مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الاسد ما زال لاعبا اساسيا بعد اربع سنوات من النزاع

الاسد خلال زيارته موقعا عسكريا في جوبر 31 ديسمبر 2014 afp_tickers

يبقى الرئيس السوري بشار الاسد على مشارف العام الخامس من الحرب لاعبا اساسيا في بلد يهدده خطر الانهيار، على الرغم من مقاطعة الدول الغربية والعربية له بعد رهانها على رحيله السريع وسقوط نظامه.

وأدى تنامي نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية الى تغيير الاولويات على المستوى الدولي. وبات خصوم الاسد الذين اشترطوا رحيله من دون تأخير، قلة اليوم. وقد يكون تحول الى محاور حتمي للمجتمع الدولي. وتجلى ذلك في زيارات واتصالات تقوم بها وفود اجنبية ولو غير رسمية الى دمشق منذ فترة.

ويقول مدير المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن فولكر بيرتس “تحسنت مكانة الاسد على المستوى الدولي بعدما تخلت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وآخرون عن المطالبة برحيله المباشر”.

ويوضح فولكر مؤلف كتاب “سوريا بلا بشار” ان “مواقف صادرة في الولايات المتحدة أو في عواصم اوروبية تؤشر الى قبول بالامر الواقع، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، لناحية بقاء الاسد في الرئاسة والبحث في الوقت ذاته عن ائتلاف وحدة وطنية يجمع الاسد والمعارضة المناوئة للجهاديين”.

وقد اعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ابرز مكونات المعارضة، على لسان رئيسه اخيرا ان رحيل الاسد ليس شرطا مسبقا لبدء التفاوض مع ممثلين عنه في شان تسوية ولو انه مصر على مطلب رحيله.

ويقول دبلوماسي أوروبي يتردد غالبا الى دمشق “تعتقد بلدان اوروبية كثيرة باستثناء فرنسا وبريطانيا والدنمارك المتمسكة برفض اي دور للاسد في مستقبل سوريا، ان تبني مطلب رحيل الاسد لم يعد ممكنا بعد مرور اربعة اعوام لكنها اضعف من ان ترفع صوتها”.

ويعدد بين الدول التي ترغب بموقف اوروبي اكثر ليونة السويد والنمسا واسبانيا وتشيكيا ورومانيا وبولونيا. وترى هذه الدول ان معاداة الاسد لم تؤت ثمارها.

وفي حين تبقى روسيا وايران، حليفتا الاسد الاكثر وفاء، ثابتتين في دعمهما المادي والعسكري والسياسي، تتخبط المعارضة السورية في انقساماتها وتعدد ولاءاتها وتجاذبات الدول الاقليمية، لا سيما السعودية وقطر وتركيا، داخلها. يضاف الى ذلك عدم وجود دعم عسكري ثابت لها انتظرته طويلا من الغرب.

وفي هذا الاطار، يمكن ادراج اعلان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ابرز مكونات المعارضة، على لسان رئيسه اخيرا ان رحيل الاسد ليس شرطا مسبقا لبدء التفاوض مع ممثلين عنه في شان تسوية، ولو انه مصر على مطلب رحيله.

دوليا، لخص وزير الخارجية الاميركي جون كيري المعطيات الجديدة بالشكل الاكثر وضوحا “الاسد فقد كل ما يمت الى الشرعية بصلة لكن لا اولوية لدينا اهم من ضرب الدولة الاسلامية ودحرها”.

ولا شك ان تصريحات الموفد الدولي الى دمشق ستافان دي ميستورا الذي قال في 13 شباط/فبراير ان الاسد يشكل “جزءا من الحل” في سوريا، اثارت ارتياحا واسعا في اوساط النظام.

ويرى الباحث في معهد “الدراسات الدولية العليا والتنمية” في جنيف سهيل بلحاج، مؤلف “سوريا بشار الأسد: تحليل لنظام استبدادي” ان “النظام السوري ورئيسه هو محاور المجتمع الدولي، حتى لو ان الدول الغربية والعربية وتركيا تخاصمه”.

وبعد ان منيت قوات الاسد ببعض الهزائم في مواجهة مقاتلي المعارضة عند بدء النزاع، تمكن النظام اليوم الى حد ما من تحقيق استقرار الجبهة العسكرية واحرز بعض التقدم بفضل الدعم الحاسم لحزب الله والحرس الثوري الإيراني.

وتسيطر قواته اليوم على أربعين في المئة من الأراضي السورية بما فيها المدن الكبرى باستثناء الرقة (شمال) ونصف مساحة مدينة حلب. ويعيش ستون في المئة من السكان في المناطق الخاضعة لسيطرته. لكن حسم المعركة لصالحه لا يزال بعيدا.

ويقول ديفيد ليش، صاحب كتاب “سوريا: سقوط مملكة الأسد” ان “النظام يشعر بتفوقه الميداني على المستوى العسكري (…) لكن على المستوى الاقتصادي يبدو الافق قاتما ذلك ان اثنين من حلفائه الرئيسيين، ايران وروسيا، يعانيان بدورهما اقتصاديا”.

ويرى ليش، استاذ تاريخ الشرق الاوسط في جامعة ترنتي في سان انطونيو (تكساس)، ان النظام السوري امام فرصة دبلوماسية راهناً في “لحظة تبدي دول عدة، غربية واقليمية، مرونة في مواقفها تجاه الاسد”.

ويضيف “على الاسد ان يُقبل بسرعة على التفاوض لان ثمة نافذة مفتوحة خلال الاشهر الستة المقبلة قبل انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وهو ما قد يقلص مرونة الادارة الاميركية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية