مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الاحتجاجات في الجزائر تمتد في الزمن فماذا تقترح السلطة؟

حشود المتظاهرين الجزائريين في العاصمة في 15 آذار/مارس afp_tickers

أظهرت التعبئة الضخمة للجزائريين الجمعة أن حركة الاحتجاج ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا تضعف بل أنها كما يبدو في تصاعد مستمر، فكل “العروض” التي قدمها لم تنجح في توقيف الاحتجاجات. فماذا يمكن أن تقدم السلطة لتهدئة الشارع؟

ماذا قال المتظاهرون يوم الجمعة للسلطة؟

أبدى المتظاهرون موقفًا واضحًا رافضا لاقتراح الرئيس بوتفليقة الأخير بتأجيل الانتخابات وهو ما يعني عمليا تمديد ولاية بوتفليقة الرابعة التي يفترض أن تنتهي في 28 نيسان/ابريل 2019.

وأظهروا أنهم لم ينخدعوا بحقيقة أن التخلي عن الولاية الخامسة، تم استبداله بتمديد الولاية الحالية للرئيس إلى أجل غير مسمى.

وأظهرت التعبئة الهائلة بشكل خاص أن حركة الاحتجاج لم تتراجع. بل انها تتنامى من أسبوع لآخر. وإذا كان تحديد عدد المتظاهرين أمرًا صعبًا للغاية ، فقد كان عددهم الجمعة الماضية يساوي على الأقل عددهم في تظاهرة 8 آذار/مارس التي وُصفت بالتاريخية.

ماذا يمكن ان تقترح السلطة؟

حيلة عدم الترشح لولاية خامسة لتمديد الرابعة لم تنجح. والتضحية برئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي لا يحظى بشعبية كبيرة أبعد من أن يكون كافياً.

أما خيار استبداله برجل آخر من “النظام” ، نور الدين بدوي ، وزير الداخلية منذ عام 2015 والذي فرضت الشرطة تحت قيادته الحظر الصارم للتظاهر في الجزائر العاصمة ، لم يطمئن الجزائريين .

ويبقى في الوقت الحالي تشكيل الحكومة الجديدة: لقد وعد بدوي بتعيين كفاءات تكنوقراط من “المهارات الشابة من رجال ونساء”الجزائر …

لكن العثور على “وجوه جديدة” ، في السياق الحالي ، قد يكون أمرًا صعبًا. فما الذي سيجنيه “التكنوقراط الشاب” من خلال العمل مع سلطة منبوذة في حكومة ستكون حياتها “قصيرة” ، وفقًا لاعتراف رئيس الوزراء؟

وبالتالي فإنه من غير المؤكد أن يكون تشكيل حكومة شباب سيكفي. فالمتظاهرون يطالبون “بتغيير جذري وليس تغيير للدمى” كما كتب احدهم على لافته خلال تظاهرة الجمعة.

ولم يتغير المطلب الأساسي منذ بداية التظاهرات وهو رحيل بوتفليقة ومحيطه و”النظام”.

هل يمكن للنظام أن يأمل في إنحسار الحركة؟

منذ بداية المظاهرات في 22 شباط/ فبراير ، يبدو أن السلطة تحاول كسب الوقت لكن الاحتجاج يمتد في الزمن.

لقد دفع الجزائريون السلطة خلال ثلاثة أسابيع إلى آخر تحصيناتها وأعجبهم ذلك، وهم الذين عانوا لفترة طويلة من صدمة “العشرية السوداء” للحرب الأهلية (1992-2002) والتخويف بالفوضى من قبل النظام ، ثم بسبب الخوف الذي تشيعه دولة قوية.

وفي فصل الربيع الذي حلّ بالجزائر ، أصبحت المظاهرات عبارة عن احتفالات عائلية رائعة.

وما زالت فرصة حلول شهر رمضان في الاسبوع الأول من أيار/مايو: فهل يمكن الحفاظ على التعبئة خلال شهر الصوم هذا ، حيث يبرز الشعور بالتعب خلال الايام الحارة، كما يخشى بعض المتظاهرين .

هل يمكن اللجوء إلى القمع؟

أصبح من الصعب تصور اللجوء إلى القمع الآن على ما يبدو، فالحشود ضخمة تجاوزت في عدة مناسبات ما يمكن للشرطة مواجهته.

وبالاضافة إلى ذلك فإن المظاهرات سلمية ولم يتم تسجيل أي حوادث في المدن الأخرى خلال ثلاثة أسابيع من التظاهر وبأعداد كبيرة.

والجمعة كما في سابقاتها وقعت صدامات قليلة على هامش المسيرة وفي نهاية المظاهرة،بين بضع مئات من الشباب وأفراد الشرطة. لكن هذا لم يمنع مئات الآلاف من الناس من المشاركة في المسيرات كل أسبوع ، لعدة ساعات ، في وسط المدينة دون أي حادث مع الحرص على تجنب أي استفزاز أو مواجهة.

كما أنه من الصعب تبرير القمع العنيف ، بينما عيون العالم موجهة نحو الجزائر.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية