مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

  “رأس عرفات” والمؤتمر الدولي…

النوايا الامريكية لايجاد بديل للرئيس ياسر عرفات لم تعد خافية Keystone

كشفت مصادر سياسية لبنانية بارزة لسويس أنفو، أن وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الاوسط، حمل خلال جولته الاخيرة في المنطقة، بندا سريا هو جس نبض الاطراف المعنية حيال إستبدال الرئيس الفلسطيني عرفات بقيادة فلسطينية جديدة.

قام بيرنز مؤخرا بزيارة دمشق وبيروت، وقبلهما مصر وسوريا واسرائيل والاردن والاراضي الفلسطينية والمملكة العربية السعودية. وقد قيل عشية هذه الجولة، إنه يسعى أساسا الى التحضير لعقد المؤتمر الدولي حول الشرق الاوسط.

بيد ان المصادر، وهي وثيقة الصلة بالحكومتين اللبنانية والسورية، قالت ان المسؤولين الذين قابلهم بيرنز في دمشق وبيروت، لاحظوا انه تكلم قليلا عن المؤتمر، وأسهب كثيرا في الحديث عن “إستراتيجية بوش” القائمة على إستئناف عملية السلام، والاصلاحات الفلسطينية، والامن في اسرائيل والاراضي الفلسطينية. وأضافت تلك المصادر لسويس انفو ان المسؤول الامريكي ألمح اكثر من مرة الى ان عملية السلام لن تتقدم، “الا اذا ما وثق العالم بوجود قيادة فلسطينية تنفذ ما يتم الاتفاق عليه”.

وفسرّت المصادر هذه التلميحات بانها ربما تكون تمهيدا لقرار أمريكي بالقيام بعملية “تغيير النظام” (على حد تعبيرها) في فلسطين. وأعادت الى الاذهان التكهنات العديدة التي تدفقت مؤخرا على بيروت ودمشق، وتحدثت عن ان المصريين والسعوديين (وهم حلفاء الرئيس عرفات الرئيسيين في المنطقة) لم يعودوا يمانعون بإستبداله، وإن كانوا يفضلون ان يتم ذلك بالتدرج. وكان الرئيس المصري حسني مبارك أبلغ صحيفة “نيويورك تايمز” قبيل مغادرته الى واشنطن انه “يفضل أن يسّلم عرفات صلاحيات الرئاسة الى قيادة جديدة بعد سنة من الان”.

 خمس عقبات!

ماذا الان عن البنود الاخرى في جعبة بيرنز؟ قال المسؤولون السوريون بعد لقاء المبعوث الامريكي مع الرئيس بشار الاسد، إن بيرنز تعهد بان يعقد المؤتمر الدولي (الذي لم يوضح لا طبيعته ولا طبيعة المشاركين فيه) وفق مرجعية مدريد لعام 1991 ولقراري مجلس الامن 242 و338 الصادرين عام سبعة وستين.

بيد ان الرئيس السوري أوضح للمبعوث الامريكي انه سيتعين على الولايات المتحدة تذليل خمس عقبات قبل التفكير في الدعوة الى المؤتمر وهي مكانه وموعده وجدول اعماله، وتشكيلة الوفود المشاركة فيه، ومستوى المشاركة.

وأضاف المسؤولون أن الرئيس الاسد استوضح من بيرنز موقف واشنطن من الشروط الثمانية التي وضعها رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون لموافقته على حضور سوريا المؤتمر الدولي (وبينها إنهاء “الاحتلال” السوري للبنان وتجريد “حزب الله” من السلاح)، فأكتفى المبعوث الامريكي بالرد أن بلاده ستعد قريبا لائحة الدعوات للمؤتمر الذي تأمل أن تشارك به سوريا ولبنان.

وبالطبع، لم يكن هذا الرد مرضيا للرئيس الاسد. وهو عمد، تبعا لذلك، الى اجراء اتصال هاتفي مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، أبلغه فيه بأن “أي إجتماع يعقد، يجب أن يكون استئنافا واستمرارا لمؤتمر مدريد ومبادئه وفي مقدمتها، الارض مقابل السلام”، مشددا على رفض سوريا العودة بالمفاوضات الى نقطة الصفر كما يريد ارييل شارون.

وفي بيروت، تبلغ بيرنز من الرئيس اللبناني إميل لحود الموقف نفسه حيال مسألة المؤتمر الدولي. وعلم ان لحود تشاور مع الاسد هاتفيا قبل ان يلتقي المبعوث الامريكي. بيد أن بيرنز حمل معه الى بيروت سلسلة مطالب “ملحة” (كما وصفها) وتتمثل في النقاط التالية:


 1.إهتمام الولايات المتحدة العميق بالهدوء على الحدود الجنوبية للبنان، “لأن هذه مسألة حيوية لاستقرار المنطقة”.


 2.تقييد أنشطة “حزب الله”، ليس فقط في جنوب لبنان، بل أيضا على الجبهة الفلسطينية، خاصة وان واشنطن تشك بأن ايران وحزب الله هما اللذان يشجعان الان على استمرار العمليات الانتحارية ضد إسرائيل.


 3.مطالبة لبنان بنبذ وادانة أي عمل عسكري ضد الدولة العبرية.


وحين سئل عما اذا ما كانت هذه المطالب تشكل شرطا مسبقا للمشاركة في المؤتمر الدولي، أجاب بيرنز، “شرحت للمسؤولين اللبنانيين والسوريين رؤية الرئيس بوش، ونحن ننظر بجدية الى الوسيلة الافضل لاستئناف العملية السياسية. وفي هذا السياق، اعتقد انه من الاساسي القيام بجهود كبيرة وإظهار الالتزام بالمفاوضات السياسية ونبذ العنف وإستعمال القوة”.

حصيلتان

يجمع المراقبون على ان هنالك حصيلتين لجولة وكيل الخارجية الامريكية الاخيرة في الشرق الاوسط. الاولى، أن الولايات المتحدة لا تملك تصّورا سياسيا واضحا محددا للمؤتمر الدولي العتيد الذي قيل أنه سيعقد في شهر يوليو (كان الموعد أصلا في يونيو الحالي) على مستوى وزراء الخارجية. وهذه الضبابية تلبدت اكثر بالغيوم بعد ان ألمح شارون الى انه يريد المشاركة في المؤتمر مع إستبعاد عرفات منه.

والثانية، ان الولايات المتحدة تركز على اولوية قصوى في المنطقة، الامن ثم الامن. وهي تقارب الامور من هذه الزاوية في أطلالتها الشرق الاوسطية، وبالتحديد فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني، وهذه النقطة الاخيرة، هي التي تعزز الى حد بعيد إستنتاجات الاوساط السياسية اللبنانية عن وجود رغبة امريكية في تغيير الرئيس عرفات عاجلا لا آجلا.

سعد محيو- بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية