مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الاعلان عن تعاون ثقافي في اليوم الاول من زيارة ولي العهد السعودي الى فرنسا

رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب (يمين) يستقبل ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في باريس في 9 نيسان/ابريل 2018 afp_tickers

بدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لقاءاته الرسمية الإثنين في باريس، حيث أُعلن عن تعاون ثقافي بين بلاده وفرنسا، وعن زيارة مرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون في نهاية السنة الى الرياض لتوقيع عقود.

وستستعين السعودية بالخبرات الفرنسية لانشاء دار اوبرا واوركسترا وطنية بموجب اتفاق تم توقيعه الاثنين، واعلنت عنه وزيرة الثقافة الفرنسية فرنسواز نيسين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها السعودي عواد العواد.

وتندرج الخطوة في اطار سعي المملكة المحافظة للانفتاح على الغرب. وستساعد دار الاوبرا الفرنسية المملكة على انتاج موسيقى كلاسيكية وعروض خاصة بها.

وأعلنت المملكة الاثنين انها ستشارك رسمياً للمرة الاولى في مهرجان كان السينمائي بتقديم مجموعة من الأفلام القصيرة عند افتتاح المهرجان الشهر المقبل في جنوب فرنسا.

وقال العواد من جهته “الهدف الأساسي من الحراك الثقافي هو ان نطلع العالم على الثقافة الغنية الموجودة اليوم في المملكة والفنون والتاريخ العريق للمملكة العربية السعودية”.

واشار الى ان “موضوع السياحة يدرس الان بعناية لاننا نريد ان نوفر كافة سبل نجاح زيارة السائح”، مشيرا الى دراسة لمسالة منح تأشيرات دخول سياحية خلال السنوات المقبلة.

وسيعقد محمد بن سلمان جولة محادثات الثلاثاء مع الرئيس الفرنسي تنتهي باعلان مشترك. وقد التقى الاثنين رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب.

وكان تناول مساء الاحد بعيد وصوله الى باريس، العشاء مع ماكرون في متحف اللوفر.

ويسعى الرئيس الفرنسي البالغ من العمر 40 عاما في محادثاته مع الامير محمد بن سلمان الى اقامة توازن دقيق بين تعزيز روابط فرنسا مع السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، وتحسين علاقاتها مع ايران، العدو اللدود للرياض.

وتندرج زيارة ولي العهد السعودي الى فرنسا في اطار جولة دولية قادته الى الولايات المتحدة، وبريطانيا، ومصر.

– ماكرون الى السعودية –

وأعلنت مصادر مقربة من الرئاسة الفرنسية لصحافيين ان ماكرون وبن سلمان “سيعملان على إعداد وثيقة استراتيجية ستصبح جاهزة بحلول نهاية العام، ستنتج عنها عقود يتوجه (ماكرون) الى السعودية بنهاية العام لتوقيعها”.

واعلن قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي “امضيا ثلاث ساعات معا” مساء الاحد، وزارا معرض دولاكروا في اللوفر على مدى ساعة قبل عشاء مغلق.

واكدت الرئاسة الفرنسية ان “المحادثات جرت في اجواء ودية ساهمت في قيام رابط شخصي بين الرجلين”، موضحة ان الحديث بينهما جرى بالانكليزية.

واوضح قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي “كان حريصا على اجراء نقاش استراتيجي مع محمد بن سلمان من اجل بناء تحالف مع السعوديين”.

واوضح الاليزيه ان ماكرون طرح خلال لقائه الامير السعودي “قيام تعاون بين فرنسا السعودية في مجال الامن ومكافحة الارهاب والشراكة في مجال الطاقة”.

– انتهاكات وقصف –

ويعتبر نحو 75 بالمئة من الفرنسيين استمرار بلادهم ببيع الاسلحة الى السعودية “غير مقبول”، بحسب استطلاع اجراه معهد “يوغوف” للابحاث.

ونشرت منظمة العفو الدولية الاثنين في صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية اعلانا على صفحة كاملة يظهر قدمي شخص تم اعدامه، داعية ماكرون الى طرح قضية حقوق الانسان خلال لقائه ولي العهد السعودي.

وفي دراسة نشرت الاثنين، اعلن مرصد التسلح “اوبسارم” والفدرالية الدولية لحقوق الانسان وجود “نحو خمسة عشر دليلا على استخدام التحالف العربي بقيادة السعودية اسلحة فرنسية” في اليمن.

ويشير التقرير الى ان “الطلبيات السعودية لشراء الاسلحة شهدت فورة في السنتين اللتين سبقتا النزاع: 1,9 مليار يورو في 2013 و3,3 مليارات يورو في 2014 بعدما كانت قيمتها تتراوح بين 600 و800 مليون يورو”.

وكانت منظمات غير حكومية طرحت أسئلة على الرئيس الفرنسي على خلفية بيع اسلحة فرنسية الى السعودية التي تواجه اتهامات بانها تستخدمها ضد المدنيين في اليمن حيث يخوض التحالف العربي بقيادة السعودية حربا ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران.

وادت الحرب الى مقتل اكثر من 10 آلاف شخص منذ 2015، ووصفتها الامم المتحدة بانها “اسوأ ازمة انسانية في العالم”.

كما اغتنمت منظمات اخرى زيارة ولي العهد السعودي للتنديد بانتهاك حقوق الانسان والصحافة التي تتهم بها المملكة، فيما ذكّرت منظمة العفو بان “السعودية تحتل المرتبة الثالثة على قائمة اكثر الدول اعداما للسجناء”.

وردا على سؤال حول المدون السعودي رائف البدوي المحكوم بالسجن في السعودية بتهمة الاساءة للاسلام، قال العواد “لا أستطيع ان اتحدث عن قضية نظرت امام القضاء وانتهت ولكن نستطيع ان نتحدث بشكل عام، هناك مساحة كبيرة للحرية ومساحات كبيرة للابداع وهناك أيضا قيود على أمور معينة لا نستطيع ان نتنازل عنها”.

واضاف “الحديث عن الدين بشكل مسيء أمر غير مقبول. في نهاية المطاف، المملكة العربية السعودية هي قبلة المسلمين وبالتالي يجب على الجميع ان يحترم هذا الشيء”.

– توترات كامنة –

وكان مسؤولون سعوديون اعلنوا قبيل زيارة الامير محمد بن سلمان الى فرنسا ان العلاقات بين ولي العهد والرئيس الفرنسي جيدة نظرا الى انهما شابان اصلاحيان.

الا ان الزيارة تأتي بعد فترة من التوترات الكامنة.

ودخل الرئيس الفرنسي على خط ازمة اقليمية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عندما اعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض استقالته مباشرة عبر التلفزيون في خطوة يعتقد انها اتت بضغط من ولي العهد. لكنه ما لبث ان تراجع عنها بعد تدخل فرنسي.

واعلن ماكرون انه ينوي زيارة ايران ليكون اول رئيس فرنسي يزور الجمهورية الاسلامية منذ 1976 في اطار سعيه لبناء علاقات مع القوتين الاقليميتين المتنافستين في الشرق الاوسط.

وترى المحللة في معهد الجزيرة العربية نوال العتيبي أنه “على الرغم من التوترات، السعودية بحاجة للخبرات الفرنسية في سعيها لافتتاح قطاعات كبرى كالترفيه والسياحة والسينما من اجل تنويع موارد اقتصادها المعتمد بشكل شبه كلي على النفط”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية