مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الايرانيون يختارون الجمعة بين انفتاح روحاني وتشدد رئيسي

الرئيس الايراني محمد روحاني خلال حملة انتخابية في مدينة اردبيل بشمال غرب ايران، الاربعاء 17 ايار/مايو 2017 afp_tickers

يدلي الإيرانيون الجمعة بأصواتهم في انتخابات تُقرّر ما إذا كانوا سيؤيدون أو يرفضون منح ولاية ثانية للرئيس المعتدل حسن روحاني وسياسته الانفتاحية على العالم التي عُلِّقت عليها آمال كثيرة خاب بعضها اليوم.

وتلاقي إنجازات روحاني (68 عاما) انتقادا من خصمه الرئيسي رجل الدين المحافظ ابراهيم رئيسي (56 عاما) القريب من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وستجري الانتخابات في اجواء من التوتر المتزايد مع الولايات المتحدة بدأ مع انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي سيكون في يوم إعلان النتائج السبت موجودا في السعودية، المنافس الإقليمي الرئيسي لطهران.

وعقد المرشحان اخر التجمعات الانتخابية الأربعاء في مدينة مشهد، بحضور عشرات الآلاف من مؤيدي الاثنين.

وسمح روحاني بحفل موسيقي خلال التجمع المؤيد له ما يشكل تحديا للسلطات الدينية التي تحظر ذلك في المدينة المقدسة لدى الشيعة.

وفي شوارع طهران، كان أنصاره من الشباب المرتدين أوشحة خضراء وارجوانية، الوان الإصلاحيين والمعتدلين، يوزعون مناشير واثقين من الفوز، مشيرين الى شعار حملته “في منتصف الطريق، لا عودة إلى الوراء”.

ويسعى روحاني، حليف الإصلاحيين الذي انتُخب من الجولة الأولى عام 2013 ب 50،7 بالمئة من الأصوات، إلى الحصول على ولاية ثانية مدتها أربع سنوات. وهو يطمح رغم عداء واشنطن المعلن تجاه بلاده، إلى مواصلة الانفتاح الذي بدأ مع توقيع الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة في تموز/يوليو 2015.

وفي مقابل التزامها بسياسة نووية محصورة بأهداف مدنية، حصلت إيران على رفع جزئي للعقوبات الدولية التي كانت تعوق تطوّر اقتصادها. وقال روحاني في تصريح مؤخرا “خلال هذه المفاوضات النووية، تمكنا من استعادة حقوقنا، وهو أمر لم يصدّق أحد أنه ممكن. إنها قوة الدبلوماسية الإيرانية”.

في غضون ذلك، قررت الولايات المتحدة رغم انتقادات ترامب للاتفاق النووي مواصلة العمل بتخفيف العقوبات المرتبطة بالملف النووي.

الا ان وزارةالخزانة الاميركية فرضت بالمقابل عقوبات جديدة بحق عدد من المسؤولين العسكريين الايرانيين وشركات صينية مرتبطة بالبرنامج البالستي الايراني.

ويلعب في صالح روحاني أيضا الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي كان 40% عام 2013 وبات اليوم نحو 9,5% حاليا.

ولكن خارج إطار استئناف تصدير النفط، لم يجذب الاتفاق النووي الذي دخل حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير 2016 حتى الآن الاستثمارات الأجنبية المتوقعة التي بلغت بين مليار وملياري دولار فقط، في وقت قالت الحكومة انها تحتاج الى خمسين مليارا في السنة لإنعاش الاقتصاد.

ولا يزال المستثمرون والقيمون على البنوك الدولية يبدون تردّداً بسبب موقف الولايات المتحدة التي عزّزت منذ وصول ترامب إلى السلطة العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي، على إيران.

كما أنّ هؤلاء يترددون أيضاً بسبب النظام الاقتصادي والمالي غير الشفّاف في إيران.

– من الأمل إلى اليأس –

ولا يُشكّك ابراهيم رئيسي بالاتفاق النووي الذي وافق عليه المرشد الأعلى خامنئي، لكنه ينتقد نتائج هذه التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقراً، ويقول إنه يريد الدفاع عن هؤلاء.

ويسلّط رئيسي الضوء على الأرقام السيئة للبطالة التي تطال 12,5% من السكان و27% من الشباب، ويتهم حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح “الأوليغارشيّة الأكثر ثراء” في البلاد التى لا تمثل سوى أربعة في المئة من السكان، على حد قوله.

وعلى غرار المرشد الأعلى، يعتقد رئيسي أنّ طريق الخلاص يمرّ قبل كل شيء عبر “اقتصاد المقاومة” الذي يركّز على الانتاج والاستثمارت المحلية.

ويقول الخبير السياسي القريب من المحافظين المعتدلين أمير محبيان إنّ روحاني “وضع كل الرهان على الاتفاق النووي”، مضيفا “ظنّ الناس أن كل المشاكل ستُحلّ بعد الاتفاق، ومن الواضح أن هذا كان غير ممكن”.

وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات أو بإمكانية اجراء دورة ثانية في 26 أيار/مايو في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الاصوات.

وسيشكل ذلك سابقة في ايران، ذلك ان جميع الرؤساء السابقين تم انتخابهم في الدورة الاولى.

وفي هذا الاطار، دعا المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي الاربعاء مواطنيه الى المشاركة بكثافة في الانتخابات الجمعة ليثبتوا “للاعداء” ما تتمتع به البلاد من عزم وامن وهدوء.

وقال خامنئي مخاطبا آلاف الاشخاص الذين تجمعوا في حسينية الامام الخميني بطهران “ان للشعب الايراني اعداء وما عليه الا ان يثبت مرة اخرى عزمه الراسخ على المشاركة في الانتخابات ويبين للعالم أجمع ما يتمتع به من أمن واستقرار وهدوء”.

وأضاف “ان المسؤولين الاميركيين والاوروبيين والصهاينة يراقبون انتخاباتنا ليروا مستوى المشاركة” معتبرا انه متى كانت هذه المشاركة “كبيرة فان حكمهم سيكون مختلفا”.

ولا يعلّق سكان الأحياء الشعبية في طهران آمالا كبيرة على التغييرات التي قد تطرأ على حياتهم اليومية بعد الانتخابات، أياً تكن نتيجتها.

ويقول كليمان تيرم من المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية إن النظام “يحتاج إلى مشاركة” في الانتخابات كي يضمن شرعيته “وهذا أكثر شيء يهمه، وليس النتيجة”.

وفي أحياء طهران الشعبية الأكثر تضررا من البطالة والفقر، تسود اللامبالاة حيال من سيفوز بسبب انعدام الثقة بالتغييرات التي يمكن أن يحققها الرئيس المقبل كائنا من يكون.

وفي محاولة لتعبئة الناخبين، شدّد المرشحون لهجتهم تجاه بعضهم البعض، واتهم المحافظون المقربين من روحاني بالفساد.

في المقابل، اتهم روحاني كلاً من رئيسي ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي الاثنين مقدما دعمه لرئيسي، بأنهما من “أنصار العنف” ومن “المتطرفين” الذين “ولى زمانهم”.

وتجري الانتخابات الرئاسية الجمعة بالتزامن مع انتخابات بلدية، ودعي 56,4 مليون ناخب الى المشاركة فيها. وسيتمثل التحدي الاهم في المدن الكبرى مثل طهران ومشهد (شرق) واصفهان (وسط) لمعرفة ما اذا كان المعتدلون سيتمكنون من انتزاعها من المحافظين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية