مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استمرار القتال في ناغورني قره باغ وموسكو تتوسط وسط دعوات دولية لوقف التصعيد

عناصر من "جيش الدفاع عن قره باغ" في طريقهم إلى بلدة مرتاكيرت خلال معارك مع القوات الأذربيجانية حول ناغورني قره باغ، في 29 أيلول/سبتمبر 2020 afp_tickers

بدت كل من باكو ويريفان عازمتين الأربعاء على مواصلة القتال بعد أربعة ايام من المواجهات الدامية في جيب ناغورني قره باغ الانفصالي في أذربيجان والمدعوم من أرمينيا رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.

ومساء الأربعاء، بدت عاصمة الجيب الانفصالي المعلنة ذاتياً ستيباناكرت غارقة في الظلام إلى حد كبير، لكن أصوات المعارك من خط الجبهة لم تبلغ المدينة التي، بحسب السلطات المحلية، تعرضت للقصف الأحد.

على الجبهة الديبلوماسية، اقترح وزير الخارجية الروسي استقبال محادثات تتناول مسألة المنطقة الانفصالية. وخلال مكالمتين هاتفيتين منفصلتين مع كل من نظيريه الأرميني والأذربيجاني، أكد سيرغي لافروف “استعداد موسكو لتنظيم الاتصالات الضرورية، ومن بينها عقد لقاء بين وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا وروسيا”، مكرراً الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

وتبدو هذه الدعوة ملحة أكثر من أي وقت مضى مع إعلان موسكو أن “مقاتلين من جماعات مسلحة غير شرعية، خاصة من سوريا وليبيا، يتم نشرهم في منطقة النزاع بناغورني قره باغ للمشاركة في المعارك” في ما قد يؤدي إلى “تصعيد التوتر في النزاع” وكامل المنطقة.

ودعت روسيا دون أن توجه اتهامات مباشرة إلى منع “اللجوء إلى إرهابيين ومرتزقة أجانب في هذا النزاع “.

وسبق أن اتهمت أرمينيا جماعات سورية متحالفة مع تركيا بتجنيد مسلحين للقتال في قره باغ، وهو ما تنفيه أذربيجان، متهمةً من جهتها يريفان باستخدام مقاتلين سابقين في النزاع السوري.

ومن شأن تدويل النزاع في قره باغ حيث تمارس قوى إقليمية مثل تركيا وروسيا وإيران نفوذاً، أن يزعزع استقرار المنطقة.

– “انسحاب كامل” –

ويأتي ذلك بعدما تعهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خلال زيارته عسكريين جرحى في أحد المستشفيات بمواصلة القتال حتى “انسحاب تام وغير مشروط ودون تأخير” للقوات الأرمينية.

وقال بحسب مقاطع بثت على التلفزيون “إذا قبلت الحكومة الأرمينية هذا الشرط، تتوقف المعارك تتوقف، ويتوقف سفك الدماء”.

أغلق من جهته رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الباب أمام المفاوضات صباح الأربعاء، معتبراً أن “من غير المناسب الحديث عن قمة بين ارمينيا واذربيجان وروسيا فيما لا تزال المعارك العنيفة جارية”.

وفي وقت سابق، دعا مجلس الأمن الدولي بالإجماع إلى وقف العنف والعودة إلى المفاوضات.

وتقيم روسيا، إحدى الدول الأكثر نفوذاً في جنوب القوقاز علاقات جيدة مع الطرفين وكلاهما جمهوريتان سوفياتيتان سابقتان.

وتنتمي أرمينيا من جهتها إلى حلف عسكري تهيمن عليه موسكو التي توفر من جهتها أسلحة لكلا الطرفين.

– حصيلة جزئية –

ولم تتمكن روسيا وفرنسا والولايات المتحدة المنضوية في “مجموعة مينسك” منذ عام 1992 من إيجاد تسوية لنزاع ناغورني قره باغ، الجيب الذي تقطنه غالبية أرمنية وانفصل عن السيادة الأذربيجانية.

وأسفرت حرب وقعت فيه بداية التسعينات عن مقتل 30 ألف شخص.

وبحسب حصيلة رسمية، قد تكون جزئية، أسفرت المعارك التي اندلعت الأحد عن مقتل 104 أشخاص، بينهم 81 مقاتلاً انفصالياً أرمنياً، و23 مدنياً.

ولم تعلن أذربيجان من جهتها عن أي خسائر في صفوف جيشها بينما يتبادل الطرفان المسؤولية عن اندلاع المعارك.

وشاهد صحافي في فرانس برس في منطقة بيلاغان الأذربيجانية على بعد عشرات الكيلومترات من الجبهة، دفن عسكري قتل في المعارك بحسب السكان.

وأمام مركز للجيش في يريفان، كان عشرات الرجال من كافة الأعمار يستعدون إلى الذهاب إلى القتال أو هم بصدد التطوع، كما شاهد صحافيون في فرانس برس.

– “معارك محتدمة” –

أكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية في الأثناء إن قواتها “قتلت 2300” من انفصاليي قره باغ منذ تفجر المواجهات الأحد.

وقالت الوزارة إن قواتها “دمرت 130 دبابة و200 وحدة مدفعية.

وقالت وزارة الدفاع الأرمينية من جهتها إنها دمرت خصوصاً 137 دبابة و7 مروحيات، مشيرةً إلى مقتل “790 عسكرياً أذربيجانياً”.

ولم يكن ممكناً التحقق من تلك الأرقام جميعها من مصدر مستقل.

وعزز خطاب عدائي في البلدين خلال الأسابيع الأخيرة من الحماسة الوطنية. وأعلنت التعبئة العسكرية والقانون العرفي في البلدين منذ الأحد.

وتقول أذربيجان إنها حققت مكاسب ميدانية وقوضت خطوط الإمداد الأرمينية. في المقابل، يؤكد جيب ناغورني قره باغ الانفصالي استعادة السيطرة على مواقع سقطت سابقاً.

– مخاوف من تدويل الصراع –

تواصل أرمينيا من جهتها الثلاثاء اتهام تركيا بمساعدة أذربيجان عسكرياً، لا سيما في الجو، وبأنها أسقطت الثلاثاء إحدى طائراتها، وهو ما تنفيه أنقرة وباكو.

وقد يشكل تدخل عسكري تركي مباشر في المعارك انعطافة كبرى من شأنها تدويل الصراع، وهو سيناريو قد يكون كارثياً.

وتركيا هي القوة الوحيدة التي لم تدعُ إلى وقف إطلاق النار، وحضت حليفتها أذربيجان على السيطرة على قره باغ بالقوة.

وقال الكرملين الأربعاء إنه “لا يؤيد دعوات” تركيا التي تقيم معها موسكو علاقات معقدة لكن متوازنة، داعيةً إياها إلى الامتناع عن “صب الزيت على النار”.

وندد الرئيس الفرنسي من جهته بالتصريحات “غير المسؤولة والخطيرة لأنقرة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية