مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السلطات الكردية ترى ان رئيس الوزراء العراقي “اصيب بالهستيريا” وتطالبه بمغادرة الحكم

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي afp_tickers

تتجه الازمة السياسية في العراق الذي يعاني في مواجهة مسلحين متطرفين نحو مزيد من التعقيد مع ارتفاع حدة السجال بين رئيس الوزراء نوري المالكي والسلطات الكردية التي رات الخميس انه اصيب “بالهستيريا”وطالبته “بترك الكرسي”.

ويدور هذا السجال قبل ثلاثة ايام من الجلسة الثانية للبرلمان الجديد الذي فشل في جلسته الاولى في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، وسط فوضى دستورية وتراشق كلامي يستنسخ الخلافات التي طبعت عمل البرلمان السابق واصابته بالشلل على مدى اربع سنوات.

وقال اميد صباح المتحدث باسم رئاسة اقليم كردستان في بيان نشر على موقع الرئاسة اليوم “سمعنا السيد المالكي يكيل الاتهامات الباطلة لمدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان، وعندما ندقق في اقواله نستنتج ان الرجل قد اصيب بالهستيريا فعلا وفقد توازنه”.

وكان المالكي اتهم الاربعاء اربيل بانها اصبحت “مقرا لعمليات داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) والقاعدة والبعث والارهابيين”، مؤكدا ان بغداد لن تسكت على سيطرة الاكراد على مناطق متنازع عليها دخلتها القوات الكردية بعد ان غادرها الجيش.

وشدد بيان رئاسة كردستان على ان “اربيل ليست مكانا لداعش وامثال داعش، وان مكان الداعشيين عندك أنت حينما سلمت أرض العراق ومعدات ستة فرق عسكرية الى داعش”، في اشارة الى تراجع الجيش من مواقع عسكرية في لدى بدء هجوم “الدولة الاسلامية” قبل شهر وتركه معدات واسلحة واليات ثقيلة خلفه.

وتابع البيان “انت الذي لملمت جنرالات البعث حولك ولم يصمدوا ساعة واحدة، ولا ندري كيف وبأي وجه تأتي وتتهم الآن وتتحدث من على شاشات التلفزيون”، داعيا اياه الى “الاعتذار للشعب العراقي وترك الكرسي لانك دمرت البلاد ومن يدمر البلاد لا يمكنه انقاذها من الازمات”.

وسيطر الاكراد منذ بداية هذا الهجوم على مناطق متنازع عليها مع بغداد بعد انسحاب القوات العراقية منها، وعلى راسها مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد) الغنية بالنفط، في خطوة اكد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني انها نهائية.

ورغم ان بارزاني طلب من البرلمان المحلي الاستعداد لتنظيم استفتاء على الانفصال عن العراق، الا ان الاكراد لا يزالون يتطلعون الى الحصول على منصب رئاسة الجمهورية في خضم المفاوضات الجارية حاليا للاتفاق على الرئاسات الثلاث.

ويشوب العلاقة بين بغداد والاقليم الكردي الذي يملك قوات عسكرية وتاشيرات وعلم خاص به، توتر يتعلق اساسا بالمناطق المتنازع عليها وبعائدات النفط وصادراته، حيث تقوم الحكومة المحلية في الاقليم بتوقيع عقود مع شركات اجنبية من دون الرجوع الى بغداد.

وكان بارزاني احد ابرز الشخصيات التي سعت في السابق الى سحب الثقة من نوري المالكي.

وغالبا ما تستقبل اربيل اجتماعات ومؤتمرات معارضة للحكومة في بغداد، وبين الشخصيات التي تستضيفها حاليا والتي يدلي بعضها بتصريحات يومية مناهضة للسلطة في بغداد الشيخ علي حاتم سليمان المعارض للمالكي واحد ابرز زعماء العشائر السنية.

ويشير الاشتباك بين بغداد والاكراد الى عمق الازمة السياسية التي يعيشها العراق والتي دفعت البرلمان نحو الاخفاق في اختيار رئيس له في جلسته الاولى بحسب ما ينص الدستور، على ان يجتمع مرة ثانية الاحد.

ويظلل تمسك المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي بعدما كان فتح ازمة الحكم على مزيد من التعقيدات الاسبوع الماضي حين اعلن انه لن يتنازل “ابدا” عن ترشحه لولاية ثالثة على راس الحكومة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة اليه باحتكار الحكم وتهميش السنة.

ويطالب خصومه السياسيون كتلة “التحالف الوطني” اكبر تحالف للاحزاب الشيعية بترشيح سياسي اخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على احقيته في تشكيل الحكومة مستندا الى فوز لائحته باكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الاخرى (92 من بين 328).

ويرى مراقبون ان المالكي يعمل على تمديد الازمة وتاجيل التصويت في البرلمان حتى يتمكن من قلب موازين القوى لصالحه.

ويقول دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس “يحاول (المالكي) ان يطيل المسالة لان هذه فرصته الوحيدة”.

ميدانيا، تواصل القوات العراقية انما من دون اي نجاح سعيها لاستعادة مناطق من ايدي مسلحي “الدولة الاسلامية” والتنظيمات المتطرفة الاخرى التي تسيطر على مناطق في شمال وشرق وغرب العراق بينها الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد).

ونفذ الطيران العراقي مزيدا من الغارات على المناطق التي يتواجد فيها المسلحون، وبينها الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) حيث قتل بحسب الطبيب في مستشفى المدينة احمد شامي ثمانية اشخاص واصيب 35 بجروح في غارة نفذتها طائرة حربية الاربعاء.

وفي واشنطن، اعتبر وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ان الجهاديين السنة في العراق يمثلون “خطرا داهما” وواضحا على الشرق الاوسط واوروبا والولايات المتحدة، وذلك بعد ايام على تأكيداته ان واشنطن ليست على وشك القيام باي تحرك عسكري لمساعدة الحكومة العراقية.

وقال هيغل خلال زيارة الى قاعدة بحرية في جورجيا بجنوب شرق الولايات المتحدة “لن نخدعكم حيال هذا الامر (…) ولا يجوز ان ينخدع احد في الكونغرس بهذا الخصوص. الجهاديون يشكلون خطرا على بلادنا”.

واضاف ان الجهاديين السنة وخصوصا التابعين لتنظيم “الدولة الاسلامية” هم “قوة متطورة ومتحركة ومنظمة وممولة بشكل جيد وقادرة”، مضيفا ان هذه المجموعة المتطرفة “قد لا تبدو تهديدا داهما للولايات المتحدة ولكنها فعلا تهديد للولايات المتحدة”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية