مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“محاكمة لتبرير الغزو الأمريكي”

تبدأ محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في بغداد يوم الاربعاء 19 أكتوبر 2005 Keystone Archive

رفض أستاذ القانون السويسري مارك هينزلان طلب عائلة صدام المشاركة في الدفاع عنه معتبرا أن المحاكمة سياسية تفتقر لكل الضمانات القانونية.

وقال إن “محاكمة المنتصرين” لم تسمح للدفاع بالمشاركة في التحقيق ولا للاستماع للشهود وهي محاكمة تتم تحت الاحتلال وبالتالي لا توفي لا بشروط معاهدة لاهاي أو معاهدات جنيف.

يرى أستاذ القانون بجامعة جنيف مارك هينزلان في حديث نشرته قبيل أيام من بداية محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، صحيفة زونتاغس تسايتونغ الصادرة يوم 9 أكتوبر 2005 أن الظروف التي تتم فيها المحاكمة لا تسمح بمحاكمة قانونية وعادلة.

الأستاذ القانوني الذي طلبت منه زوجة الرئيس العراقي المشاركة في هيئة الدفاع عنه، عبر عن رفضه تولي مهمة الدفاع عن الرئيس العراقي معللا بأنه اشترط توفر ثلاث ضمانات: “أولا أن تكون استراتيجية الدفاع قانونية وليست سياسية. وثانيا أن يتم التشاور مع باقي المحامين بهدف التنسيق. وأخيرا تجنب أن تتحول المحاكمة الى مجرد مسرحية”.

ويرى الأستاذ مارك هينزلان – بحكم تردده لأكثر من اثنى عشرة مرة على العراق خلال العامين الماضيين – أن قضاة التحقيق والشهود يتعرضون للقتل، وأن الأدلة تم إتلافها أثناء الحرب. ولهذه الأسباب يقول إنه رفض تولي مهمة الدفاع عن صدام حسين لأن هذه المحاكمة لن تكون إلا “مجرد مسرحية”.

مقارنة مع نورمبرغ

وردا عن سؤال حول ما إذا يمكن تشبيه محاكمة صدام بمحكمة نورمبرغ التي أقيمت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لمحاكمة النظام النازي، أجاب الأستاذ القانوني السويسري مارك هينزلان: “العامل المشترك الوحيد بين المحاكمتين كونهما محاكم أقامها المنتصرون”.

لكنه أضاف بأن “محكمة نورمبرغ – على العكس مما يتم اليوم في محاكمة صدام حسين – كان لها هدف تاريخي بحيث حاولت التوصل الى معرفة الحقيقة كل الحقيقة بخصوص جرائم النظام النازي. وعلى العكس من ذلك يتم اليوم في محاكمة صدام حسين الانفراد بجانب صغير من ملف النظام العراقي، وهو الجانب الذي يثير مشاعر الشعب العراقي أكثر. وبالتالي فإن ذلك لن يسمح بمعرفة حجم النظام القمعي العراقي”.

ويضيف القانوني السويسري: “إن الأمر يتعلق في هذه الحالة بتبرير الغزو الأمريكي والإسراع بإعدام حسين بعد طرح بعض الأسئلة القليلة عليه”.

مجرد مسرحية تلفزيونية…

ولدى سؤاله عن اعتزام عرض المحاكمة على شاشة التلفزيون لإضفاء مزيد من الشفافية والمصداقية على إجراءات المحاكمة يجيب القانوني السويسري: “إن تجربتي كمحام في القضايا الجنائية منذ عشرين عاما، أكسبتني خبرة أن 90 % من الإجراءات تتم تسويتها أثناء التحقيق وليس في جلسة المحكمة”.

وأضاف المحامي السويسري متسائلا: “ما قيمة محاكمة لم يسمح فيها للدفاع بالمشاركة في التحقيق؟ أو للشهود بالإدلاء بشهادتهم إما لأنهم أعدموا أو لأنهم يخشون على حياتهم؟”.

واختتم السيد هينزلان قائلا: “يمكنكم تنظيم محاكمة لصدام حسين على طريقة العروض التلفزيونية الأمريكية، بمدع عام ومحامين يتناوبون على المنصة، ولكن ذلك لن يكون بمثابة محاكمة عادلة لأن المحكمة ما هي إلا محكمة استثنائية، والمحاكم الاستثنائية على اختلافها تتعارض مع كل مبادئ القانون الدولي”.

محاكمة غير قانونية

وفي معرض تعليله للأسباب التي دفعته لاعتبار محاكمة صدام حسين محاكمة تتعارض مع القانون الدولي، يشرح القانوني السويسري مارك هينزلان بقوله: ” معاهدة لاهاي ومعاهدات جنيف تنظر الى مثل هذه المحاكمات بأنها غير قانونية، لأن القوة المحتلة ليس لها الحق في تغيير النظام القضائي في البلد المحتل. وهو ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية. يضاف الى ذلك أن القضاة لم يتم انتخابهم، بل تم تعيينهم من قبل القوة المحتلة. وقد تم استقدام قريب (أحمد) الجلبي الذي كان محاميا مختصا في القضايا الاقتصادية في لندن لوضعه على رأس المحكمة الخاصة العراقية”.

واختتم القانوني السويسري بإجراء مقارنة مع ما تم خلال الإعداد لتشكيل محكمة نورمبرغ، “حيث قامت القوى الحليفة المنتصرة الأربعة باختيار احسن القضاة لديها لتولي تلك المحاكمة”، حسب قوله.

سويس إنفو – نقلا عن صحيفة زونتاغس تسايتونغ بتاريخ 9 أكتوبر 2005

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية