مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أمهات يبكين ابناءهن خلال تشييع العشرات من قتلى الفوعة وكفريا قرب دمشق

سوريون يشيعون ضحايا تفجيري الفوعة وكفريا في جامع السيدة زينب قرب دمشق الاربعاء 26 نيسان/ابريل 2017 afp_tickers

تبكي وفاء حمصي إبنتها رغد (13 عاما) المسجاة داخل نعش خشبي في باحة مقام السيدة زينب، على غرار عشرات القتلى الذين شيعوا الاربعاء بعد مقتلهم في تفجير استهدف حافلات كانوا على متنها قبل نحو أسبوعين في شمال سوريا.

وتقول الوالدة لفرانس برس وهي تبكي مشيرة الى النعوش “ابنتي شهيدة هنا وزوجي مع اثنين من ابنائي ما زالوا مفقودين”، مستعيدة اللحظات التي تعرفت فيها الى جثة ابنتها عبر الصور اثناء اسعاف أحد ابنائها المصابين في المستشفى.

وقتل 150 شخصا معظمهم مدنيون وبينهم 72 طفلا على الاقل في الخامس عشر من الشهر الحالي في تفجير استهدف حافلات كانت متوقفة في منطقة الراشدين غرب حلب (شمال) بعدما أقلت سكانا من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من الفصائل المقاتلة في محافظة ادلب (شمال غرب).

وتم ذلك في إطار اتفاق بين الحكومة والفصائل المقاتلة لاخلاء البلدتين الشيعيتين المواليتين لدمشق على مراحل مقابل اجلاء مدنيين ومقاتلين معارضين من مدينتي الزبداني ومضايا ومناطق أخرى في محيطهما تحاصرها قوات النظام في محيط دمشق.

وتعزي الوالدة الثكلى نفسها بابنتها قائلة “آمل انها في الجنة” قبل ان تضيف “لينتقم الله منهم لانهم شتتونا”.

وتتذكر كيف كانت العائلة رغم حصار الفصائل المسلحة بلدتي الفوعة وكفريا لنحو عامين “يداً واحدة.. وما احلاها”.

لا تقطع وفاء الامل بامكانية عودة زوجها وابنيها سالمين رغم مرور نحو اسبوعين على الاعتداء، قبل ان تتدخل احدى قريباتها المرافقات لها قائلة “نأمل ان نسمع ولو خبراً عنهم”.

على غرار وفاء شيع المئات من المدنيين والمقاتلين الموالين لقوات النظام الاربعاء 52 قتيلاً من ضحايا تفجير الراشدين الذي لم تتبن اي جهة تنفيذه.

وفيما اتهمت الحكومة السورية جبهة النصرة بتنفيذ الهجوم، نددت الفصائل المعارضة بالاعتداء، نافية اي علاقة لها به.

ومنذ ساعات الصباح، توافد عدد كبير من عائلات الفوعة وكفريا الى مقام السيدة زينب، وسط اجراءات امنية مشددة.

– “لو يرجع الزمن” –

على وقع صيحات التكبير، وصل 52 نعشاً ملفوفين بالعلم السوري الى باحة المقام حيث وضعت النعوش فوق السجاد الاحمر، قبل اتمام مراسم التشييع الجماعي والدفن في مقبرة مجاورة.

وبحسب أحد منظمي مراسم التشييع، فإن القتلى الذين تم تشييعهم الاربعاء هم الذين “تم التعرف الى هوياتهم” فيما لم تحدد هويات الجثث الاخرى بعد.

وتجمعت عشرات النساء المتشحات بالسواد حاملات صور ابنائهن واقربائهن في احدى زوايا باحة المقام الذي يعد مقصداً لحجاج عراقيين وايرانيين ولبنانيين شيعة، يدأبون على زيارته رغم الحرب التي دخلت عامها السابع، وتعرض المنطقة لاعتداءات وتفجيرات أوقعت عشرات القتلى خلال السنوات الماضية. وتبنت تنظيمات جهادية تنفيذ عدد منها.

بتأثر بالغ، تندب هيفاء محمد السيد حمد ابنها علي (ست سنوات)، الذي قتل جراء التفجير ايضا، أثناء تشييعه.

وتقول لفرانس برس بحزن شديد “أتمنى لو يرجع الزمن الى الوراء ويعود علي الان”.

وتروي انها كانت برفقة ستة من أولادها على متن الحافلات التي استهدفها التفجير. خسرت ابنها علي فيما اصيب ولدان اخران، صبي وفتاة، وما زالا يتلقيان العلاج في المستشفى.

واتخذ عناصر من الجيش والامن السوري ومقاتلون موالون اجراءات امنية مكثفة في محيط المقام، حيث تم اخضاع الداخلين اليه لعمليات تفتيش دقيقة.

وفي باحة المقام، انتشر عناصر شرطة ومقاتلون موالون من دون اسلحتهم وتولوا مراقبة المشيعين. وحمل عشرات الشبان لافتات يطغى عليها اللون الاحمر وفيها صور عدة للباصات المحترقة جراء التفجير مع شعارات عدة، بينها “من دمائكم يزهر النصر”.

وتحمل لافتة أخرى صورة طفل مع تعليق “بأي ذنب قتلت”.

ولم يقو الشاب عبد السلام رمان (19 عاما) وهو يحمل صورة شقيقته تقى (6 سنوات) من اخفاء تأثره وحزنه قائلا “لا أبشع من هذا الشعور، ان تشيع شقيقتك ولا تتمكن من رؤيتها”.

ويضيف بكلمات متقطعة “لحظة معرفة خبر استشهادها كانت صادمة جدا. بقينا ثلاثة ايام حتى عرفنا ذلك، إذ نقلها المسلحون الى مستشفى في تركيا”.

وبحسرة تابع كلامه “ذاب قلبنا حتى وجدناها” بعد اعادتها قتيلة الى مدينة حلب.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية