مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

البابا يدعو في رسالة الميلاد الى السلام في القدس واستئناف الحوار

البابا فرنسيس (وسط) يحيي المؤمنين من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس بعد توجيه رسالته السنوية في 25 كانون الاول/ديسمبر. afp_tickers

دعا البابا فرنسيس الاثنين في رسالة الميلاد السنوية في ساحة القديس بطرس “المدينة والعالم”، الى السلام في القدس وكل الاراضي المقدسة غداة دعوته 1,3 مليار كاثوليكي في العالم إلى عدم تجاهل محنة المهاجرين الذين يُدفعون إلى ترك أرضهم بسبب قادة تتملكهم نزعة إراقة “دماء بريئة”.

من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس، عبر البابا ايضا عن أمله “في ان تسود رغبة استئناف الحوار من اجل التوصل الى حل متفاوض عليه يتيح التعايش السلمي بين دولتين”.

واشاد ايضا بجهود المجموعة الدولية الهادفة الى مساعدة “هذه الارض الجريحة على ايجاد الوئام والعدالة والامن الذي تنشده منذ فترة طويلة”.

وبعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب في 6 كانون الاول/ديسمبر الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل والذي اثار موجة تنديد عالمية، دعا البابا في الاونة الاخيرة الى “احترام الوضع القائم” في القدس بما يتوافق مع قرارات الامم المتحدة.

وتابع البابا “نرى يسوع المسيح في اطفال الشرق الاوسط الذين لا يزالون يتألمون بسبب تفاقم التوترات بين الاسرائيليين والفلسطينيين”.

وفي جولة افق على الدول التي يعاني فيها الاطفال من النزاعات تطرق الى الاطفال السوريين “الذين طبعتهم الحرب” معبرا عن الامل في ان تستعيد سوريا “الكرامة لكل فرد” من ابنائها، عبر الالتزام بالعمل على “اعادة بناء النسيج الاجتماعي بمعزل عن الانتماء الاتني والديني”.

كما تطرق الى العراق “الذي لا يزال جريحا ومنقسما من جراء الاعمال العدائية” التي وقعت في السنوات ال15 الماضية. وتحدث البابا ايضا عن اليمن “حيث يدور نزاع تم نسيانه الى حد كبير” فيما يعاني شعبه من المجاعة والامراض.

وذكر البابا ايضا مناطق اخرى تشهد صعوبات مثل جنوب السودان وفنزويلا قبل ان يؤكد ان “رياح الحرب تعصف بعالمنا”.

ووجه البابا ايضا نداء الى اعتماد “الثقة المتبادلة” في شبه الجزيرة الكورية. وقال انه يصلي “لكي يتسنى تجاوز المواجهة في شبه الجزيرة الكورية وليمكن تطوير الثقة المتبادلة بما فيه مصلحة العالم بأسره”.

وكان البابا قال للمصلين في كاتدرائية القديس بطرس مساء الأحد “لا ينبغي أن يشعر أحد بأن ليس له مكان في هذا العالم”، قبل عظته الخامسة لعيد الميلاد التي يغلب عليها الطابع السياسي.

لقد أولى البابا الارجنتيني وهو نفسه حفيد مهاجرين إيطاليين أهمية لقضية المهاجرين منذ توليه الكرسي الرسولي قبل قرابة خمس سنوات.

واضاف البابا “هناك الكثير من الخطى المتوارية في خطى يوسف ومريم . نرى آثار الملايين من الاشخاص الذين لا يختارون الرحيل وإنما يدفعون الى ترك أرضهم وترك أحبائهم خلفهم”.

– عدد أقل من السياح في بيت لحم –

خلال قداس منتصف الليل في كنيسة القديسة كاترينا في بيت لحم ندد المدبر الرسولي لبطريركية اللاتين في القدس بيير باتيستا بيتسابالا بالحروب التي يخوضها “(أشباه) هيرودوس اليوم للاستحواذ على المزيد من السلطة واحتلال حيز أوسع”. ويعد المسيحيون هيرودوس طاغية لأنه أمر بقتل كل مواليد بيت لحم عندما بلغه أن المسيح ولد فيها.

وحض بيتسابالا “مسيحيي الأراضي المقدسة الشاعرين بالقلق وربما خائفين مع تراجع أعدادنا، وقلة حيلتنا، وانعدام الأمن الذي يطغى على حياتنا اليومية” على التحلي بالشجاعة في منطقة مضطربة.

وانتقد بيتسابالا ترامب مؤكدا ان “القدس مدينة السلام، ولن يحل السلام اذا ما استُبعد أحد. القدس يجب أن تجمع وليس أن تفرق”، مشددا على مبدأ أن القدس مدينة لكل الشعوب وللديانات السماوية الثلاث.

وقال في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن “القدس هي أمنا (وعندما) تفقد الأم أحد أبنائها لا يمكن أن يطمئن قلبها، ولهذا علينا أن نصلي من أجل سلام القدس”.

ونظمت كشافة بيت لحم عرضها التقليدي بمناسبة الميلاد عبر القرع على الطبول والنفخ في القرب في حين تجمع المئات في جو بارد في ساحة المهد لمتابعة العرض حتى كنيسة المهد.

لكن قلة من السياح وفدوا الى المدينة هذه السنة بعد أن ألغت عشرات المجموعات حجوزاتها اثر قرار ترامب.

وقال سامي خوري مدير مشروع “زور فلسطين” السياحي الالكتروني لفرانس برس “لم يكن هناك الكثير من (الفلسطينيين) ليكون هناك سياح”.

واضاف “لا نشعر انه عيد الميلاد” موضحا ان “الكثير من الوفود السياحية التي كان من المفترض ان تصل في 24 و 25 من الشهر الغت رحلاتها”.

من جهته، قال القس الفلسطيني متري الراهب راعي كنيسة الميلاد اللوثرية الانجيلية في بيت لحم، ان اجواء عيد الميلاد لهذا العام “يمتزج فيها الحزن مع الفرح”.

لكنه قال ان الاحتفال بعيد الميلاد نوع من “المقاومة المبدعة. لا ننكفىء على أنفسنا ولا نيأس بل نصمد (…) ونحتفل بالطفل الذي ولد في هذه المدينة المقدسة”.

وقالت نهيل بنورة (67 عاما) وهي مسيحية من بلدة بيت ساحور القريبة من بيت لحم، إن عيد الميلاد ليس محملا بالبهجة. واضافت وهي تمسك بحفيدتها التي ارتدت قبعة بابا نويل وحملت بالونا، “الوضع تعيس. الناس يخرجون فقط للترويح عن نفسهم”.

نشرت الشرطة الاسرائيلية وحدات اضافية في القدس ونقاط العبور الى بيت لحم قالت ان هدفها تسهيل تحرك ووصول السياح والزوار.

ويعتبر الفلسطينيون المسيحيون والمسلمون ان الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل لا يستبق فحسب نتيجة المفاوضات التي يفترض ان تتناول وضع المدينة، بل يشكل انكارا للهوية العربية للقدس الشرقية التي تحتلها اسرائيل وضمتها، ويقضي على حلمهم في جعلها عاصمة لدولتهم.

– احتفالات في العالم-

في سوريا المجاورة والعراق البلدين اللذين طرد تنظيم الدولة الاسلامية في 2017 من أغلب الاراضي التي سيطر عليها قبل ثلاثة اعوام، احتفل المسيحيون مجددا بعيد الميلاد هذه السنة.

واحيا مسيحيون في الموصل قداس الميلاد.

وفي سوريا التي شكلت معقلا آخر للتنظيم الجهادي في الرقة قبل ان يستعيدها تحالف لقوات عربية وكردية في تشرين الاول/اكتوبر، ما زالت روح الميلاد غائبة. فقد تمت ازالة الالغام من كنيستين لكن السكان لم يعودوا بعد.

وفي حمص، احتفل المسيحيون بعيد الميلاد للمرة الاولى منذ انتهاء المعارك، وفي دمشق زينت شوارع الاحياء ذات الغالبية المسيحية مثل باب توما، ووضعت محلات تجارية اشجارا صغيرة تعلوها الزينة.

ولا يزال مسيحيو الشرق يعانون من عدم الاستقرار، كما في مصر حيث يتعرض الاقباط لاعتداءات يسقط فيها قتلى.

دوليا، حضر دونالد ترامب وزوجته ميلانيا ترامب قداس عيد الميلاد ليل الاحد في فلوريدا حيث يمضيان عطلة نهاية السنة في منتجع مارا لاغو الذي يملكه الرئيس الاميركي.

ووجهت الملكة اليزابيث الثانية الاثنين تحية الى ضحايا اعتداءات لندن ومانشستر في رسالتها التقليدية في مناسبة عيد الميلاد والتي نشرت مقتطفات منها مسبقا.

وبعد نهاية أسبوع مأساوية في الفيليبين بسبب العاصفة التي تسببت بمقتل 240 شخص في جنوب البلاد وحريق خلف عشرات القتلى في دافاو، قتل عشرون شخصا الاثنين في في حادث اصطدام حافلة فيما كانوا متجهين للمشاركة في صلاة الميلاد.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية