مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استمرار التوجس والترقب رغم بوادر تهدئة خجولة بين مدريد وبرشلونة

قائد شرطة كاتالونيا جوزيب لويس ترابيرو (وسط) لدى وصوله المحكمة الوطنية في مدريد، الجمعة 6 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

يستمر مناخ التوتر والترقب لتطورات الوضع في كاتالونيا حيث اعلن الجمعة عن نتيجة استفتاء الاحد التي اظهرت تأييدا جارفا للاستقلال في اطار جمهورية كاتالونيا، وذلك رغم ظهور بوادر تهدئة يمكن ان تسهل حوارا بين مدريد وبرشلونة، قبل ثلاثة ايام من موعد حددته كاتالونيا لاعلان الاستقلال من طرف واحد مثيرة بذلك قلق اوروبا.

فاز مؤيدو استقلال كاتالونيا بنسبة 90,18 بالمئة من الاصوات في استفتاء تقرير المصير الذي نظم في الاول من تشرين الاول/اكتوبر، بحسب نتائج نهائية نقلتها الجمعة حكومة اقليم كاتالونيا الى البرلمان المحلي.

وتفاصيل النتائج كانت تأييد مليونين و44 الف ناخب كاتالوني للاستقلال ورفض 177 الفا (7,83 بالمئة)، مع نسبة مشاركة بلغت 43,03 بالمئة في الاستفتاء.

وكثيرا ما اشار رئيس إقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون الى ان الاسبان صادقوا على الدستور الاوروبي بنسبة مشاركة بلغت 42 بالمئة.

-“جمهورية كاتالونيا؟”-

وبعد الاعلان رسميا عن هذه النتائج، ينص قانون الاستفتاء على مهلة من 48 ساعة لاعلان الاستقلال رسميا من برلمان كاتالونيا حيث يمثل أنصار الاستقلال أغلبية.

وكان الناخبون اجابوا في الاستفتاء عن سؤال “هل تريد ان تصبح كاتالونيا دولة على شكل جمهورية؟”

وقاطعت احزاب تعارض استقلال كاتالونيا الاستفتاء واعتبرته غير قانوني وغير شرعي.

ولم ترافق الاستفتاء الضمانات التقليدية لمثل هذه الاقتراعات على غرار احصائيات انتخابية شفافة ولجنة انتخابية محلية بعد استقالة جماعية لهذه الاخيرة لتفادي الغرامات الثقيلة للمحكمة الدستورية. كما ان الفرز لم تتوله هيئة مستقلة.

واثار تدخل الشرطة الاسبانية يوم الاقتراع في مئة مكتب تصويت بعنف احيانا لابعاد ناشطين كانوا “يحمون” المكاتب ولمنع الاستفتاء سخط الراي العام.

واكد كارليس بوتشيمون منذ مساء الاحد بناء على نتائج جزئية ان الكاتالانيين حصلوا على “الحق في اقامة دولة مستقلة على شكل جمهورية”.

وهو مع ذلك يراوح بين التصعيد والمرونة فقد وجه نداء لوساطة دولية لاتاحة التفاوض مع حكومة ماريانو راخوي على استفتاء جديد مكتمل العناصر والشروط.

ولم تعلن نتائج الاستفتاء رسميا حتى الان ولا يعرف متى سيتم ذلك. ولا يوضح القانون هل ان مهلة ال 48 ساعة باعتبار ايام العمل ام الايام العادية.

– مغادرة شركات –

في الاثناء قرر “كايشابنك” ثالث اكبر بنك اسباني الجمعة نقل مقره خارج كاتالونيا “بسبب الوضع السياسي والاجتماعي الحالي في المنطقة”، بحسب بيان.

واضاف ان مقر البنك سينقل من برشلونة الى فالنسيا (جنوب شرق) بهدف ضمان “حماية العملاء والمساهمين والموظفين” والحفاظ على “السلامة القانونية والنظامية”، وذلك في وقت تهدد فيه سلطات اقليم كاتالونيا باعلان الاستقلال من جانب واحد.

ياتي ذلك غداة قرار مماثل اتخذه بانكو دو ساباديل ثاني اهم بنوك اسبانيا.

كما قررت مجموعة الغاز الطبيعي الاسبانية نقل مقرها خارج كاتالونيا بسبب الأزمة السياسية بين برشلونة ومدريد و “غياب الامان القانوني” بسبب “الاحداث الاجتماعية والسياسية التي حدثت في الاسابيع الاخيرة في كاتالونيا”، بحسب بيان للشركة.

وظهر الجمعة وبينما كان رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي مجتمعا مع اعضاء حكومته، اعلن رئيس كاتالونيا كارليس بوتشيمون ارجاء كلمة كان سيلقيها أمام برلمان المنطقة في جلسة مقررة مبدئيا الاثنين.

ويمكن ان يفسر اعلان بوتشيمون على انه بادرة بما انه لا يسعى الى عقد الجلسة باي ثمن الاثنين بعد أن حظرتها المحكمة الدستورية. وربما يعني ذلك كسب مزيد من الوقت نظرا للانقسام داخل معسكره.

يأتي اعلان رئيس كاتالونيا بعد تصريحات لمسؤول الشركات في الحكومة الكاتالونية سانتي فيلا المعروف بقربه من رئيس المنطقة وطالب “بوقف اطلاق النار” رمزيا.

وقال ان “هذا يعني الا نتخذ في الساعات والايام المقبلة قرارات لا يمكن اصلاحها”.

– دعوة جديدة الى الحوار –

وتوجه بوتشيمون الى معسكره الانفصالي داعيا الى “التفكير ومعرفة ما اذا كان التسرع يمكن ان يفسد الحلم ومشروعا لم يكن يوما قريبا مثلما هو اليوم”.

وتبدو الازمة حاليا في طريق مسدود مع استبعاد حكومة المحافظ ماريانو راخوي اي فرصة للوساطة.

وقالت وزارة الخارجية السويسرية ردا على سؤال لوكالة فرانس برس الجمعة ان ” سويسرا على اتصال مع طرفي النزاع لكن الشروط لتسهيل حوار لم تجتمع بعد”. واضافت انه “لا يمكن تسهيل (حوار) ما لم يطلب الطرفان ذلك”.

وقال راخوي الخميس إنه “من أجل التحاور يجب البقاء في اطار الشرعية”. وهذا ما كرره الناطق باسم الحكومة منديز دي فيغو الجمعة داعيا قادة كاتالونيا الى حل برلمانهم والدعوة إلى انتخابات إقليمية. وقال إن هذه البادرة ستتيح “البدء بمداواة الجرح”.

في الاثناء، استمع القضاء الاسباني الى زعيمي الحركتين الانفصاليتين الرئيسيتين في كاتالونيا وقائد شرطة كاتالونيا جوزب لويس ترابيرو في جلسة انتهت بدون توقيفهم أو فرض رقابة قضائية عليهم، وفق ناطقة باسم المحكمة الوطنية.

وقال جوردي كوتشارت “يجب الاقرار بالواقع، هناك نزاع سياسي لا يمكن حله الا بالطرق السياسية”.

كما استمعت المحكمة الى مساعدة قائد الشرطة تيريزا لابلانا الملاحقة ايضا، لكن عبر الفيديو.

من جهته، حذر صندوق النقد الدولي من ان التوتر والمخاوف المتصلة بالازمة يمكن ان “تؤثر على ثقة وقرارات المستثمرين”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية