مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الناتو”.. هل يُصبح الملاذ الأخير في الشرق الأوسط؟

مروحيات تابعة لفوات إيساف التي يقودها الحلف الأطلسي، رابضة في مطار فندهار بأفغانستان (المصدر: nato.int) NATO

لم يعد أحد يتحدّث كثيرا في الشرق الأوسط عن دور "الناتو" في الإقليم بفعل ما بدا من أن الحلف العتيد، قد تورّط في مستنقع على الطرف الشرقي البعيد للمنطقة بأفغانستان.

لكن تلك الأحاديث قد بدأت تتجدّد مؤخرا، مُـرتبطة باتصالات فنية وتصورات سياسية وسيناريوهات افتراضية متعددة لدور محتمل لحلف شمال الأطلنطي..

لم يعد أحد يتحدّث كثيرا في الشرق الأوسط عن دور “الناتو” في الإقليم، بفعل ما بدا من أن الحلف العتيد، قد تورّط في مستنقع على الطرف الشرقي البعيد للمنطقة بأفغانستان، بصورة لن تترك لقيادته فُـرصة للتّـفكير في خوض عمليات إضافية – حتى لو كانت غير قتالية – في ساحات أخرى، على المدى القصير.

لكن تلك الأحاديث قد بدأت تتجدّد مؤخرا، مُـرتبطة باتصالات فنية وتصورات سياسية وسيناريوهات افتراضية، مفاد بعضها أن الحِـلف قد يُـمثل مستقبلا مَـلاذا أخيرا لحِـفظ السلام أو استعادة الاستقرار أو على الأقل تدعيم قُـدرة قوات المنطقة على القيام بذلك، إلا أن الإجابة عن السؤال الخاص بآفاق هذا الدور، لا تزال معلقة.

فهناك ما يشير إلى أن دور الناتو لا يزال مطروحا بشِـدة، لكن هناك ما يؤكد أنه سيظل يواجه نفس المشكلات السابقة، وربما مشكلات إضافية.

المنطقة الثالثة؟

لقد بدا الناتو في وقت ما، قبل ثلاثة أعوام، وكأنه “المصل” المُـضاد لكل أمراض الأمن في الشرق الأوسط، بصورة أثارت قلقا لدى كثير من دول المنطقة ذاتها.

فقد طرحت أفكار حول أدوار (إن لم يكن تدخلات) متصورة للحلف في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية والخليج وشمال إفريقيا، واستمرت تلك الموجة، بحدة أقل بعد ذلك، لتصل إلى السودان ومياه البحر المتوسط.
كانت المشكلة المُـزمنة، التي تتعلق بتحليلات دور الحلف في الشرق الأوسط، هي الخلط الواسع بين المُـقترحات والمبادرات، وبين السياسات، إذ كان يتم التعامل عادة مع أية فكرة تتعلق بدور يُـمكن أن يقوم به الحلف، وكأنها سياسة تم التوافق بشأنها داخل الحلف أو يتم التفكير فقط في إجراءات تنفيذها، ولم يكن ذلك واقعيا، فمعظم ما أثير، كان تصورات ولم يكن هناك حتى إصرار على تطبيقها في كثير من الحالات.

إن الحلف لم يتدخّـل فعليا بثقل كبير خلال السنوات السابقة، سوى في منطقتين، هما جنوب أوروبا في البلقان وجنوب آسيا في أفغانستان، وفي الحالة الأولى، لم يكن لديه خيار، فهو مسرح عملياته الأساسي، أما في الثانية، فقد بدا أن التدخل العسكري يمكن أن يكون آمنا بدرجة تُـثبت التطورات التالية، أن ثمة سوء تقدير نسبي بشأنها.

لم يبدُ أبدا أن الشرق الأوسط يُـمكن أن يُـصبح المنطقة الثالثة بالنسبة لتحركات الناتو، فقد قام الحلف بعمليات تدريب لقوات العراق وإنشاء قوة للتدخل السريع وتقديم مساعدات في حالات الكوارث وتوسيع الحوار مع شركاء الناتو في جنوب المتوسط وتطوير علاقته بدول مجلس التعاون الخليجي وإنشاء فريق لمواجهة احتمالات الإرهاب، النووي والكيماوي، واعتراض بعض السّـفن المُـشتبه فيها في المتوسط وخلق صيغ “ناعمة” للتعاون العسكري مع دول الإقليم، لكن ظلت احتمالات إتِّـباع نماذج أفغانستان والبلقان مستبعدة في تلك الساحة.

وتَـبعا لتقديرات خُـبراء في الناتو “ظلت عمليات الشرق الأوسط كلها محدودة في نطاقها، بل أن النقاش حول دور أوسع في الإقليم لا يزال – رغم كل الصّـخب المثار حوله – في مراحله الأولية”.

خطوة إلى الأمام

لكن في الفترة الأخيرة، برزت عوامل يُـثار أنها قد تدفع الحِـلف باتِّـجاه التقدّم خُـطوة إلى الأمام، فبقدر ما أدّت عملية أفغانستان إلى طرح سيناريوهات سيِّـئة قد تُـفرز “عقدة أطلسية”، مثل عقدة فيتنام الأمريكية، فإنها أدّت في الوقت نفسه إلى مُـواجهة الحلف لمخاوفه الخاصة وتردده الطويل، وعلى الرغم من أن الحلف يواجه أزمة حقيقية تتعلق بحدوث تحول كبير في عمليات طالبان المُـضادة، إلا أن أفغانستان لا تزال تحت السيطرة، فلم تُـصبح “عراقا” آخر.

كما أن دول الحلف قد بدأت تجرب دفع قواتها بشكل إنفرادي إلى ساحة الإقليم، كما تشير عملية “يونيفيل” فى جنوب لبنان، وتبدو المخاطر المحيطة بها حتى الآن، قابلة للاحتواء، على الرغم من أنها قد تتطوّر بسرعة، كما أوضحت عمليات إطلاق الصاروخ والشحنة الناسفة، مما أدّى إلى عدم نكوص سريع بشأن التدخل في دارفور، فالدروس لا تزال قيْـد القراءة.

يُـضاف إلى ذلك أن الحلف قد وجَـد صياغات مَـرنة للتعامل مع الشركاء في الإقليم، فيما يتعلق بالتعاون العسكري، وبدأ فيما يبدو في التراجع نِـسبيا عن ضغوطه السياسية، لتعود فكرة “الاستقرار الأمني أولا” إلى الواجهة، وأدّى ذلك إلى وجود استعداد أعلى للتعاون الدفاعي مع الحِـلف في إقليمين فرعِـيين هامّـين بالمنطقة، هما الخليج العربي وشمال إفريقيا، مع استعدادٍ أعلى للحوار، بالنسبة للدول الأخرى.

الأهم، أن المنطقة تبدو مُـقبلة على “حالة حرب” شاملة، بحيث تتطلّـب تدخّـلات واسعة النِّـطاق لمحاولة ضبطها، سواء كان الأمر يتعلّـق بحالات مثل إيران أو العراق أو لبنان أو السودان أو الأراضي الفلسطينية أو أعمال الإرهاب المُـتصاعدة في كل مكان، وترتبط حالات الحروب القائمة أو المحتملة بإستقطابات إقليمية وداخلية حادّة، تتطلّـب تدخلات أطراف ثالثة، ليست الولايات المتحدة، عسكريا على الأقل.

خطوتين إلى الخلف

لكن ما سبق، يترافق مع عوامل مُـضادة تدفع في اتجاه التراجع خُـطوتين إلى الخلف وعدم التفكير في توسيع دور الحِـلف عمّـا هو عليه حاليا، أهمها ما يلى:

1. إن الحلف الأطلسي لا يزال في حالة نقاش داخلي حول تحديث القوات وإدارة العمليات في ظل تقييمات مختلفة لما تم حتى الآن، وكذلك حول تبنِّـي مفاهيم أكثر تطوّرا للأمن – كتأمين إمدادات الطاقة – في المرحلة القادمة، وفي ظل تلك النقاشات الإستراتيجية، لا تميل الهياكل العسكرية للقيام بتحركات عملياتية واسعة.

2. أن يصعُـب على الحلف أن يتبنّـى سياسة خوض حربين في نفس الوقت أو أن يعرِّض نفسَـه لتلك الاحتمالات، بفعل محدودية القوات وحذر الدول وقلق الرأي العام، وبالتالي، لا يتصور أن يقدِم الحلف على خطوات كُـبرى، قبل أن تتَّـضح نهايات ما لمشكلة أفغانستان.

3. أن مُـعظم دول المنطقة لا تزال تلتزِم جانب الحذّر في قبول أدوار إقليمية، أوسع نطاقا للناتو، كما توضِّـح مواقف الدول الرئيسية أو موقف السودان أو” اشتراطات” دول مجلس التعاون الخليجي، فيما يتعلق بالاحترام المتبادل، بل أن بعض دول شمال إفريقيا، لن تندفع إلى ما بعد حدٍّ معيَّـن، قبل تهيئة الوضع الداخلي لذلك.

4. أن الحلف قد بدأ يواجه مشكلة “دبلوماسية عامة” مع الرأي العام العربي والإسلامي، بسبب أفغانستان، فقد أظهر استطلاع جرى في 47 دولة (ضمنها الأراضي الفلسطينية)، أن الأغلبية في 32 دولة، يشمل ذلك أكثر من 80% في مصر وإندونيسيا، تقرّر أن الناتو يجب أن يُـغادر أفغانستان.

5. أن العناصر السلفية الجهادية والتنظيمات التكفيرية، قد انتشرت على نِـطاق واسع في المنطقة، ولديها توجّـهات محدّدة، تتعلّـق باستهداف ما تعتَـبره قوات أجنبية، وضّـحت عندما أثيرت فكرة نشر قوات دولية في غزة، فقد صدرت بيانات فورية من جانب الفصائل المسلحة في القطاع، تؤكِّـد أن تلك القوات ستكون هدفا شرعيا.

حلف دفاعي أمني؟

الفكرة هنا، أن البيئة الإستراتيجية في المنطقة، ليست مهيَّـأة لدور أوسع للناتو في الشرق الأوسط، حتى لو كانت بعض أطراف المنطقة تعتقِـد أن الناتو يُـمكن أن يُـمثل ملاذا أخيرا، في حالة خروج التفاعلات الإقليمية عن نِـطاق السيطرة في بعض الحالات، خاصة في ظل عاملين إضافيين:

الأول، أن هناك بعض التوصِـيات العسكرية الصّـادرة عن قيادة أوروبا الأمريكية، تدفع في اتجاه قيام الولايات المتحدة بخَفض قواتها على تلك الساحة إلى النصف تقريبا مما هي عليه، وإذا حدث ذلك، سيكون من الصّـعب أن يترك الناتو مسرح عملياته لفراغ مُـحتمل لينشط في الخارج، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة مع روسيا الاتحادية.

الثاني، أن ثمّـة اتِّـجاها أمريكيا يرى أن مواجهة التّـهديد الرئيسي الحالي في المنطقة، وهو أعمال الإرهاب الديني، ربما يتطلّـب إقامة هيكل مختلف عن الناتو، الذي شُـكِّـل أساسا لمواجهة تهديدات الماضي.

وقد أطلق محلل بمجلة تايمز الأمريكية مؤخرا على الهيكل الجديد إسم MATO اختصارا لعبارة Mildest Antiterrorism Organization، وهو تصوّر لحلف دفاعي أمني – إستخباراتي، يضم أطرافا مختلفة، لكنه ليس الناتو.

في ظل تلك الظروف، ظلّـت هناك قوة نِـسبية لذلك التقدير المعروف، الذي يؤكِّـد أن الناتو لن يتحوّل إلى ” حلف أمني” لمنطقة الشرق الأوسط، كما كان في حالة أوروبا الغربية، لكنه رغم ذلك، سيظل أفضل إلية لتنسيق العمل الأمريكي الأوروبي في ذلك الإقليم.

لكن من يدري، فالحديث عن “الملاذ الأخير” يتضمّـن عادة عناصر لا يُـمكن توقّـعها ولا تنطبق عليها المؤشرات المنطقية، ولو ساءت الأوضاع في المنطقة بأكثر مما هي عليه، قد تبدأ خيارات اضطرارية في الظهور، يتعلّـق بعضها، مرّة أخرى، بدور الناتو في الشرق الأوسط.

د. محمد عبد السلام – القاهرة

بغداد (رويترز) – قال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع العراقية يوم الجمعة 29 يونيو، إن العراق سيتسلم قريبا 120 دبابة طراز تي 72 من حلف شمال الأطلسي، فيما قال مسؤول من الحلف إن العرض غير نهائي وأن الحلف يدرس طلبا عراقيا بهذا الشأن.

وقال المسؤول لرويترز في اتصال هاتفي يوم الجمعة، إن وزارة الدفاع العراقية “ستتسلم من حلف الناتو 120 دبابة من نوع تي 72 كهدية”، وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، “هذا الاتفاق تم خلال الزيارة التي يقوم بها حاليا إلى روما وزير الدفاع (عبد القادر جاسم) وإلى قيادة حلف الناتو”.

ولم يذكر المصدر المسؤول الموعد المقرر أن تتسلم فيه وزارة الدفاع العراقية هذه الدبابات، وقال، إن تزويد الجيش العراقي بهذه الدبابات “يهدف إلى رفع قُـدرة وكفاءة الجيش العراقي”.

ونفى مسؤول في حلف شمال الأطلسي، وقال إن العرض الذي قدّمه وزير الدفاع العراقي يتعلّـق بسبعين دبابة من نوع تي 72، وأنه لا زال قيد الدّراسة، وأن الحلف لم يقل كلمته النهائية بهذا الخصوص.

وقال هيردس سيكوركريمسدوتر، مسؤول العلاقات العامة في الحلف، إن الحلف لم يتّـخذ قرارا نهائيا بهذا الشأن حتى الآن “وأن الحلف لا زال يدرس طلبا تقدم به وزير الدفاع العراقي للحصول على 70 دبابة من نوع تي 27”.

وأضاف المسؤول، “الطلب (العراقي) أرسل إلى الحلف لأجل دراسته، ونحن بانتظار الرد”.

وكانت قناة تلفزيون العراقية الحكومية أعلنت في وقت سابق يوم الجمعة، أن وزير الدفاع العراقي يقوم حاليا بزيارة لروما، وأنه التقى خلال الزيارة بقائد قوات حلف شمال الأطلسي وأن الطرفين اتّـفقا على تزويد العراق بمائة وعشرين دبابة.

ويعاني الجيش العراقي، الذي تشكل على أنقاض الجيش السابق، الذي حل بقرار من الحاكم المدني الأمريكي السابق للعراق بول بريمر من نقص شديد في المعدات والتجهيزات، وخاصة الآليات الثقيلة، وتسعى الحكومة العراقية إلى إكمال تشكيله وتسليحه.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 29 حزيران 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية