مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

” إنها العولمة المتعسكرة ..”

هل ستتمكن الحركات الشعبية العربية حقا من تأسيس قوة فعالة ضد العولمة swissinfo.ch

"المهم ان ملتقى مناهضة العولمة انعقد، ودشّن بذلك مشاركة العرب للمرة الاولى في الحركة العالمية ضد العولمة". بهذه الكلمات لخّص نجاح واكيم، رئيس "حركة الشعب" اللبنانية التي رعت انعقاد اول تحّرك عربي- دولي ضد العولمة في بيروت، لـ "سويس أنفو" نتائج أعمال هذا المؤتمر الذي دام يومي السبت والاحد الماضيين.

وهذه الكلمات كانت معبّرة عن الواقع بالفعل. أذ كاد الانعقاد يكون الانجاز الوحيد لهذا المؤتمر للاسباب الاتية: أولا، أن الحركة العالمية المناهضة للعولمة، والتي تمثلت في المؤتمر بوفد أوروبي يتقدمه الناشط الفرنسي الشهير جوزيه بوفيه وعدد من ناشطي منظمتي “اتاك” و”دروا ديفون”، وصلت إلى بيروت وهي تجر أذيال أزماتها وراءها. والسبب هو الارتباك الكبير الذي أصاب هذه الحركة في الغرب بعد إعلان الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب وتعاطف الرأي العام الغربي معها، مما افقدها الزخم الشعبي الذي كانت قد حققته في سياتل وواشنطن وجنوا وغيرها.

ثانيا، الوفود العربية المشاركة، والتي تضمنت مندوبين من فلسطين ومصر وسوريا والأردن والعراق وتونس والمغرب، إضافة إلى لبنان، كانت في معظمها ذات قاعدة شعبية ضعيفة.

ثالثا، عدم قدرة ” التجمع الأهلي لمناهضة العولمة في لبنان”، الذي ساهم إلى جانب حركة الشعب في الدعوة للمؤتمر، على تأمين الجوانب التنظيمية والحشد الشعبي الملائم لمثل هذه المناسبة.

بيد أن هذه المعوقات، على أهميتها، لا يبدو انها احبطت منظمي هذا التحّرك. إذ قالت ميرفت ابو خليل، إحدى ابرز القياديين في “التجمع الاهلي” لـ “سويس انفو” ان المؤتمر “سيكون الخطوة الأولى في سلسلة تحركات ننوي القيام بها. وهي تشمل القيام بنشاطات مختلفة في الدول العربية لمناهضة العولمة، والعمل على عقد لقاءات للجان الوطنية للتجمع في البلدان العربية دوريا، واقامة موقع للتجمع على الانترنت لتعزيز الصلة مع المنظمات العربية المختلفة”.

وفي الوقت ذاته، كان النائب المصري ( الناصري ) حمدين الصباحي يعرب ل” سويس أنفو ” عن تفاؤله بإمكان تحّول ملتقى بيروت الى ” نقطة انطلاق لمشاركة الامة العربية، وان متأخرة، في معارضة العولمة، تماما كما شاركت من قبل في تأسيس حركة عدم الانحياز العالمية “.

المحاذير

لكن هل هذه الانطباعات الايجابية في محلها ؟. وهل ستتمكن الحركات الشعبية العربية حقا من تأسيس قوة فعالة ضد العولمة في حلتها الاميركية؟

“سويس أنفو” طرحت هذا السؤال على ناشط فرنسي ضد العولمة ( رفض الافصاح عن اسمه ) فأجاب : “نحن نامل ذلك. لكن التحركات العربية ستكون محاطة بالكثير من الصعوبات”.

وحين سألناه عن طبيعة هذه الصعوبات، أجاب : “انا لا أقصد هنا القيود التي تفرضها الحكومات العربية غير الديموقراطية فحسب، بل أيضا ظلال الحرب الاميركية ضد الإرهاب، والتي تشكل في جانب من جوانبها محاولة أميركية فعلية لادماج العالم العربي والاسلامي في العولمة بالقوة “.

وأضاف : ” لكل هذه الاسباب أرى ان الحركات العربية المناهضة للعولمة قد تتعرض الى مضايقات كثيرة في مقبل الايام … ” .

والحال أن هذا الرأي كان سائدا لدى العديد من الشخصيات المشاركة في مؤتمر بيروت. وعلى سبيل المثال، أعرب جوزيه بوفيه عن اعتقاده بان للعولمة ( خاصة في الشرق الأوسط) “وجها عسكريا، إضافة إلى الوجه الاقتصادي ” . كما لفت النائب الصباحي الى ” ظاهرة العسكرة التي طغت على العولمة منذ احداث 11 سبتمبر \ ايلول الماضي”. هذا في حين اعتبر القيادي الفلسطيني أبو احمد فؤاد ان ” ما يجري في فلسطين وأفغانستان الان من قتل ودمار، هو تعبير من تعبيرات العولمة وهي تنفذ بقوة السلاح وليس عبر نفوذ صندوق النقد الدولي “.

بيد أن هذا البعد العسكري المحتمل للعولمة، لم يغيّب الابعاد المحلية الاكثر أحتمالا. وهكذا فان المفكر والكاتب السوري ميشال كيلو حمل بعنف على الانظمة العربية “التي لا تتيح القيام بأي تحرك ( ضد العولمة )، واذا ما سمحت فأنها تفرض وصايتها وسلطتها”. كما انه أتهم هذه الانظمة بـ ” الغباء “، على حد قوله، إذ ” فيما هي تسعى ( أي الانظمة ) الى الترسمل، تنتقل الدول الرأسمالية الى طور جديد من تنظيم نفسها”.

الظروف الدولية والمحلية، اذا، قد لا تتيح بالفعل كبير مجال امام بروز تحركات شعبية عربية فعلية ضد ظاهرة العولمة. وربما لهذا السبب بالتحديد كان منظمو ملتقى بيروت على حق : فبرغم كل شيء، مجرد انعقاد المؤتمر يعتبر نجاحا..

سعد محيو – بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية