مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتفاق على إجلاء مقاتلين ومدنيين من دوما في الغوطة الشرقية

وصول مدنيين ومقاتلين تم إخلاؤهم من الغوطة الشرقية إلى قلعة المضيق (45 كلم شمل غرب حماه) في ساعة مبكرة السبت 31 آذار/مارس 2018 afp_tickers

أعلنت روسيا الأحد انها توصّلت الى اتفاق مع فصيل “جيش الإسلام” يقضي بإجلاء المقاتلين والمدنيين الراغبين بالمغادرة من مدينة دوما، آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، ما يمهّد لاستعادة الجيش السوري السيطرة على المنطقة بأكملها.

وحتى مساء الأحد لم يصدر عن جيش الإسلام الذي يسيطر على دوما اي تعليق على الاتفاق الذي أعلنت عنه في وقت سابق من النهار وسائل الاعلام الرسمية السورية ثم أكّده الجيش الروسي.

وقال الجنرال الروسي يوري ايفتوشينكو وفقا لوكالة انترفاكس انه تم التوصل الى “اتفاق مبدئي” لعملية “الاجلاء” من دون تحديد موعد بدء العملية.

ويأتي الاتفاق غداة إعلان الجيش السوري مواصلته القتال لاستعادة مدينة دوما، مؤكداً سيطرته على “جميع مدن وبلدات الغوطة الشرقية” إثر انتهاء ثاني عملية إجلاء من المنطقة التي شكلت منذ العام 2012 معقلاً للفصائل المعارضة قرب العاصمة.

ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها احدى بوابات دمشق، وتُعد خسارتها ضربة قاصمة للفصائل المعارضة التي هدد تواجدها في هذه المنطقة أمن دمشق طوال سنوات.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن التوصل الى “اتفاق نهائي” بين روسيا وفصيل جيش الإسلام في مدينة دوما يقضي “بخروج مقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم والمدنيين الراغبين إلى شمال سوريا، على أن تدخل الشرطة العسكرية الروسية إليها” في خطوة أولى قبل دخول المؤسسات الحكومية.

وأكد التلفزيون الرسمي “التوصل لاتفاق يقضي بخروج الارهابيين من دوما” إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، كما ينص على “تسوية أوضاع المتبقين (…) وعودة جميع مؤسسات الدولة وتسليم الارهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة”.

وتركّزت المفاوضات مؤخراً على وجهة جيش الإسلام لتنتهي بالاتفاق على خروجه إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل موالية لتركيا في ريف حلب الشمالي الشرقي.

وكانت قوات النظام عززت انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل الى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام.

ولطالما كرر قادة جيش الإسلام رفضهم أي حل يتضمن اجلاءهم الى أي منطقة أخرى.

وإثر هجوم جوي عنيف بدأته في 18 شباط/فبراير ترافق لاحقاً مع عملية برية، ضيّقت القوات الحكومية تدريجا الخناق على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب. وبعدما ازداد الضغط عليها، دخلت كل من الفصائل منفردة في مفاوضات مباشرة مع موسكو، انتهت باجلاء مقاتليها من جيبي حرستا وجنوب الغوطة.

– 95% من الغوطه الشرقية –

وانتهت السبت عملية إجلاء مقاتلي فيلق الرحمن ومدنيين من جنوب الغوطة الشرقية بخروج أكثر من 40 ألف شخص على مدى ثمانية أيام. وكان تم الأسبوع الماضي إجلاء أكثر من 4600 شخص من مدينة حرستا.

وباتت قوات النظام بذلك تسيطر على 95 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية إثر الهجوم العنيف الذي تسبب بمقتل أكثر من 1600 مدني وفق المرصد السوري.

ويأتي التوصل الى الاتفاق حول دوما بالتزامن مع تنفيذ عملية إجلاء جزئي من المدينة تتضمن إخراج مئات الأشخاص بينهم “نشطاء وأطباء وجرحى فضلاً عن عائلات مقاتلين من فصيل فيلق الرحمن” إلى محافظة إدلب، وفق المرصد.

ومساء الأحد غادر دوما 1146 شخصا على متن 24 حافلة اتجهت بهم الى إدلب، بحسب التلفزيون الرسمي السوري.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان فإن هذه القافلة ضمت مدنيين جرحى اضافة الى مقاتلين سابقين في فيلق الرحمن وأسرهم.

خلال المفاوضات، تعرض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.

من جهتها أعلنت الرئاسة السورية ان الرئيس بشار الاسد وزوجته أسماء زارا الأحد منطقة باب توما لمعايدة فتاة مسيحية بعيد الفصح بعدما “أصيبت بداية هذا العام بشظايا قذيفة إرهابية مصدرها جوبر أثناء عودتها من مدرستها وأدت إصابتها إلى بتر قدمها”.

– “ضربة قاصمة” –

وخلال سنوات النزاع، الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص، شهدت مناطق عدة عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية العام 2016.

ودعا البابا فرنسيس في عظته لمناسبة عيد الفصح الاحد الى انهاء “الابادة الجارية” في سوريا وتسهيل وصول المساعدات وتأمين الظروف المناسبة لعودة المهجرين.

وخرج من الغوطة الشرقية حتى الآن أكثر من 150 ألف شخص من منازلهم عبر الممرات “الأمنة” التي حددتها قوات النظام عند مداخل الغوطة الشرقية باتجاه مناطق سيطرتها، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وشهدت دوما التي يقيم فيها عشرات الآلاف تدفق نازحين منها بشكل يومي الى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم الى مراكز ايواء في ريف دمشق.

ولطالما شكل وجود الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لقذائف اوقعت مئات الضحايا.

وفي بيانها السبت، اعتبرت قيادة الجيش أن من شأن السيطرة على الغوطة الشرقية تحقيق “إعادة الأمن والاستقرار بشكل كامل إلى مدينة دمشق ومحيطها بعدما عانى السكان المدنيون فيها من جرائم الإرهابيين على مدى سنوات عدة”.

وأضافت أن “الانتصار في الغوطة الشرقية (…) يوجه ضربة قاصمة للمشروع الإرهابي تجاه سوريا”.

من ناحية اخرى، اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان الاحد مقتل نحو عشرين مقاتلا موالين للنظام في الساعات ال24 الاخيرة في هجمات شنها تنظيم الدولة الاسلامية في شرق سوريا حيث خسر الجهاديون القسم الاكبر من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها.

وقال المرصد ان “19 مقاتلا موالين للنظام قتلوا في هجمات عدة شنها جهاديون في الساعات ال24 الاخيرة في مدينة البوكمال ومحيطها”.

وتقع البوكمال في محافظة دير الزور وشكلت لوقت طويل معقلا للجهاديين في سوريا على مسافة غير بعيدة من الحدود العراقية قبل ان يخسروها نهاية 2017.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية