الشاحنات لحساب شركات كبرى من دول أوروبا الغربية، مقابل أجور متدنية”، حسب زعمه.

ممتنّـين لتوفير المزيد من الرفاهية

لقد تم تشغيل المكيِّـف الهوائي في القاطرة المرافقة الجديدة التي ستُقل السائقين اليوم، ويسود فيها هواء لذيذ البرودة، رغم وقوف القطار في الشمس الحارقة.

جلس ثلاثة سائقين من شركة النقل الإيطالية “بيلياتشالي” إلى طاولة بجوار ركن المطبخ ووضعوا عليها البطيخ والجبن والخبز. في الطاولة المحاذية، يجلس سائقون يتحدثون لغة سلافية. كان أحدهم وهو سائق من كرواتيا، يعمل منذ 15 عاما لحساب شركة لوجيستيك بيرغر من النمسا. ويقول في هذا الصدد: “إنها شركة محترمة، لا تمارس أي ضغوط على السائقين”، ويضيف مؤكدا “بل تُـبدي تفهما لاحتمال حصول تأخير في مكان ما في الرحلات الطويلة دائما”. إنه ينقل اليوم قوارير فارغة تابعة لشركة المياه المعدنية سان بيليغرينو إلى الجنوب.

انزوى السائقون البولنديون التابعون للشركة الهولندية داسكو، في إحدى المقصورات، حيث يمكن للسائق أن ينام على أسِـرّة في شكل أريكة قابلة للطي. كان السائقون سعداء بمستوى الرفاهية الموجودة في القاطرة المرافقة الجديدة. كانوا قد شحنوا في الصباح لحوما طازجة من مصنع هولندي لنقلها إلى مودينا بإيطاليا.

ويقول السائقون البولنديون بخصوص عملهم: “يدوم العمل في الخارج على امتداد ثلاثة أسابيع، يتخللها

يومان من الراحة. ثم نقوم بركن الشاحنة في هولندا ونستقل الحافلة للعودة إلى ديارنا إلى بولندا، لنبقى أسبوعا. إن ظروف العمل في شركة داسكو، طبيعية ونتقاضى أجرا يتراوح بين 1600 إلى 1700 يورو شهريا”.

التقيْـنا أيضا بسائق روماني يتذمر من رغبة مشغله الإيطالي في تخفيض أجره من 3000 إلى 2700 يورو. وبعدما أغلقنا جهاز التسجيل، صرّح لنا في الكواليس، أنه يعمل في الوقت الراهن “منذ 30 يوما بدون انقطاع”…

يمر يوميا 11 قطار محملا بـ 21 شاحنة كأقصى حد تعمل يوميا على “رولا”، الطريق السريع المتنقل في كلا الإتجاهين بين فرايبورغ (جنوب ألمانيا) ونوفارا (شمال إيطاليا) عبر خط لوتشبيرغ – سامبلون. ويعمل قطار شحن واحد يوميا على خط الغوتهارد من بازل إلى كياسو، ذهابا وإيابا، وبحمولة قصوى تتكوّن من 28 شاحنة.

يتم سنويا نقل حوالي 100،000 شاحنة عبر جبال الألب السويسرية.

يمكن تقريبا نقل جميع الشاحنات المرخّص لها بالجَـولان على الطرقات الأوروبية.

يتناسب نقل البضائع بواسطة “رولا”، خاصة مع السلع الحساسة (ذات التكنولوجيا العالية والمواد الغذائية والبضائع الخطرة). ويُمكّن “رولا” من عبور جبال الألب على مدار الساعة، وبغض النظر عن أوقات حظر الجولان في الليل وأيام الأحد والإجازات.

تستغرق الرحلة حوالي 9 ساعات وهي تُعتبر وقت استراحة بالنسبة لسائقي الشاحنات.

يكمُـن عيب “رولا” في كلفة الطاقة مقارنة بطريقة النقل عبر الحاويات، حيث يتعيّن على “رولا” نقل كمّ أكبر من السلع الفارغة كما أنه لا يمكنها حمل سوى حجم محدود من السلع في القطار الواحد.

في برنامج تحويل نقل البضائع من الطرقات إلى السكك الحديدية، لا تتمتع خدمة “رولا” بالأولوية، إذ أن هدف سياسة النقل السويسرية، يتمثل في تأمين نقل البضائع قدر المستطاع من نقطة شحنها إلى وجهتها الأخيرة عبر السكك الحديدية. وعلى سبيل المثال، من منطقة الرور إلى ميلانو، نقلها انطلاقا من الحدود فحسب. لكن “رولا”، تظل خدمة تكميلية مهمّة للنقل المشترك. وتتكفل الحكومة الفدرالية بتسديد ثلث التكاليف.

تمثل نسبة السلع التي نقلتها خدمة “رولا” في سنة 2011 حوالي 4،7% من مجموع البضائع التي عبرت جبال الألب في سويسرا (عبر السكك الحديدية والطرقات) و7% من إجمالي البضائع المنقولة عبر السكك الحديدية.

في عام 2011، تم نقل 63.9٪ من السلع التي عبرت جبال الألب في سويسرا عبر سكك الحديد و36.1٪ عبر الطرقات البرية.

نقلت خدمات “رولا” النمساوية عام 2011 في جهة برنر Brenner ما يقرب ثلاثة أضعاف ما نقلته “رولا” السويسرية، ولكن لمسافة أقصر بكثير مما هو موجود بسويسرا. أما خدمات “رولا” الفرنسية في جهة جبل سينيس، فهي أقل بكثير من نظيراتها السويسرية والنمساوية.

(المصدر: شركة “رالبين” والمكتب الفدرالي للنقل)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية