مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“حتى الآن، لا أحد يعرف ما هو تعريف حلّ الدوليتن الذي تتحدّث عنه إدارة اوباما”

في الخطاب الذي ألقاه يوم 5 مايو أمام "أيباك" في واشنطن، شدد نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مجددا على ضرورة الوصول إلى حل الدولتين AFP

تكاد خِـطابات وتصريحات مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومعهم المجموعة الدولية بأسرها، لا تخلو من مُـصطلح حلّ الدولتين، كأساس لحلّ القضية الفلسطينية، بل إن التعبير السياسي هذا، أصبح لازمة يُـفترض بها أن تسعد حال الفلسطينيين البائسة.

وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، لم يفُـوّت اوباما ومساعدوه، لا فرصة ولا مناسبة، إلا وحرِصوا من خلالها على التأكيد أن أي مقاربة للصِّـراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يجب أن تمُـر من قناة حلِّ الدّولتين، الذي تتجنَّـب حكومة إسرائيل الجديدة، بزعامة بنيامين نتانياهو، التطرّق إليه.

وفي وقت قِـياسي، احتلّ مصطلح “حلّ الدولتين” مكانةً متقدمةً على أجندة الدبلوماسية العالمية، بعد أن كان الفلسطينيون قد غادروا للتَّـوْ خالي الوِفاض وعد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، إقامة دولة فلسطينية قبل نهاية ولايته.

وبالرّغم من أن إدارة أوباما لا زالت تعكِـف على بلْـوَرة “خطّـة” جديدة لاستئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية – الفلسطينية، إلا أن مسؤوليها، الكِـبار والصِّـغار، راحوا يرسخون أكثر وأكثر استخدام مُـصطلح حلّ الدولتين، وكأنما يجري تداوُل المسألة لأول مرّة في تاريخ الصِّـراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

ولم يتردّد نائب الرئيس الامريكي جوزي بايدن من الوُقوف أمام لجنة شؤون العلاقات الأمريكية الإسرائيلية (ايباك) في واشنطن، وترديد ذات الدّعوة إلى إسرائيل وقال “على إسرائيل العمل باتِّـجاه تحقيق الحلّ القائم على دولتين. لن يعجبكم ما سأقول، ولكن عليكم التوقّـف عن بناء مزيد من المُـستوطنات وتفكيك المواقِـع العشوائية الموجودة حاليا والسّـماح للفلسطينيين بحرية التنقل”.

ولعلّ في استخدام بايدن، السياسي المخضرم والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، لعِـبارة: “لن يعجبكم ما سأقول”، لقادة اللُّـوبي اليهودي النّـافذ في واشنطن، ما يحمل من دلالات لخُـطة السلام الأمريكية القادمة.

ربّـما يُـمكن لمثل هذه التصريحات المُـباشرة والقوية لمسوؤل من عيار بايدن، أن تُـثلج صدور قوْم فلسطينيين يحتارون في كيفية التعامل مع نتانياهو ووزير خارجيته المتطرِّف أفيغدور ليبرمان، لكنها، وفي ذات الوقت، يمكن أن تكون كلِـمات ليست كالكلِـمات، إذ شهدت ذات القاعة في واشنطن كلِـمات أخرى من إنشاء وإلقاء نتانياهو، الذي خاطب لوبي إيباك دون التوقف أبدا عند أساس حلّ الدولتين، بل إنه استبدل الأمر برمّـته بتصريحات عامّـة حول التّـفاوض مع الفلسطينيين، دون شروط وتحسين وضعهم الإقتصادي، وطبعا ضمان أمن إسرائيل.

سيناريو متوقّـع

كل هم نتانياهو هذا، الذي يناقض حلّ الدولتين وتصريحات الإدارة الأمريكية، التي تتماهى كثيرا مع وعد بوش بإقامة دولة فلسطينية مستقلّـة، لكن قابلة للحياة، ستتحوّل إلى “مواجهة” بين الطَّـرفين، يُحتمل أن تتمخّـض في النهاية عن “تسوية” لن تلبِّـي مطالب أحد على الأغلب.

وقد بدأت الصحافة الإسرائيلية ومعها نظيرتها الأمريكية أيضا بالفعل في الترويج لمثل هذه المواجهة المُـنتظرة عند لقاء رئيس وزراء إسرائيل مع رئيس الولايات المتّـحدة، المتوقّـع في نهاية شهر مايو الجاري.

وسيحمل نتانياهو معه خطّـته المتعلِّـقة باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، دون شروط مُـسبقة والتعهُّـد بتحسين ظروف معيشتهم تحت الإحتلال، مقابِـل خطّـة أوباما، التي لم يُـعلن منها سِـوى عن مُـصطلح “حلّ الدولتين” الفضفاض.

واعتبر مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمُـبادرة الوطنية الفلسطينية خطّـة نتانياهو التي سيعرضها على أوباما وتستند إلى إقامة حُـكم ذاتي للفلسطينيين في الضفّـة الغربية، بأنها “استِـخفاف بالعقول”.

وأشار البرغوثي في بيان للصحافة إلى أن نتانياهو “يُـخادع الرأي العام عندما يتحدّث عن مفاوضات على حُـكم ذاتي وتطوير الاقتصاد الفلسطيني”، مشدِّدا على أن القضية الفلسطينية هي “قضية سياسية قبل أي شيء آخر، رغم أهمية الاقتصاد الذي لا يُـمكن له أن يتطوّر في ظلّ وجود الاحتلال والحصار”.

وقد اكتفَـت السلطة الفلسطينية حتى الآن بالتأكيد على مطلبِـها بضرورة استِـئناف المفاوضات مع إسرائيل، عند النُّـقطة التي توقفت عندها في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ايهود اولمرت، وفي التأكيد أيضا على مفهوم حلّ الدولتين.

ويأخذ علي الجرباوي، المحلِّل السياسي، على السلطة الفلسطينية عدم مبادرتها إلى وضع إطار واضح وأساسي مع الإدارة الأمريكية حول مفهوم حّل الدولتين. وقال الجرباوي في حديث لسويس انفو: “حتى الآن، لا أحد يعرف ما هو تعريف حلّ الدوليتن الذي تتحدّث عنه إدارة اوباما، ولا أحد يسعى إلى معرفة ذلك”.

وتقول السلطة الفلسطينية، إن حل الدولتين يعني إقامة دولة فلسطينية مستقلَّـة إلى جانب دولة إسرائيل في حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وإيجاد حلٍّ عادل لقضية اللاّجئين، على أساس القرار الدولي رقم 194.

خطوة للخلْـف من أجل أخرى إلى الأمام

وفي انتظار لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره الأمريكي أوباما في نهاية شهر مايو الحالي ايضا لاستجلاء موقِـف الإدارة الأمريكية حول حل الدولتين، ثمّـة مَـن يعتقد أنه يُـمكن الإستدلال على “إشارات” حياةٍ وسط هذه الصحراء.

ويعتقد الفلسطينيون المؤيِّـدون لفكرة تواصل المفاوضات، أنه يمكن الاعتماد على التَّـراكمات التي نتَـجت عن عشرات الجولات السابقة، لكن بشرط عدم التفاوض هذه المرّة، دون اشتراط وقف الاستيطان ومصادرة الأراضي، وهو الموقف الوحيد الملموس الذي تروِّج له إدارة اوباما.

ويستند المتفائلون في ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى بالفعل إلى إطلاق مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية، يكون هدفها النهائي حلّ الدولتين، لكن مرّة أخرى دون إمكانية تعريف مفهوم الدّولتين، الذي تُلوّح به إدارة اوباما.

ويقول الكاتب السياسي محمد هواش في حديث لسويس انفو: “واضح أن إدارة أوباما تعمل على إطلاق مفاوضات يكون هدفها النهائي حل الدولتين، لكن هذا لا يعني أن إسرائيل لاتملِـك من الحِـيل والألاعيب (ما يكفي) للتملّص من ذلك”.

ويُـقر هواش بأن ثمة فرق “ما بين ما تقدر الولايات المتحدة على فعله وما تسعى إليه”، في إشارة ضمنية إلى ضعف الاحتمالات بقِـيام إدارة اوباما بفرض شروط على إسرائيل يمكن أن تؤدّي بالفعل إلى إحلال سلام نهائي.

وإن تكن الفكرة الأمريكية لمفاوضات على أساس حل الدولتين تلمع ذهبا وتثير مشاعر ابتهاج وغِـبطة، فإن عدم وضع مُـصطلح حلّ الدولتين ضِـمن إطار واضح ومحدّد، لا يبدو وأنه سيعني حال الفلسطينيين الذين يعيشون “حلّ الحكومتين” السلطة في الضفة وحماس في غزة.

هشام عبدالله – رام الله

لندن (رويترز) – نقلت صحيفة تايمز اوف لندن يوم الاثنين 11 مايو 2009 عن الملك عبد الله عاهل الاردن قوله ان الولايات المتحدة تروج لخطة سلام بالشرق الاوسط تتضمن “حلا يضم 57 دولة” يعترف فيها العالم الاسلامي كله باسرائيل.

واضاف الملك عبد الله “نعرض ان يلتقي ثلث العالم معهم بأذرع مفتوحة”.

“المستقبل ليس نهر الاردن او مرتفعات الجولان او سيناء المستقبل هو المغرب في المحيط الاطلسي واندونيسيا في المحيط الهادي. هذه هي الجائزة”

ولكنه قال “اذا اخرنا مفاوضاتنا للسلام فسيكون هناك صراع اخر بين العرب او المسلمين واسرائيل خلال ما بين الاثني عشر والثمانية عشر شهرا المقبلة”.

وقالت الصحيفة ان الملك عبد الله وضع الخطة مع الرئيس باراك اوباما في واشنطن في ابريل نيسان. ومن المرجح صياغة التفصيلات خلال سلسلة من التحركات الدبلوماسية هذا الشهر ومن بينها اجتماع اوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن الاسبوع المقبل.

وقال الملك عبد الله “ما نتحدث عنه ليس هو جلوس الاسرائيليين والفلسطينيين معا على الطاولة ولكن جلوس الاسرائيليين مع الفلسطينيين وجلوس الاسرائيليين مع السوريين وجلوس الاسرائيليين مع اللبنانيين.”

وعلى الرغم من سعي الفلسطينيين لاقامة دولة في صراعهم القائم منذ فترة طويلة مع اسرائيل فان سوريا تريد عودة مرتفعات الجولان ا لتي احتلتها اسرائيل عام 1967. ونشبت حرب بين اسرائيل وحزب الله اللبناني عام 2006.

وقال العاهل الاردني “اعتقد انه سيتعين علينا القيام بكثير من الدبلوماسية المكوكية وجعل الناس يجلسون على طاولة في الشهرين المقبلين للتوصل لحل”.

وقالت الصحيفة انه بعد اجتماع اوباما مع نتنياهو في واشنطن في 18 مايو ايار قد تشكل مبادرة السلام الجزء الاساسي من كلمته الرئيسية التي يوجهها للعالم الاسلامي من مصر في الرابع من يونيو حزيران.

وقال العاهل الاردني “النقطة الفاصلة ستكون ما يسفر عنه اجتماع اوباما ونتنياهو”.

“إذا حدثت مماطلة من جانب اسرائيل بشأن الحل القائم على اساس دولتين او اذا لم تكن هناك رؤية امريكية واضحة بشأن كيفية تطبيق ذلك في 2009 فحينئذ ستتلاشي كل المصداقية الضخمة التي يحظى بها اوباما عالميا وفي هذه المنطقة بين عشية وضحاها اذا لم يظهر شيء في مايو”.

وقالت الصحيفة انه كحافز لاسرائيل من اجل تجميد بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية قد تعرض الدول العربية حوافز مثل السماح لشركة الخطوط الجوية الاسرائيلية/العال/ بالمرور في المجال الجوي العربي ومنح تأشيرات دخول للاسرائيليين.

ولم يتسن الاتصال على الفور بمتحدث باسم البيت الابيض للتعليق على التقرير.

وتؤيد ادارة اوباما اقامة دولة فلسطينية كجزء من حل صراع الشرق الاوسط. ولم يوافق نتنياهو على الفكرة بعدُ.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 11 مايو 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية