مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“يورو 2008” في الجزائر.. قرصنة قنوات وثنائية لغوية وتشجيع لإيطاليا!

swissinfo.ch

ازدهرت تجارة بطاقات تشفير القنوات التلفزيونية العربية والغربية، بسبب تزايد الطلب عليها قبل وقت قصير من بداية كأس أوربا للأمم التي انطلقت يوم السبت 7 يونيو.

ومع أن الحدث رياضي و ينتمي إلى خانة الأهمية العالمية القصوى، إلا أنه أظهر مجددا تناقضات المجتمع الجزائري، حيال الرياضة وأوروبا والعلاقة بين العالمين العربي و الغربي.

أثبتت الكؤوس الأوروبية للأمم، بعد تتابعها خلال السنوات العشرين الماضية، أنها أنجح من الألعاب الأولمبية في جلب اهتمام الجمهور الرياضي الجزائري، وهي في نفس الوقت على أهمية كأس العالم، أو أقل منها بقليل جدا.

كما لا يبدو أن الكأس الأوروبية التي تشترك سويسرا والنمسا في تنظيمها هذا العام ستختلف عما درج عليه الجزائريون، إن لم يزيد اهتمامهم بها أكثر و أكثر، بدليل أن ولعهم بمشاهدة المباريات شديد، وهم على كل حال ثلاثة أصناف.

أما الصنف الأول، فأفراد المجتمع الذين يتوفرون على تلفزيون بسيط مع جهاز استقبال هرتزي تقليدي لا يربط أحدهم إلا بالقناة التلفزيونية الوحيدة، التي ينتظر أن تعرض بعض المباريات مجانا على الذبذبات الأرضية وهؤلاء يعلمون أن القناة الحكومية الوحيدة لا يمكنها عرض كل المباريات بسبب ضيق الوقت وعدم إمكانية التضحية ببرامج أخرى يعرضها التلفزيون في الأوقات العادية.

ولكن هذا الصنف قليل نسبيا إذا ما قارناه بالصنفين الآخرين، و كلاهما يملك جهاز استقبال عبر الأقمار الصناعية إلا أن الخلاف بينهما كبير جدا، على شاكلة الخلاف القائم بين أسامة الإدريسي ومحمد بوكلال.

لصوصية وافتراق لغوي

فأما أسامة الساكن بولاية البليدة، 50 كلم غرب العاصمة فيريد اقتناء بطاقة الجزيرة الرياضية التي تباع بحوالي 4500 دينار جزائري (أي ما يعادل 45 يورو)، لأنه يريد أن تشاهد عائلته كأس أوروبا باللغة العربية، ويضيف أسامة: “لقد تعودنا في القناة التلفزيونية الحكومية على التعليق الرياضي باللغة العربية، وانظر إلى معلقينا البارزين مثل الحبيب بن علي أو عبد الحفيظ دراجي، فإنهما الآن في قناة الجزيرة الرياضية ويعلقان بلغة عربية ممتازة، ما يجعل أسرتي في مأمن من الغزو الثقافي”.

أما محمد بوكلال فله رأي آخر: “أنا أسكن في حي بيلام الشعبي في ضاحية الحراش شرق العاصمة، ولا يمكنني شراء بطاقة الجزيرة، لأنها غالية بعض الشيء، إلا أنني أذهب عند بائعي أجهزة التشفير وأدفع مائة دينار فقط وأتمكن بعدها من مشاهدة مباريات كأس أوروبا على قناتي M 6 و W 9 الفرنسيتين، علما أنني أفضل مشاهدة التعليق باللغة الفرنسية لأنه أكثر دقة وموضوعية من التعليق باللغة العربية”.

يمثل الخلاف بين بوكلال والإدريسي، شكل الافتراق الفكري بين الجزائريين، علما أن جزءا كبيرا من المعرّبين الذين يريدون مشاهدة الجزيرة الرياضية يخونهم الجانب المادي فيشاهدون قسرا القنوات الفرنسية على باقة TPS المشفرة، ويالها من حكاية غريبة…

تشفير وعولمة

الواقع أن الحرب بين الشبكة الفرنسية وبائعي أجهزة التشفير الجزائرية، أشهر من نار على علم، و لقد جن جنون الفرنسيين أكثر من مرة، عندما تمكنت مجموعة من التقنيين الجزائريين المجهولين من فك شيفرات باقة TPS التي تباع في فرنسا عبر اشتراك سنوي لا تقل قيمته عن 400 يورو، في حين يشترى في الجزائر بأقل من 10 يورو أحيانا، وبالمجان إن كان بائع الأجهزة صديقا لك، والأدهى من ذلك أن الكثير من أبناء الجالية الجزائرية في فرنسا، يشترون أجهزة التشفير الجزائرية، ويعودون بها إلى فرنسا.

ولقد اشتكت السفارة الفرنسية في الجزائر، من هذه اللصوصية مرارا وتكرارا، إلا أنها لم تجد آذانا صاغية من الجانب الجزائري، الذي لم يُوقّع بعد على كامل الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق التأليف والمؤلفين، وبالتالي فإن صداع الفرنسيين سيستمر.

وقد يندهش المرء، عندما يعلم أن المشرفين على باقة TPS في باريس وافقوا قبل ثلاثة أسابيع على خطوة تقنية جريئة تتمثل في التشويش على أجهزة الاستقبال عبر الأقمار الصناعية في الجزائر، أي تلك التي يكتشف عبر القمر الصناعي هوتبيرد HOTBIRD أنها تشاهد برامج القنوات الفرنسية من دون دفع الاشتراكات الشرعية، أي بالسرقة.

وكان من نتائج الهجوم، أن توقفت أجهزة الاستقبال عن العمل، و فهم المستعملون أنهم قد هوجموا من فوق، وعلى الفور بدأ الهجوم المعاكس عبر التعاون مع “مجانين” أوروبيين ودوليين في عالم الانترنت والإعلام الآلي ممن هم ضد حقوق التأليف والمؤلفين المعمول بها في العالم الغربي بشكل عام.

وكان من نتائج هذا التعاون العابر للقارات في زمن العولمة، أن تمكن الجزائريون من فك الشيفرة من جديد، وهم يشاهدون الآن القنوات الفرنسية وتلك التي تنقل مباريات كأس أوروبا للأمم، بأقل من عشرة يورو في السنة…

الجزائريون مشجعون .. لإيطاليا!

ويشمل فك الشيفرة جملة قنوات TSR للتلفزيون السويسري الناطق بالفرنسية، وهي ممن حل لغزها منذ بداية العام الجاري، إلا أن أكثر الجزائريين صرف النظر عنها باستثناء المتابعين للقنوات السويسرية لغير غرض مشاهدة الكأس الأوروبية.

رياضيا، لا يوجد خلاف كبير بين الجزائريين حول فريقهم المفضل في البطولة الحالية، لأن الغالبية تعشق الفريق “الأزوري”، أي إيطاليا والبعض ينتظر أداء بن زيمة في الفريق الفرنسي كي يعيد علاقة الحب مع الفريق الفرنسي بعد رحيل زين الدين زيدان.

وكالعادة، يبدي بعض الجزائريين حبهم للفريق الألماني لأنه يمثل برأيهم الصرامة والاستمرارية ولأنه نقيض الفريق الفرنسي لعبا وعقيدة، ويجمح الخيال بهذا الفريق من المناصرين فيظن أنه يؤدي “واجبا” خياليا لمحاربة المستعمر السابق…

وبسبب غياب الفريق الإنجليزي فإن أنصاره في الجزائر سيميلون تقليديا إلى ألمانيا، ولا يعرف أحد لم لا يميلون إلى السويد مثلا؟ وهو نفس حظ الفريق السويسري الذي لا يُتابع كثيرا في الجزائر، منذ جيل اللاعب المميز تشابويزا، ومع ذلك قد يزداد الاهتمام بالفريق السويسري إذا ما تعدى الدور الأول بنجاح، وخاصة إذا ما وصل إلى الربع النهائي.

أما الفريق النمساوي، فبالكاد يسمع به أحد، وهذا يدفع بنا إلى تذكر أناس آخرين لا يسمع بهم أحد وهن النسوة وربات البيوت اللواتي تزعجهن الدورات الكروية العالمية، لأن الأب والأبناء والإخوة يتابعون مبارياتها بشراهة تجعلهم يُصادرون جهاز التلفزيون ويقللون من الاهتمام الضروري بهذا الكائن الحساس الذي يُفقد الإحساس به من طرف الذكور خلال مشاهدتهم لمباريات في كرة القدم.. ويالها من أنانية…

هيثم رباني – الجزائر

تشارك سويسرا والنمسا آليا في بطولة الأمم الأوروبية، بوصفهما البلدين المنظمين للدورة التي تجري منافساتها بين 7 و29 يونيو 2008.

وتحتضن أربعة مدن سويسرية (بازل وزيورخ وبرن وجنيف)، وأربعة مدن نمساوية (إنسبروك وكلاغنفورت وسالسبورغ وفيينا)، اللقاءات الإحدى والثلاثون التي ستجري ضِـمن البطولة.

وتلعب سويسرا مبارياتها في بازل، ومن المنتظر أن يكلِّـف تنظيم البطولة الخزينة السويسرية 182.1 مليون فرنك، تبلغ مساهمة الحكومة المركزية منها 82.78 مليون فرنك.

أما مواعيد المقابلات السويسرية فهي كالتالي:

سويسرا ضد تشيكيا (السبت 7 يونيو، على الساعة 18.00) انهزمت فيها بهدف مقابل صفر.

سويسرا ضد تركيا (الأربعاء 11 يونيو، على الساعة 20:45)

سويسرا ضد البرتغال (الأحد 15 يونيو، على الساعة 20:45)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية