مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“حكومة فلسطينية”.. الحقيقة الكاذبة

صورة وزعتها االسلطة الفلسطينية للقاء الذي جمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية في مدينة غزة يوم 17 أغسطس 2006 Keystone

يعتقد ياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن أركان القيادة الفلسطينية الحالية من حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل، يتلهون بمسألة تشكيل حكومة وطنية.

عبد ربه، المطلع على بواطن العمل السياسي، اعتبر في تصريحات صحفية ان “حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية أكذوبة، ولا أحد حقيقةً يريد هذه الحكومة”.

لعل حديث المسؤول الفلسطيني الرفيع حول “الكذب الرسمي”، يكشف شيئا عن حقيقة مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية كثُـر الحديث عنها مؤخرا دون التوصّـل إلى نتائج ملموسة.

ولا يبخل مسؤولو الحكومة التي ترأسُـها حركة حماس، في إغداق التصريحات المؤيّـدة لتشكيل مثل هذه الحكومة، وهكذا هو حال الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح وباقي الفصائل الفلسطينية الوطنية، بل إن هؤلاء جميعا وقّـعوا على وثيقة الوِفاق الوطني، التي اقترحها ممثلو الأسرى في السجون الإسرائيلية، وهي الوثيقة الدّاعية إلى تشكيل حكومة وِحدة وطنية. لكن الاتفاق الذي وُقّـع في نهاية شهر يونيو الماضي لم ير النور حتى الآن.

ولم تفلح اللقاءات الأخيرة، التي جمعت الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية في الخروج بنتائج ملموسة على طريق تشكيل الحكومة المنشودة، وبالرغم من استمرار الحوار حولها، فإن احتمالات تشكيها لا زالت غير أكيدة، بل إن هنية ومعه مسؤولون من حركة حماس، خرجوا إلى العلن باشتراطات مُـسبقة لتشكيل الحكومة، لاسيما ما أعلنه رئيس الوزراء حول وجوب أن يكون رئيس الحكومة من حركة حماس وأن تشكيل حكومة الوِحدة الوطنية الجديدة يُـفترض أن يسبقه الإفراج عن الوزراء والنواب المعتقلين ورفع الحصار عن قطاع غزة والضفة الغربية.

واستنادا إلى مصادر مقرّبة من الرئاسة، فإن هنية كرّر هذه الشروط خلال لقائه الأخير مع الرئيس عباس الذي رفضها بدوره.

المربّـع الأول

وإذ تتّـفق مختلف الفصائل والحركات الفلسطينية في الدخول بحوار جديد حول حكومة الوِحدة الوطنية، فإن هذا لا يعني وجود توافق بينها، لاسيما فتح وحماس، على ماهية هذه الحكومة وأهدافها.

وفي حين ترى فتح، استنادا إلى أكثر من مسؤول، أن تشكيل حكومة وِحدة وطنية يجب أن يرتكِـز إلى برنامج وطني مُـوحّـد، ترى حماس أن استيعاب أعضاء جُـدد في حكومتها الحالية كفيل بقيام وِحدة وطنية.

ربّـما لم تفصح حماس كثيرا عن مُـواصفات الوِحدة الوطنية التي تؤمن بها وتريدها، إلا أن الشروط القليلة الكبيرة التي تضعها لتأسيس مثل هذه الحكومة، تعكِـس التناقض الكبير مع فتح وبقية الفصائل.

وقد أعلن عبد ربه أن اللّـجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تعكِـف على صِـياغة برنامج سياسي، يتناول الوضع الفلسطيني والداخلي، وقال في تصريحات صحفية “إن أي حكومة قادمة يجب أن تتبنى هذا المشروع”.

وفي ذات الوقت، فإن وثيقة الوِفاق الوطني تدعُـو إلى برنامج سياسي وطني واحد، وتدعو إلى انتهاج سُـبُـل مقاومة جديدة لا تكلِّـف الفلسطينيين ثمنا باهظا إضافيا لما كبّـدتهم سنوات الانتفاضة الأخيرة.

لكن حركة حماس ترى أن السبيل الأنسب لتشكيل حكومة وِحدة وطنية، يكون عبر الأساس الذي أفرزته الانتخابات التشريعية الأخيرة ونالت فيه الحركة الإسلامية حصة الأسد في المجلس التشريعي.

حماس تؤمن في حكومة وِحدة وطنية تضُـم الجميع تحت عباءتها وحسب برنامجه السياسي. في المقابل، فإن فصائل منظمة التحرير الموقّـعة على وثيقة الأسرى، تدعو إلى حكومة وِحدة وطنية من نمط آخر قائم على برنامج وطني موحَّـد.

وهكذا، مع الانقسام الذي يسود حركة فتح، الخلافات بين ما اصطلح عليه الحريصين، القديم والجديد، فإن قضية تشكيل حكومة وِحدة وطنية تعود إلى المربّـع الأول، مربَّـع عدم الاتّـفاق.

المشكلة السياسية

إن الأمور تبدو أكثر تعقيدا وأكبر من مسألة تلاهي أو “أكذوبة، إذ أنها تصبُّ في قلب الأزمة الحالية التي تعصِـف بالفلسطينيين منذ تولّـي حماس الحكومة في شهر مارس الماضي.

وحيث يحاول المسؤولون على كل جهة، حماس وفتح، الظهور بمظهر القادر على الخروج من الأزمة باستخدام معادلة تشكيل حكومة وِحدة وطنية، فإن واقع الحال يُـشير إلى أن المخرج لن يتأتي دون التعامل مع شروط اللّـجنة الرباعية حول اعتراف الحكومة، أيّ حكومة، بإسرائيل وبالاتفاقات الدولية لرفع الحِـصار السياسي والاقتصادي المفروض على الفلسطينيين.

لذلك، لن يكون بمقدور حكومة وِحدة وطنية تقودُها حماس، وغير مستعدة للاعتراف الشروط، من أن تُـقلِـع مجدّدا، وفي ذات الوقت، لا يبدو أن حماس مُـستعدّة ومؤهّـلة لترك الحُـكم لغيرها.

وقد ساهمت حملة الاعتقالات الحالية التي تشنّـها إسرائيل، وطالت رئيس المجلس التشريعي ونحو ثلاثين من نواب حماس، إضافة إلى وزراء في تأجيج موقف حماس من تشكيل حكومة وِحدة وطنية تعترف بالشروط الإسرائيلية، التي تبنّـتها اللّـجنة الرباعية.

هشام عبدالله – رام الله

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية