مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

  “المسالة ليست هل ستقع اعتداءات، بل متى؟”

تتوقع ادارة بوش هجمات ارهابية جديدة في الوقت الذي يتواصل الجدل حول تعاملها مع المعلومات التي سبقت 11 سبتمبر Keystone

تؤكد مصادر الاستخبارات الامريكية من خلال التقاط اتصالات بين اعضاء ميدانيين لتنظيم القاعدة، ان هنالك احتمالات كبيرة بوقوع عمليات ارهابية كبرى بمستوى هجمات 11 سبتمبر او اكثر. ياتي ذلك في وقت يتواصل فيه الجدل في الولايات المتحدة حول تعامل ادارة بوش مع الملفات الاستخباراتية قبل الهجوم على نيويورك وواشنطن.

لم تنف ادارة الرئيس جورج بوش ما كشفته احدى الشبكات التلفزيونية من ان اجهزة الامن الامريكية وعلى راسها وكالة المخابرات المركزية CIA ومكتب التحقيقات الفدرالي FBI قد ابلغا الرئيس جورج بوش في شهر اغسطس عام 2001 باحتمال قيام تنظيم القاعدة باختطاف طائرات داخل الولايات المتحدة، وبوجود شبهات حول عدد من الطلبة الاجانب يتلقون تدريبا على الطيران في بعض المعاهد الامريكية المختصة. غير ان هذه المعلومات لم تكن دقيقة ولم تتضمن اشارة واضحة الى مسالة اختطاف الطائرات بهدف القيام باعمال انتحارية، حسب ما قاله المتحدث باسم البيت الابيض.

ومن شان هذا التطور ان يزيد اوضاع الادارة الجمهورية تعقيدا في الوقت الذي تواصل فيه لجنة الاستخبارات في الكونغرس التحقيق في القصور والثغرات الامنية المحتملة، التي ادت الى احداث 11 سبتمبر. وقد اضطر نائب الرئيس ديك تشيني ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس، الى الظهور خلال نهاية الاسبوع في خمسة برامج تلفزيونية اخبارية كبرى، لتبرير موقف الادارة وللرد على الانتقادات الحادة، التي يوجهها بعض اعضاء الكونغرس، لاسيما من الديموقراطيين، لتعامل الادارة مع هذا الملف.

ويطالب اعضاء الكونغرس، البيت الابيض باطلاع لجنة التحقيق عن المعلومات التي كانت بحوزة الادارة قبل اعتداءات نيويورك وواشنطن، وماذا فعل السيد بوش ومساعدوه بهذه المعلومات، التي تؤكد ان حرب الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة وزعيمه اسامة بن لادن قد بدات قبل مدة طويلة من احداث ايلول، حتى قبل ان تتولى ادارة بوش مقاليد السلطة.

الديموقراطيون مصممون

وبقطع النظر عن الحسابات الداخلية الامريكية والمواجهة بين الديموقراطيين والجمهوريين، فان المعلومات التي كشفت عنها شبكة CBS يوم السادس عشر من مايو، من شانها ان تضعف ادارة بوش التي نجحت حتى الان في بناء اجماع وطني حول سياسة محاربة الارهاب في الداخل والخارج، ويتزامن ذلك مع تاكيد نائب الرئيس ديك تشيني معلومات التقطتها الاجهزة الامنية الامريكية حول وقوع اعمال ارهابية تفوق احداث الحادي عشر من سبتمبر حجما وضراوة.

فقد ذكر تشيني يوم الاحد، ان “آفاق” تعرض الولايات المتحدة لاعتداءات جديدة، حقيقية وحقيقية جدا. واضاف نائب الرئيس قائلا، “…نحن لا نعلم متى ستقع هذه الاحداث، أغدا ام الاسبوع المقبل ام العام القادم…”. لكن تشيني رفض ابلاغ لجنة التحقيق المنبثقة عن الكونغرس بكل تفاصيل التقارير التي تلقتها الادارة من الاجهزة الامنية، كما رفض بشدة النداءات الداعية الى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وغير مسيّسة، لتحديد القصور الامني، الذي ادى الى اعتداءات نيويورك ووانشطن، واعتبر نائب الرئيس ان انشاء مثل هذه اللجنة سيزيد مناخ التحقيق اضطرابا وعشوائية.

ويذكر ان لجنة التحقيق، المشكلة من اعضاء لجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ، قد حصلت على 185.000 صفحة من الوثائق، كما حققت حتى الان مع 184 شخصا من المسؤولين في الادارة واجهزة الاستخبارات، لكنها لم تصل حتى الان الى مرحلة الاستنتاج وتحديد المسؤوليات.

ويطالب اعضاء بارزون في الكونغرس، وعلى راسهم جوزيف ليبرمان، المرشح الديموقراطي السابق لمنصب نائب الرئيس، بتشكيل “لجنة تحقيق مستقلة، غير حزبية وغير سياسية، على غرار اللجنة التي شكلت اثر هجوم بيرل هاربر”، خلال الحرب العالمية الثانية.

لجنة تحقيق مستقلة

ويرى اعضاء ديموقراطيون في الكونغرس ان هنالك “ضرورة لاشراك الخبراء والمختصين في التحقيق، ليس فقط لطرح الاسئلة الضرورية، لكن ايضا لايجاد الاجابات الملائمة” حول مستقبل اجهزة الامن والاستخبارات وتحويلها من اجهزة لا تزال تعمل وفق منطق الحرب الباردة الى اجهزة متمرسة في مقاومة الارهاب والاخطار العالمية.

ومن شان هذه التطورات ان تقض مضجع ادارة الرئيس جورج بوش التي نجحت على مدى الاشهر الثمانية الماضية في الاستفادة من الاجماع الوطني الامريكي، داخل الراي العام والكونغرس. فهي اليوم عرضة للانتقاد الحاد وللتشكيك في مصداقيتها.

فقد بات جليا ان الحرب التي تخوضها واشنطن في افغانستان لم تحقق اهدافها في القضاء على الشبكات الارهابية، التي لا تزال قادرة على توجيه الضربات، ليس فقط في تونس وباكستان، بل داخل الولايات المتحدة، مثلما اقر بذلك نائب الرئيس ديك تشيني، ومثلما جاء في شريط الفديو الذي بثته احدى الوكالات الاخبارية الاسلامية في بريطانيا ويظهر فيه زعيم القاعدة اسامة بن لادن مزدريا بالولايات المتحدة وحلفائها. المؤكد ان مجال المناورة يزداد ضيقا امام الادارة الامريكية مع مرور الايام. فقد تحولت سياستها، بين عشية وضحاها، من الهجوم الكاسح الى الدفاع غير المقنع.

محمود بوناب

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية