مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

  قمة مغاربية تاريخية!

اصبحت الظروف ملائمة لعقد القمة المغاربية. فهل ستخرج بنائج على طريق تعزيز العمل المشترك؟ swissinfo.ch

تحرص الجزائر على ان تكون القمة المغاربية المقرر ان تحتضنها في 21 يونيو، قمة تاريخية ونقطة تحول في العمل المغاربي المشترك، الذي ساده الجمود الكامل خلال السنوات الماضية.

اذا كانت الرغبة الجزائرية هذه لا تتعارض مع رغبات ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا، شركائها في اتحاد المغرب العربي الذي تأسس عام 1989، فإن عقد القمة المغاربية بات منذ منتصف التسعينات هدفا بحد ذاته، بعد تعثر عقدها لاسباب منها ما يعود لازمات او تحولات داخلية عرفتها بعض دول الاتحاد، او توترات سادت علاقات ثنائية او وضع دولي فرض على المنطقة اكراهاته.

عقد القمة المغاربية، وان كان ميثاق تأسيس الاتحادي المغاربي ينص على عقدها سنويا (كانت القمة نصف سنوية خلال السنوات الاربع الاولى بعد التأسيس)، بات هدفا لعله يمسح “النحس” الذي يلاحقها منذ ان تقرر عقدها في العاصمة الجزائرية، في اطار تداول دول الاتحاد على احتضانها وبالتالي رئاسة الاتحاد.

كان مقررا عقد القمة المغاربية في الجزائر بداية عام 1995 بعد سنة من رئاسة الجزائر للاتحاد، لكنها لم تعقد لان عام 1994 كان اكثر السنوات حرجا في تاريخ الجزائر المستقلة، حيث بلغ العنف الدموي والمواجهات بين السلطة والجماعات المسلحة اوجه ولم تكن الظروف الامنية ملائمة لاستضافة القمة.

كما كان التوتر في العلاقات الجزائرية المغربية حادا وكاد يتحول الى حرب بين البلدين. فالاتهامات والحملات الاعلامية المتبادلة كانت في تصاعد على خلفية هجمات مسلحة قام بها اصوليون من اصل مغربي وجزائري على فندق اطلس في مراكش وكشف الهجوم احتقانا في العلاقات بين الرباط والجزائر، مما ادى الى فرض التأشيرة المسبقة على مواطني البلدين واغلاق الحدود البرية بينهما.

كانت الجزائر تصر على عقد القمة المغاربية في موعدها، لكن اشارات عن الوضع الامني الجزائري اتت من هذه العاصمة او تلك، وتوتر العلاقات المغربية الجزائرية واعتذار ليبيا عن رئاسة الاتحاد التي كانت من نصيبها حسب الاحرف الابجدية، فرضت على الدول الخمس ابقاء الرئاسة للجزائر سنة اخرى وتأجيل عقد القمة.

التغييرات الداخلية والاقليمية

على مدى السنوات السبع الماضية، عرفت دول منطقة المغرب العربي الكثير من التغييرات. في الجزائر استقال رئيس وجاء رئيس جديد خلفا له، المواجهات المسلحة مع الحركات الارهابية، وان خفت كثيرا، لكنها لم تتوقف، والازمة السياسية استفحلت رغم اجراء انتخابات تشريعية وبلدية متعددة، آخرها الانتخابات البرلمانية التي جرت في 26 مايو واعادت جبهة التحرير الوطني (الحزب الوحيد سابقا) الى صدارة السلطة التشريعية.

في المغرب مات ملك وجاء ملك، وحكومة جديدة (حكومة الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي) اعتبرت ثورة في الحياة السياسية العربية، لكن الازمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بقيت على حالها.

ثنائيا بين الجزائر والمغرب، قطب الرحى المغاربي، بقي الوضع على ما هو عليه. الحدود المغلقة والتأشيرات المفروضة والحملات الاعلامية المتبادلة بين الفينة والاخرى، والى جانب هذا نزاع الصحراء الغربية الذي لا يزال ملفه مفتوحا دون ان تلوح في الافق تسوية ممكنة له. واذا كانت تونس وموريتانيا وليبيا التي رفع عنها الحصار، عرفت تطورات داخلية، فإنها تلك التي اتت في السياق العام لمسار كل منها.

على صعيد الهياكل الاتحادية، عادت المؤسسات الى النشاط “الفاتر” بعد جمود قصري وتجميد رسمي على مدى ست سنوات. فالمجالس الوزارية عادت لها الروح بعد ان بقيت سنوات مغيبة. لكن المؤسسات والامانة العامة كانت تنتظر القرار السياسي بإحياء الاتحاد، وهذا القرار هو عقد القمة المؤجلة.

القمة ليست هدفا في حد ذاته

فعقد هذه القمة بات امرا ملحا لكل اطراف المغرب العربي، وان كان لكل سببه او دواعيه، فالجزائر تريد القمة لانها ستحتضنها، وتريدها ليبيا حتى تنتقل الرئاسة اليها، والمغرب لايمانع بعقدها للحفاظ على علاقات جيدة مع طرابلس ونواكشوط وتونس.

لذلك، لم تجد الجزائر صعوبات في الحصول على ردود ايجابية لدعوتها. لكن السؤال هنا هو على أي مستوى ستشارك الدول الاعضاء في القمة؟ فمستوى التمثيل يؤشر على مدى الصفاء الذي وصلت اليه العلاقات بين دول الاتحاد الخمس.

عبد العزيز بلخادم وزير الخارجية الجزائري الذي حمل دعوات حضور القمة الى قادة الدول المغاربية الاخرى، اوحى بعد انتهاء جولته بإمكانية حضور العاهل المغربي الملك محمد السادس قمة الجزائر. واذا ما تم ذلك، فإن صفة التاريخية تكون مستحقة للقمة المغاربية المؤجلة منذ سبع سنوات.

محمود معروف – الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية