مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 “التغيير في تونس مسؤولية كل التونسيين”

الدكتور منصف المرزوقي أثناء مروره بسويسرا swissinfo.ch

هذا ما اكده المعارض التونسي د. منصف المرزوقي في حديث لسويس انفو عن الأوضاع في تونس عشية اجراء استفتاء شعبي حول الاصلاحات الدستورية التي ستمكن الرئيس بن علي من تولي فترة رئاسية جديدة.

زار الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (غير معترف به) والرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، سويسرا قبل أسابيع، حيث اجرى اتصالات مع وسائل الاعلام السويسرية والهيئات الاجتماعية وبالأخص زملائه الأطباء الذين ساهموا في الضغط من أجل الإفراج عنه عندما كان رهن الاعتقال في تونس.

وقد تزامنت زيارة السيد المرزوقي لسويسرا مع أحداث جربة ومع الاستعدادات في تونس لاجراء استفتاء شعبي (يوم 26 مايو) حول الاصلاحات الدستورية التي ستسمح للرئيس بن علي بالبقاء على راس السلطة بعد تغيير الفقرة 39 من الدستور التي كانت تنص على تجديد الفترة الرئاسية ولايتين فقط.

ويذكر ان الرئيس بن علي تولى مقاليد السلطة عام 1987 بعد عزل الرئيس الحبيب بورقيبة لاسباب صحية، وقد تعهد الرئيس التونسي في بيان السابع من نوفمبر عام 1987 بازالة الرئاسة مدى الحياة، التي كانت سائدة في عهد بورقيبة، وترى بعض فصائل المعارضة التونسية ان الاصلاحات الدستورية المعروضة على الناخبين هي تكريس لرئاسة، قد لا تكون مدى الحياة، لكنها تضمن بقاء الرئيس بن علي في السلطة حتى عام 2014.

“في تونس مشينا إلى الوراء”

يقول الدكتور المرزوقي في تعقيبه على الاستفتاء “ان هذه الخطوات تندرج فيما يسمى بالمسار الدكتاتوري”. ويرى المعارض التونسي: “أن الشعار الذي أتى به الرئيس بن علي والقائل بالتدرج نحو مجتمع ديموقراطي قد حقق العكس. فقد تم القضاء على براعم مجتمع ديموقراطي تتمثل في منظمات حقوق الانسان مستقلة، وأحزاب مستقلة وصحافة حرة ومستقلة”.

ويعتبر المرزوقي ان الرئيس بن علي قام بعملية تحطيم سياسي مبرمجة بداية بالتيار الإسلامي … ثم توجه إلى الأحزاب السياسية المدنية، إما دجنها او لاحقها. ثم عمد إلى حل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في عام اثنين وتسعين وضرب الاتحاد التونسي للشغل ثم الصحافة، ودخل في مسلسل الانتخابات بنسبة 99،99 بالمائة”.

ويرى السيد منصف المروزقي أن هذا المسار “سيتوج بالرئاسة مدى الحياة والحصانة، وهذه هي النقطة الأخيرة في مشروع تثبيت المسار الدكتاتوري”. إذ يعتقد السيد المرزوقي أن تونس قد تراجعت مقارنة مع دول مثل المغرب او الجزائر او حتى الأردن التي خطت خطوات إلى الأمام. وانتهى إلى القول “إذا نجح هذا الاستفتاء، فإن تونس ستصبح من نوع سوريا او العرق، أي دكتاتورية بوليسية مخابراتية من الطراز الأول”.

وعن الوسائل المتاحة امام مؤسسات المجتمع المدني في تونس يقول السيد المروزقي: “بالرغم من هذه الجرافة التي حاولت تحطيم كل الهيئات المدنية المستقبلة، الملاحظ أن المجتمع المدني استطاع أن يعيد هيكلة نفسه، فالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أعادت هيكلة نفسها ، وهناك حزبان جديدان تم تأسيسهما هما الحزب من أجل الجمهورية وحزب التكتل، وولادة الكنفدرالية التونسية للشغل وولادة العديد من المنظمات مثل المركز التونسي لاستقلال القضاء وغيره…”.

ويعترف السيد المروزقي “أن تونس لم تصبح ضحية نظام دكتاتوري، وأن هذا النظام لا يتصرف كما يريد. وأنه بعد أن ضرب المجتمع المدني في بداية التسعينات هو الآن يتلقى ضربات قوية من هذا المجتمع المدني سواء على الصعيد الإعلامي او على مستوى فضح ممارساته في الخارج او على صعيد تحريك الشارع”.

ويرى السيد منصف المروزقي أن الإعلام أصبح يصل إلى كل أنحاء البلاد لتوضيح “حقيقة هذا النظام ومدى تغلغل الفساد فيه”. ولا يتوقع السيد المروزقي أن يؤدي الاستفتاء المقبل “إلى نهاية أزمة النظام بل إلى الوصول إلى قمة من قممه”، مشيرا إلى انتشار شعار”لا خوف بعد اليوم”. ويعتبر “أن نظام بن علي هو حادث مرور في تاريخ تونس لا مكان له ويجب أن ينتهي وهو عبارة عن قوسين سيغلقان”.

مسؤولية الديموقراطيين فيما حدث

ويشير المرزوقي الى فترة بداية المواجهة بين النظام والحركة الاسلامية عندما انضم بعض الديموقراطيين الى لعبة محاربة الخطر الاسلامي ووجدوا فيما بعد ان التيار قد جرفهم ايضا. يقول المرزوقي: “لقد عشت تلك الفترة المظلمة في تاريخ تونس في التسعينيات، وكان هناك جزء من الحركة الديموقراطية يقول ان بن علي عندما يضرب الإسلاميين سيضرب كل اطرف المعارضة ولذلك وليس لأسباب أخلاقية بحتة يجب أن نرفض ضرب الإسلاميين. هذا كان موقفي وموقف قلة داخل التيار الديموقراطي بينما كانت الأغلبية تقول اتركهم يكسرون بعضهم ، سيخلصون من الإسلاميين ثم ندخل في حركة ديموقراطية.

التاريخ حسب ما يقوله المرزوقي “اثبت صحة النظرية الأولى اذ ان بن علي عندما انتهى من الاسلاميين، ضرب كل الأطراف السياسية حتى التي تعاملت معه، لان عقلية النظام الدكتاتوري لا تعترف بمكانة الا للدكتاتور ولعصابته”.

ويعترف السيد المروزقي “بأن معظم الاطراف عدلت ساعتها على الموقف الأخلاقي الأول، بحيث تجد حتى أناس معروفين بكرههم الشديد للإسلاميين، اصبحوا يعترفون للإسلاميين بحق التواجد ويرفضون التجاوزات التي وقعت، وهذا من حسن حظ تونس اليوم، اذ أن كل التيارات بدأت تتفق على أن تونس يجب أن تكون للجميع ويجب أن تكون دولة ديموقراطية ويجب أن يحكمها القانون ويجب أن ننتهي فيها من الشخصانية ومن الحزب الواحد والفضل في ذلك لبن علي لأنه كرّه كل الناس فيه”.

ماذا بعد 2004؟

وعن مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى عام 2004، يقول المعارض التونسي منصف المرزوقي “أذكر أن في التاريخ هناك العديد من الدكتاتوريين الذين فازوا بتسعة وتسعين فاصل تسعة وتسعين بالمائة ولكن هذا لم يمنعهم من السقوط. وآخر مثال على ذلك فوجيموري (رئيس بيرو) الذي غير الدستور ولكن بعد سنة ذهب في حاله”.

ويضيف قائلا: “نحن سنستغل كل هذه المعطيات لكي نحرك ضمائر الناس لأن تونس اليوم أصبحت في خطر. وكما قلت سابقا هي بمثابة بقرة حلوب ولكنها بدأت تظهر أضلعها من كثرة ما حلبوها… والخطاب الذي أتوجه به إلى التونسيين هو أن إنقاذ تونس مسؤولية كل التونسيين”.

ولم يفت المرزوقي التركيز في حديثه مع الجهات السويسرية التي التقاها على التغييرات التي وقعت في العالم بعد احداث 11 سبتمبر وعلى ضوء ما افرزته الانتفاضة الفلسطينية من تاييد وتضامن في الشارع العربي. يقول المرزوقي في هذا السياق:”إذا كانت قضية فلسطين قد أثبتت شيئا فهو أن الشارع العربي عبارة عن مارد نائم بعين واحدة ينتظر من يوقظه. واعتقد أن الأنظمة كلها فوجئت. وإنني ممن كانوا يعتقدون أن العرب هم الذين سيحررون فلسطين ولكننا نشاهد اليوم أن فلسطين هي التي ستحرر العرب، لأنها ستحررهم من عقدة الخوف ومن عقدة الذل”.

ويرى المرزوقي ان “الأحداث الأخيرة كشفت ضعف وخيانة وبشاعة كل هذه الأنظمة وعدم شرعيتها. واعتقد أن الشارع العربي سيكون له دور كبير في فرض الديموقراطية وفي فرض تغييرات جذرية. لذلك قلت وأومن بذلك، أنه إذا كان القرن الثامن عشر هو قرن الثورة الفرنسية والقرن التاسع عشر هو قرن الاستفاقة اليابانية والقرن العشرين قرن الثورة الروسية، فإن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن الثورة العربية”.

محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية