مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“مـرحـبـا بـالــغــد”

ازدان مبنى المدرسة التقنية العليا في زيورخ باعلام الكانتون والكنفدرالية وبشعارات الإحتفال بالذكرى Keystone

تحت هذا الشعار، يحتفل المعهد العالي الفدرالي للتقنية في زيورخ بذكرى مرور 150 عام على تأسيسه، في أعقاب رحلة مثيرة حولته إلى واحدة من أهم 10 مؤسسات جامعية في عالم اليوم.

وقد تميزت مسيرة هذا المعهد الناجح والمتميز بعدم الإكتفاء بالعلم الأكاديمي النظري، والحرص على التطبيقات العملية في شتى المجالات.

لا شك أن الإحتفاء بمناسبة بمثل هذا الحجم، وبصرح علمي أكاديمي بهذا المستوى، لا يجب أن ينصب على الخلفيات التاريخية بقدر ما يهتم برسالة المستقبل والحفاظ على نفس المستوى الرفيع، لذلك تم اختيار شعار الإحتفالات كي يكون مرتبطا بالغد، بما يحمله من اهتمامات علمية وتطبيقية متجددة، وقلق حول كيفية الوصول إلى حلول لها.

ففي كلمة ألقاها مدير المعهد، أولاف كوبلر، أمام وسائل الإعلام يوم الخميس 13 يناير، قال:”إن رسالة المعهد لم تتغير منذ انشائه وحتى اليوم، وهي التفكير في المستقبل، مما جعله يحافظ على مصداقيته أمام الرأي العام”، حسب قوله.

وأضاف كوبلر، “إن المعهد يوسع من نشاطاته بشكل دولي، ويعزز في الوقت نفسه حضوره في المجتمع، أما رسالته في المرحلة المقبلة فستكون تنويع آفاق البحث العلمي، لتشمل أوجها جديدة متميزة، ورفع المستوى العلمي، والمساعدة في برامج نقل التكنولوجيا”.

واشار مدير المعهد العالي الفدرالي للتقنية في زيورخ إلى أن أهم ما يتطلع إليه من احتفالات هذه السنة، فهو الإستماع إلى النقد الهادف البناء، والتعرف على افكار المواطنين المهتمين بالعلوم حول مشكلات المستقبل وتصوراتهم لنوعياتها.

تقريب المعارف إلى المواطن

الاحتفالات تتواصل على مدار العام الجاري، وتشمل مجالات مختلفة وتهدف جميعها إلى التواصل مع الرأي العام ومختلف مكونات المجتمع.

فقد خصص المعهد “شاحنة العلوم” ليضع على متنها معارض مختلفة حول آفاق العلوم الطبيعية، ثم يلتقي المتخصصون مع الرأي العام، يبسطون له ما صعب عليه فهمه أو استيعابه، ويتعرفون على اهتماماته ومشاغله في المستقبل.

وسوف تطوف القافلة في جولة تستمر حتى شهر أبريل المقبل وتشمل كبريات المدن السويسرية، تزور خلالها المدارس، وتقدم للتلاميذ المقبلين على التعليم الجامعي بعض مشروعات الأبحاث التي ستقوم بها في المستقبل، قبل أن تستقر في زيورخ في معرض ثابت يستغرق 17 يوما، تحت عنوان “عوالم المعرفة” يقدم فيه للمواطنين تبسيط للعلوم واجابات ميسرة على أهم المشاكل أو أصعب الموضوعات التي لا يتيسر للمواطن العادي استيعابها.

وتهدف الفكرة إلى مزيد من التقارب مع الرأي العام، وإلى إزالة حاجز الرهبة القائم مع ما يراه البعض صعوبة وتعقيدا في المسائل العلمية، في حين أن الحياة اليومية كلها مرتبطة بالعلوم الطبيعية، في الجسم والحركة ومختلف التعاملات مع البشر والأجهزة على حد السواء.

مشاركة متميزة ومتنوعة

وفي إطار المساهمات المختلفة في المشاركة في هذه المناسبة، أعلنت مؤسسة البريد السويسرية عن إصدار طابع بريدي احتفالا بهذه الذكرى سيتم طرحه في الأسواق يوم 8 مارس المقبل، كما خصصت شركة السكك الحديدية الفدرالية قاطرة تحمل شعار احتفالات المعهد بالحدث لتطوف بها في كافة أرجاء سويسرا، اعتبارا من يوم 21 أبريل المقبل.

كما حرصت 50 مؤسسة سويسرية وعديد الشخصيات العامة على المساهمة في تكاليف هذه الاحتفالات، وهو ما يعكس مدى ترابط المعهد مع قطاعات حيوية مختلفة، تعمل في أنشطة متعددة.

هذا ولا يعني ارتباط اسم التقنية بالمعهد أنه متخصص فقط في الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلوم الحاسوب والهندسة وما شابه ذلك، بل يتم التركيز فيه ايضا على الاقتصاد كما يتوفر على مراكز علمية متخصصة في الأبحاث السياسية والأستراتيجية والأمنية، ويُـصـدر من حين لآخر دراسات قيمة في علم الاجتماع والنفس واللغة الألمانية.

في خدمة المجتمع

ومن المنتظر أن تقيم الإحتفالات المتعددة الجوانب التي ستشهدها الكنفدرالية هذا العام مرة أخرى الدليل على أن العلماء السويسريين ليسوا بعيدين عن الواقع، وأنهم لا ينظرون من عـلياء أبراجهم العاجية إلى المواطن العادي ولا يتجنبون الإستماع إليه.

لذلك فمن الطبيعي أن يشاهد المرء، خلال هذه المناسبات، مواطنين عاديين على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الثقافية، وهم يتحدثون بعمق مع عالم كبير حصل على أوسمة وجوائز دولية متعددة، وربما يكون الحوار بينهما ليس متخصصا في قضايا الذرة والفلك ولكنه يساهم في نهاية المطاف تقريب الطرفين من المعرفة بجميع اشكالها.

ربما لو عادت عقارب الزمن إلى الوراء، لتراجعت الكانتونات عن رفضها عام 1855 تقديم الدعم المادي إلى “المدرسة التقنية في زيورخ” آنذاك من أجل تحويلها إلى جامعة فدرالية سويسرية، على غرار ما شهدته فرنسا والمانيا وبريطانيا.

لكن مثابرة العلماء والحفاظ على القليل الذي كان لديهم، وسعيهم الدؤوب وراء الوصول إلى التميز والإبتكار، هي التي حولت تلك “المدرسة التقنية” البسيطة التي كان طلابها الـ 68 يجرون تجاربهم المعملية في أقبية البيوت، ويتنقلون بين عدد من الأبنية لمتابعة المحاضرات والدروس، إلى واحدة من أشهر 10 جامعات في العالم، تبلغ ميزانيتها السنوية اليوم ما لا يقل عن مليار فرنك، وحصل 21 باحثا فيها على جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء على مدى تاريخها، ليحلم بالانتساب إليها كل من له طموح تقني أو علمي رفيع المستوى.

تامر أبو العينين – سويس انفو

تتواصل احتفالات المعهد العالي الفدرالي للتقنية في زيورخ بذكرى مرور 150 سنة على إنشائه طيلة العام الجاري.
تتضمن الإحتفالات زيارات متنقلة للعلماء بين المدارس السويسرية في 11 مدينة، ومعرضا كبيرا، وتنظيم مؤتمر حاشد في شهر نوفمبر القادم يستضيف كبار الخريجين وقدامى العاملين في المعهد إضافة إلى شخصيات دولية بارزة في العلم والسياسة والاقتصاد.

افتتح المعهد في عام 1855 بـ 68 طالبا وصل عددهم في عام 2005 إلى 12000 طالب و 8000 موظف بمن فيهم الكوادر العلمية والأكاديمية.
32% فقط من اساتذنه سويسريون.
يركز أغلب الدارسين في المعهد على مجالات الهندسة الميكانيكية والكهربائية وتقنية المعلومات وعلوم الحاسب الآلي.
حصل 21 من علمائه وباحثيه على جوائز نوبل في الكيمياء والفيزياء.
تصل رسوم الدراسة فيه إلى 1300 فرنك سنويا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية