مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اطفال اللاجئين السوريين في لبنان محرومون من المدارس

اطفال سوريون خلال نشاطات لمنظمة غير حكومية في سعدنايل في 16 تموز/يوليو 2016 afp_tickers

تكاد كل احلام مريم الخطيب، اللاجئة السورية البالغة من العمر 15 عاما، تنحصر بالعودة الى المدرسة، لكنه، على بساطته، يبدو حلما بعيد المنال، كما بالنسبة الى الالاف غيرها من السوريين الذين لجأوا الى لبنان.

منذ فرارها مع عائلتها من محافظة درعا في جنوب سوريا قبل ثلاث سنوات ونصف سنة، لم تتمكن مريم من العودة الى المدرسة، وتقول هي اللاجئة حاليا في احد مخيمات قب الياس في شرق لبنان “الانسان بدون علم لا يساوي شيئا، امنيتي ان اتابع علمي واصبح معلمة”.

وتضيف “اشعر بحالة حزن لا توصف، لي امنية ارجو ان يحققها الله لي ولاخوتي وهي ان يفتح باب الفرج لنا لنذهب الى المدرسة”.

ومريم واحدة من اكثر من 250 الف طفل سوري لجاوا الى لبنان من اصل 500 الف لا يذهبون الى المدرسة، وفق تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش الثلاثاء.

وحذرت المنظمة من ان “العدد الكبير للأطفال اللاجئين الذين لا يحصلون على تعليم يُعتبر أزمة قائمة”، مشيرة الى ان “بعضهم لم يرتادوا المدرسة منذ قدومهم إلى لبنان قبل خمس سنوات، وبعضهم لم يدخلوا أي صفوف دراسية قط”.

وبحسب المنظمة فان الأطفال الأكبر سنا هم الاكثر تأثرا، اذ ان “نسبة الأطفال المسجلين في المدارس الثانوية الحكومية ممن تراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة في العام الدراسي 2015-2016 (…) لا تتجاوز ثلاثة في المئة”.

وفي قب الياس، تعج عشرات المخيمات العشوائية للاجئين السوريين بالاطفال المحرومين من التعليم.

ويقول اسماعيل الخطيب (18 عاما)، شقيق مريم، “أعيش شعورا قاسيا لا يوصف، أنا بأشد الشوق للعودة الى المدرسة التي ابتعدت عنها وعن رفاقي كما اشتقت الى الأساتذة”.

-متفوقون بدون مدارس-

يتحسر عماد الدين، والد اسماعيل ومريم، على عدم تمكنه من تعليم اولاده، فهو على قوله غير قادر على ارسالهم الى المدارس بسبب الوضع المالي الصعب.

ويقول “نحن في لبنان منذ ثلاث سنوات ونصف سنة، واولادي جميعهم بدون مدارس (…) رغم انهم كانوا من المتفوقين في مدرستهم في سوريا”.

ويعود ذلك الى “الحالة المادية، كما انه حتى اللحظة لم تساعدنا اي جمعية”، يضيف عماد الدين مشيرا الى “انه شعور صعب علي وعلى والدتهم، ان نكون غير قادرين على ادخالهم الى المدارس في لبنان”.

ويخلص “انا خائف جدا على مستقبل اولادي بدون تعليم”.

ورغم ان السلطات اللبنانية سمحت لهم بالالتحاق بالمدارس الحكومية مجانا ومن دون إقامة كما فتحت دواما ثانيا لهم بعد الظهر، يواجه اللاجئون السوريون عقبات عدة بينها التكاليف المرتفعة.

-عقبات امام التعليم-

وتشرح هيومن رايتش ووتش انه رغم جهود السلطات اللبنانية فان الكثير من الاطفال السوريين لا يزالون خارج المدارس، ويعود ذلك لاسباب عدة بينها “شروط التسجيل التعسفية التي يفرضها بعض مديري المدارس، العنف في المدرسة، مثل العقاب البدني من قبل الموظفين والمضايقة والتحرش من قبل الأطفال الآخرين”.

ويضاف الى ذلك ان عدد الصفوف “ما زال غير كاف لاستيعاب اللاجئين السوريين في المدارس الحكومية”.

ويستضيف لبنان اكثر من مليون لاجئ سوري يعيش معظمهم في ظروف بائسة للغاية.

وتفرض السلطات اللبنانية على اللاجئين السوريين شروط اقامة وصفتها هيومن رايتس ووتش بـ”المجحفة”.

ولفتت المنظمة الى انه نتيجة ذلك فان كثيرين يخشون التنقل خوفا من توقيفهم، كما ان الكثير من العائلات غير قادرة على “تأمين مصاريف الدراسة، مثل النقل والمستلزمات المدرسية، فباتت ترسل الأطفال إلى العمل بدل المدرسة”.

وتفرض الاجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية في العام 2015 على السوريين تسجيل اقامتهم عبر الامم المتحدة شرط التزامهم عدم العمل او عبر كفيل لبناني يضمن لهم العمل.

وللحصول على الاقامة، على السوريين ايضا ان يحددوا عنوان سكنهم. وعلى الذين يفوق عمرهم 15 عاما دفع مبلغ 200 دولار سنويا.

ويرى عبد الكريم السالم، احد المسؤولين عن مخيم في بلدة قب الياس، ان على السلطات اللبنانية ان تنشئ مدرسة داخل المخيم.

ويقول “يوجد في هذا المخيم 180 طفلا لا يذهبون الى المدرسة والسبب أنه لا يوجد مدرسة تستوعب هذا العدد”.

ويضاف الى ذلك ان المخيم “يقع الى جانب الطريق العامة وهذا يخلق حالة من الخوف لدى الاهالي على سلامة ابنائهم”، على قوله.

وحضت هيومن رايتس ووتش بدورها لبنان على “ضمان تنفيذ جيد لسياسته الإيجابية لإلحاق الأطفال السوريين بالمدارس، ومحاسبة المتورطين في العنف في المدارس”، فضلا عن “مراجعة شروط الاقامة والسماح لمن نفدت تصاريح اقامتهم بتجديدها”.

كما دعت الى “السماح للسوريين بدخول سوق العمل، بما في ذلك تمكين المعلمين السوريين المؤهلين من تدريس الأطفال اللاجئين”، مشيرة في الوقت ذاته الى ان لبنان يحتاج الى “دعم مالي دولي أكبر ليستجيب لحاجات اللاجئين السوريين التعليمية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية