مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“لقـد تمزق الستارُ الإنساني الذي اختبـأنـا دائـما وراءه”

67,8% من الناخبين السويسريين وافقوا على تشديد سياسة اللجوء و68% أيدوا السياسة الجديدة إزاء الأجانب، في انتخابات 24 سبتمبر 2006 Keystone

يرى المؤرخ اليساري السويسري هانس - أولريش يوست أن نتائج التصويت على قانوني اللجوء والأجانب يوم الأحد الماضي أبرزت من جديد عنصرا ثابتا في السياسة السويسرية: معاداة الأجانب.

وفي حديث مع سويس انفو، أعرب الأستاذ الشرفي في جامعة لوزان عن قناعته بأن التقاليد الإنسانية للكنفدرالية لا تصلح إلا عندما تخدم مصالحها.

وافق الناخبون السويسريون يوم الأحد الماضي 24 سبتمبر بأغلبية واسعة (68%) على التشديد المـُزدوج لقانوني اللجوء والأجانب الذي أرادته الحكومة والبرلمان.

ولم يـُحدث القانونان، اللذان يحملان بقوة بصمات وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر (من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد)، انقسـاما في البلاد.

ولئن كانت نسبة التأييد أضعف في سويسرا الروماندية – المتحدثة بالفرنسية- حيث تتمركز عادة حركات المقاومة لسياسات اليمين المتشدد، فإنه يبدو أن مختلف أنحاء البلاد تبنت عموما تصورات حزب الشعب.

وهو تطور لم يـفاجئ بتاتا المؤرخ اليساري السويسري هانس – أولريش يوست الذي أجرت معه سويس انفو الحوار التالي:

المزيد

المزيد

حزب الشعب السويسري

تم نشر هذا المحتوى على يقف حزب الشعب السويسري على يمين الخارطة السياسية السويسرية. ظهر للوجود في عام 1971 إثر اندماج حزبين مدافعين عن مصالح المزارعين والحرفيين، ثم شهد نموا كبيرا من بداية التسعينات. تحوّل حزب الشعب السويسري، الذي يدعو إلى انتهاج سياسة اقتصادية ليبرالية وإلى تعاون محدود مع الاتحاد الأوروبي وإلى ممارسة المزيد من التشدد تجاه الأجانب واللاجئين، إلى…

طالع المزيدحزب الشعب السويسري

سويس انفو: هل تـُظهر هذه الانتخابات أن طريقة تفكير الجناح الأكثر تشددا في حزب الشعب السويسري هو الذي أصبح مُهيمنا في سويسرا؟

هانس – أولريش يوست: إن حزب الشعب السويسري لم يفعل سوى إعطاء قيمة – عبر استراتيجية حديثة في مجال إدارة السياسة- لإرث هذا البلد العريق في معاداة الأجانب، وأشرك هذا الإرث بمشاكل ظرفية مثل العولمة، والخوف من تحديث المجتمع، ومشاكل تكاليف القطاع الصحي، إلخ.

سويس انفو: تعتقدون أن لسويسرا إرثا مُعاديا للأجانب؟

هانس – أولريش يوست: بعبارة بسيطة جدا، تعرف سويسرا منذ بداية القرن العشرين عنصرين أو ثلاثة عناصر ثابتة في سياستها، من بينها معاداة الأجانب.

لقد بدأ ذلك قبل الحرب العالمية الأولى، مع قضية الأجانب، وأسوأ من ذلك، بإقصاء بعض المجموعات من السـكان، مثل الغجر الذين وصفتهم بوضوح وثيقة للإدارة الفدرالية آنذاك بـ”بلوى”.

ومنذ ذلك الوقت، لم تبتعد عنـّا أبدا قضية الأجانب، واستُخدمت بصفة دورية من طرف اليمين أو أقصى اليمين، وها نحن وصلنا اليوم إلى هذا الحُكم الواضح جدا.

لقد تمزق الستار الإنساني الذي اختبأنا دائما وراءه.

سويس انفو: لكن مع ذلك، يستند العالم إلى التقاليد الإنسانية في سويسرا، والمنتصرون في انتخابات الأحد الماضي يؤكدون أن تلك التقاليد ليست موضع شك. هل هذا مُجرّد سراب في نظركم؟

هانس – أولريش :يوست ليس سرابا، ولكن يجب تنسيب التقاليد الإنسانية لسويسرا. حتى أن صحيفة سويسرية كبيرة ناطقة بالألمانية تُـُعرف بتوجهها المُحافظ كتبت بوضوح أن تقاليدنا الإنسانية تصلح بالفعل طالما تخدم مصالح البلاد، وطالما لا تمس كثيرا بـأنانيـتـِنـا المُقدسة.

وكان هذا صحيحا بعدُ في فترة الهوغونوتيين (Huguenots)، أولئك اللاجؤون البروتستانتيون (الذين اضطهدوا في فرنسا في نهاية القرن السادس عشر، واضطروا إلى الهروب من البلاد بعد أن رفضوا اعتناق الكاثوليكية، التحرير). لقد قبـِلناهم لـدينا، لكن بقدر كبير من التحفـّظ، ودعوناهم إلى المغادرة بأسرع وقت مُمكن.

سويس انفو: لقد أعلن حزب الشعب بعد أنه لن يتوقف عند هذا الحد، إذ سيطالب بإجراءات تقييـدية جديدة إزاء الأجانب. هل تعتقدون أن هذه الموجة التي تُسمونها بـمعاداة الأجانب ستتطور أكثر؟

هانس – أولريش يوست: إنها تتواصل منذ 100 عام على الأقل، وأعتقد أنها ستستمر بالفعل، لأن الأمر يتعلق على ما يبدو بعقلية ترسخت بقوة في البلاد.

وبما أن حزب الشعب يسعى ببساطة إلى تحقيق الانتصارات الانتخابية، فإنه سيستخدم هذا المجال طالما يساعده ذلك على اكتساب أصوات جديدة.

سويس انفو: تميل البلدان المحيطة بنا أيضا إلى تشديد سياستها إزاء الأجانب. هل ترون في هذا المجال خصوصية تنفرد بها سويسرا؟

هانس – أولريش يوست: لا، ليست هنالك أية خصوصية، سوى أننا أكثر نـِفـاقا من غيرنا، أي أننا نحاول دائما الحفاظ على نوع من الخطاب المُفعم بالتقاليد الإنسانية، والزعم بأن سويسرا تتمتع بنوع من العـُذرية، وأنها لا يمكن أن تقع في أخطاء الانحطاط الأخلاقي.

لكننا ننسى أننا وقعنا بعد في تلك الأخطاء. وأعتقد أن إحدى ذرواتها كانت سياستنا إزاء اللاجئين خلال الحرب العالمية الثانية.

سويس انفو – مارك-أندري ميزري

(ترجمته من الفرنسية وعالجته: إصلاح بخات)

يوم 24 سبتمبر 2006، دُعي الناخبون السويسريون إلى التصويت على القانون الفدرالي الجديد حول الأجانب والمراجعة الجزئية لقانون اللجوء.
حاول اليسار التصدي للقانونين بتنظيم استفتاء مزدوج لإقناع الناخبين برفض إضفاء المزيد من التشدد على مجالي الأجانب واللجوء في سويسرا.
غير أن الناخبين صادقوا على القانونين بـ68%.

حصل على دكتوراه في التاريخ والفلسفة في جامعة برن، لكنه أنجز معظم أبحاثه في جامعة لوزان حيث يـُدرس منذ عام 1981.

عندما كان ضابطا وطيارا مقاتلا في الجيش السويسري، أظهر دائما وبوضوح التزامه اليساري.

يـُعدُّ من بين المؤرخين الذين حاولوا وضع السويسريين أمام قراءة واقعية لماضيهم، وخاصة الجزء المتعلق بدور بلادهم خلال الحرب العالمية الثانية.

تقاعد في عام 2005 من كرسي أستاذية التاريخ المعاصر في جامعة لوزان، ويواصل المشاركة في مشاريع بحثية على المستوى الأوروبي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية