مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“انتفاضة” المرأة العربية!

لم تعد المراة العربية تتردد او تخاف من النزول الى الشارع للمطالبة بحقوقها والدفاع عن قضاياها Keystone

اكثر من مائتي سيدة من سبع عشرة دولة عربية واجنبية شاركت في ندوة (المرأة والسياسة ودورها في التنمية) التي انعقدت مؤخرا في العاصمة القطرية، كحلقة اخرى من (انتفاضة المراة العربية) بحثا عن مزيد حقن الشان العام بجرعة نسائية جديدة، قد تنقذ العالم العربي من حالة نصف الشلل التي يجرجرها وراءه خلال عقود استقلاله الاولى.

وتاتي هذه الندوة بتنظيم من حرم امير قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند، التي ينظر لها كمحرك قوي يدفع تنامي دور المراة في الحياة السياسية، كما هدفت من ورائها – محليا – الى تقديم فرصة للمراة القطرية لتاهيلها للانتخابات البرلمانية القادمة كاحد أهم أهداف الندوة على المستوى المحلي.

لكن ذلك كان ايضا مناسبة لتطارح الهموم النسائية من المحيط الى الخليج، حيث شاركت المغرب ممثلة بوزيرة المراة، كما اغلب الدول العربية بالمسؤولات عن الجمعيات النسائية الحكومية وغير الحكومية، وتداولت على جلسات الندوة عدة محاضرات، استعرضت جلهن تجارب النشاط السياسي للمراة في بلادهن، مع حقن التجارب العربية بالتجربة الامريكية ممثلة في ورقة نائبة حاكم ولاية (ساوث داكوتا) وبالتجربة الايرانية ممثلة بتدخل مستشارة الرئيس لشؤون المراة.

ولئن لم تختلف الندوة النسائية عن الاجتماعات السياسية العربية الرجالية من حيث الشكل الذي انتهى ببيان ختامي متشابه في العناصر السياسية الخارجية منتقدا السياسة الامريكية المنحازة لاسرائيل، وشاجبا الممارسات الاسرائيلية، فان حصيلة الندوة كانت مختلفة بعض الشيء من حيث توصياتها التي ابدت اصرارا نسائيا على الحضور الاقوى مستقبلا في الحياة السياسية العربية، فكان اضطرار امين عام مجلس التعاون الخليجي الى الافصاح امام المؤتمرات عن النية في وضع استراتيجية لتشريك المراة الخليجية بشكل اوفر في هياكل المجلس.

لم يعد ممكنا تغييب المراة

وكانت الندوة قد طالبت المنظمات الاقليمية مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي واتحاد مجلس التعاون بضرورة توفير قاعدة نسائية اعرض بداخلها، كما طالبت بتغيير الصورة النمطية للمراة في وسائل الاعلام وفي المقررات المدرسية العربية لتصحيح الصورة التقليدية الرائجة، مع التاكيد على ضرورة انتظام النساء في جمعيات غير حكومية، على امل تشكيل مجموعات ضغط جديدة لتغيير التشريعات ولفرض حضور قانوني يوفر للمراة فرصا لاقتحام الحياة السياسية على قدم المساواة مع الرجل.

وفي اطار الضغط الخفي والقوي الذي مارسته الندوة على العالم الذكري العربي، ملامسة عدد من محاور جلساتها لمواضيع الساعة الحساسة بالنسبة للعالم العربي، ومن ذلك (الدور السياسي للمراة في ظل العولمة) بما حمل ذلك من اشارات مباشرة وغير مباشرة على ان العرب لن يتمكنوا من خوض معركة العولمة باقتدار في غياب نصف المجتمع.

ويمكن القول ان ندوة (المراة والسياسة) قد استطاعت احداث اختراق مهم وسط الاحداث الساخنة التي حفت بتوقيت انعقادها، وليس ادل على ذلك من محاولة الولايات المتحدة الامريكة التخفيف من حدة البيان الختامي الذي استهدف دورها في سلام الشرق الاوسط بانتقاد شديد شهدته اروقة المؤتمر، رغم انه تقلص في البيان الختامي الى مفردات معتدلة تشير الى ضرورة الحد من الانحياز الامريكي ناحية اسرائيل.

المراة الخليجية ايضا!

ورغم ما يمكن ان يكون فائدة عامة للمشاركات في ندوة اولى من هذا القبيل، فمن غير المشكوك فيه تلك الفائدة التي حصلت عليها المراة القطرية التي حضرت الندوة بقوة، وحضرت خلالها ورشتا عمل، استهدفت بالاساس تمرينها على الممارسة الانتخابية المقبلة بعد فشلها في اقتلاع مقعد ضمن اول مجلس بلدي منتخب، و بدا ان الشهية مفتوحة الان على اخرها لكي تشارك في الانتخابات البرلمانية المنتظرة خلال السنة المقبلة بتصميم اوفر، وبتعويل كامل على نفسها امام عدم حماس السلطات ناحية تامين حضورها عبر صيغة النسبية الانتخابية، والتي اخذت جزءا مهما من حيز المناقشات عبر تجارب الدول الاخرى.

وبما ان بعض الحاضرات لم تترددن في المناداة بوضع (استراتيجية للنهوض بالرجل)، تندرا بعدم اهليته لفهم الدور المامول للمراة العربية في الحياة السياسية المعاصرة، فقد بدا واضحا ان الندوة حاولت عدم الاصطدام بالسلطة الذكورية خلال مجريات الندوة السياسية النسائية الاولى، الا انها وضعت صانع القرار العربي امام حقيقة حضور نسائي متزايد في الحياة المطلبية، سوف لن يتمكن من تجاهله طويلا، خصوصا بعد المتغيرات الكبيرة التي حدثت على المستوى الدولي والقت بظلالها على الاوضاع الاقليمية العربية، ولذلك يشهد المراقبون بذكاء انتقاء توقيت انعقاد الندوة، الذي جاء كعنصر ضغط مساعد، في ظل صراعات الديموقراطية وتوسيع المشاركة الشعبية التي بدات تظهر في العالمين العربي والاسلامي.

فيصل البعطوط – الدوحة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية