مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحج لحظة بلحظة عبر شاشات الهواتف الذكية

احد الحجاج المسلمين يلتقط صورة سلفي في مكة المكرمة في 30 آب/اغسطس. afp_tickers

في باحة المسجد الحرام في مكة المكرمة، يمد عبدالرحمن ذراعه الى اقصى ما يستطيع، وفي يده هاتفه ينقل عبره الى نجله في تنزانيا، بشكل مباشر، مشاهد الحجاج وهم يطوفون حول الكعبة المشرفة.

نبيل (18 عاما)، في قارة اخرى، على بعد آلاف الكيلومترات، يتابع عبر شاشة صغيرة رحلة والده الاستثنائية في أقدس الاماكن لدى المسلمين، فيشاهد ما يشاهده ويشاركه لحظة بلحظة، تأدية مناسك الحج.

تحمل تطبيقات المكالمات المصورة نبيل وآخرين الى المملكة السعودية، وتعيد عبد الرحمن والعديد من الحجاج الاتين من الخارج والبالغ عددهم اكثر من 1,7 مليون شخص، الى بلدانهم.

ويقول نبيل لمراسلة وكالة فرانس برس في المسجد الحرام عبر هاتف والده “اتمنى ان احج يوما ما”.

اما عبد الرحمن، فيشرح بحماسة وبابتسامة عريضة انه ما ان دخل الى المسجد حتى احس انه يريد ان يشارك نجله رحلته هذه، وان يريه “الى أي حد نحن سعداء ومحظوظون”.

– تعديل الوان الصورة؟ –

في زمن الصورة المباشرة، دخلت مكة المكرمة عصر تكنولوجيا الهواتف الذكية، لتصبح شعائر الحج أحد أكثر المواضيع متابعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبين الافراد والعائلات من داخل المسجد الحرام، الى كل بقاع الارض.

تدرك الشركات المنظمة لرحلات الحج الاهمية التي يوليها الحجاج للاتصال بالعالم الخارجي عبر الصورة، ولذا فانها تقترح على زبائنها تعرفة محددة بالانترنت الخاص بالهاتف النقال بدل تعرفة المكالمات العادية الاكثر تكلفة.

ومع توفر خدمة الانترنت في كل مكان، يمضي كثير من الحجاج أوقاتا طويلة وهم يحملون هواتفهم ويقومون بتصوير كل ما يمكن تصويره، باذرعهم الممدودة الى الامام حتى يكونوا هم ايضا ضمن الصورة.

وحتى عند الاستعداد لتأدية الصلاة، فان الهواتف الذكية حاضرة دائما، كما هو الحال في احد المراكز التجارية حيث يقوم زبائن بمقاطعة جولتهم الشرائية لمد السجادة بين السلالم الكهربائية، تحضيرا للصلاة امام ابواب المتاجر التي تقوم باسدال ستائرها.

بانتظار بدء الصلاة، يستعرض أحد الحجاج على شاشة هاتفه بعض الصور التي التقطتها في وقت سابق، فيتوقف عند احداها، ويتاملها لبضعة دقائق، قبل ان يغرق في التفكير: تعديلها لتصبح صورة بالابيض والاسود؟ او ابقاؤها على ما هي عليه؟ لكن اعلان بدء الصلاة يسبق القرار.

– زاوية مختلفة –

امام مقهى اميركي في طابق آخر، يستعرض محمد الماليزي بدوره شريط الصور التي التقطتها منذ بداية رحلته الدينية.

ويؤكد محمد (26 عاما) الذي يعمل صحافيا في بلده انه ومنذ وصوله الى المملكة السعودية، التقط الكثير من الصور وقام بنشرها على تطبيق انستغرام، وعلى موقع فيسبوك، مشيرا الى انه يتطلع الى ان يذكره الموقع برحلته هذه، في اليوم ذاته من كل عام.

ويقول “اصدقائي شاهدوا الكثير من الصور على التلفزيون، لكن صوري تقدم لهم فرصة مشاهدة مكة من زاوية مختلفة”، مشددا على انه يلتقط الصور”لابقاء هذه الرحلة في ذاكرتي. فانا لم افكر يوما انني سآتي الى هنا. لا زلت شابا، والكثير من المسلمين يودون المجيء لكنهم لا يملكون الامكانات”.

يلتقط عبد الرحمن ومحمد الصور باستمرار، لكن صورهم وتحركاتهم تلتقط وتسجل ايضا دون انقطاع من خلال 17 الف كاميرا مراقبة قام السلطات بتركيبها في مواقع مختلفة بحسب مسؤول في الدفاع المدني.

بالنسبة الى عبدالعزيز (20 عاما) زهران وقريبه محمد (19 عاما)، فان المساء هو الوقت المفضل للالتقاط الصور في باحة المسجد الحرام، والتحدث الى الحجاج الاخرين، ومشاركة رحلتهم مع اصدقائهم وعائلتهم عبر هاتفيهما.

ويقول عبد العزيز “نلتقي باشخاص من كل الجنسيات هنا. نختلط بهم، نحاول ان نتحدث معهم”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية