مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السوريون يصوتون في انتخابات المجالس المحلية للمرة الأولى منذ 2011

امرأة تستعد للادلاء بصوتها في انتخابات المجلس المحلية في 16 ايلول/سبتمبر في الغوطة الشرقية. afp_tickers

يُدلي السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الأحد بأصواتهم في أول انتخابات لمجالس الإدارة المحلية منذ بدء الاحتجاجات في العام 2011 والتي تحوّلت لاحقاً إلى صراع دموي.

وبعد سبع سنوات على آخر تصويت لانتخاب المجالس المحلية، فتح أكثر من 6550 مركز اقتراع أبوابه عند الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (4,00 ت غ) في مختلف أنحاء المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وأعلنت السلطات تمديد فترة التصويت حتى منتصف الليل (21,00 ت غ) “نظراً للإقبال الذي تشهده المراكز وحتى يتاح لجميع المواطنين الراغبين في المشاركة الإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم إلى هذه المجالس” كما أوردت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا”.

وقالت الوكالة إن “أكثر من أربعين ألف مرشح سيتنافسون على 18 ألفا و478 مقعداً في مجالس الإدارة المحلية”.

ومنذ آخر انتخابات، أدى النزاع الدموي إلى مقتل ما يزيد عن 360 ألف شخص وأجبر الملايين على الفرار أو النزوح أو الهجرة، وخلف دماراً طال مُدناً وبلدات كاملة، وخسائر بمليارات الدولارات.

وتمكنت المعارضة من السيطرة على أجزاء واسعة خلال سنوات النزاع، قبل أن تعود القوات السورية مدعومة بحليفتها روسيا، للسيطرة على حوالي ثلثي البلاد بعد سلسلة من الانتصارات، لا سيما حول دمشق وجنوب سوريا.

وانتشرت حملات انتخابية محدودة في دمشق، وزّعت فيها بعض الصور للمرشحين في الساحات العامة والمدينة القديمة، فيما غابت الحملات الدعائية عن معظم بلدات الغوطة الشرقيّة، حسبما ذكر مراسلو وكالة فرانس برس.

وأدلى محمد كبادي وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 42 عاماً، بصوته في منطقة باب شرقي بالعاصمة لمرشح من منطقته. وقال لفرانس برس “أعلم جيداً من سأنتخب. إنه شاب ونشيط وسيعود فوزه بالخير على أهل المنطقة”.

– “تغيير نحو الأفضل” –

مضى نصف الوقت المُتاح للتصويت دون أن تنشر السلطات أي بيانات رسميّة تتحدّث عن نسبة الناخبين أو الإقبال.

وبدا أن عدد الناخبين الذين توجّهوا إلى صناديق الاقتراع في انتخابات البلدية أقل مما كان في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية السابقة، خاصة وأن يوم الانتخابات بقي يوم دوام عادي، ولم يعلن عطلة رسميّة.

وبث التلفزيون الحكومي السوري لقطات لناخبين في جميع أنحاء دمشق، وفي معاقل الحكومة بمدينتي طرطوس واللاذقية على الساحل السوري، وهم يقومون بإسقاط أوراق الانتخاب في صناديق بلاستيكية.

كما عرض التلفزيون الرسمي صوراً لناخبين في دير الزور المدينة الواقعة في الشرق التي استعادتها القوات السورية بشكل كامل العام الماضي بعد معارك ضارية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال محمد طه (36 عاما) وهو أحد سكّان بلدة جسرين انه “سعيد بالتصويت لكنه يأمل في تحسين البنية التحتية المدمرة في دير الزور”.

وصرح لوكالة فرانس برس “انا متفائل بان المجلس القادم سيعيد بناء واستعادة المدينة بعد الدمار الهائل الذي تكبدته سنوات من القتال”.

وفي بلدة جسرين في الغوطة الشرقيّة لدمشق، دخل الناس إلى مدرسة، تحوّلت إحدى غرفها إلى مركز للتصويت.

وكانت القوات الحكومية قد استولت على جسرين في الربيع الماضي عندما سيطرت على كامل الغوطة الشرقية، أحد أبرز معاقل المعارضة سابقاً، بعد هجوم عنيف استمرّ لمدة شهرين، بدعم جوّي من الطيران الروسي.

وقال أبو هيثم وهو ناخب يبلغ من العمر 64 عاما “هذه أول انتخابات تجري في جسرين منذ بدء الأحداث (..) نأمل أن تغير هذه الانتخابات الأمور للأفضل ، وأن تتعبّد الشوارع ويتحسّن وضع الكهرباء”.

– “لماذا التصويت؟” –

تنتمي الغالبية العظمى من المرشحين لحزب البعث الحاكم الذي يشارك في الانتخابات ضمن قوائم تسمّى بقوائم “الجبهة الوطنية التقدميّة”

ويتابع همام (38 عاما) أشغاله في مكتبه بمنطقة المزة، غير مكترث بعشرات الصور المبعثرة على جانبي الطريق المؤدّي إلى عمله.

ولا ينوي هذا الموظّف في شركة للهواتف المحمولة الانتخاب ولا حتى بورقة بيضاء. ويقول “لماذا أنتخب؟ وهل سيتغيّر شيء؟ دعونا نتحدّث بصراحة، الجميع يعلم أن النتائج محسومة سلفاً لحزب واحد، وأن أعضاءه سينجحون بطريقة أقرب للتعيين”.

وقد رفع عدد المقاعد حالياً بشكل طفيف (18 ألف مقعد) عما كان قبل بدء النزاع (17 ألف مقعد)، بعد أن تحوّلت عدد من القرى إلى بلديات كاملة.

وينتخب أعضاء المجالس المحلية لأربع سنوات على مستوى البلديات وتكون مسؤولياتهم بشكل عام توفير الخدمات الأساسية وغيرها من المسائل الإدارية.

ومن المتوقع أن يتحمل الفائزون في هذه الدورة مسؤوليات أكبر من أعضاء المجالس السابقة وخاصة في مسائل متعلّقة بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق التي طالتها الحرب.

وجرت آخر انتخابات مجالس محليّة في كانون الاول/ ديسمبر 2011 ، بعد تسعة أشهر فقط من بدء الصراع، فيما نظمت انتخابات برلمانية في 2016 وأُجريت انتخابات رئاسية في 2014 جددت فيها ولاية الرئيس بشار الأسد سبع سنوات أخرى.

لم يحدث أي تصويت في مناطق خارج سيطرة الحكومة، بما في ذلك الأجزاء التي يسيطر عليها الأكراد في الشمال الشرقي وآخر معاقل المعارضة في مدينة إدلب شمال غرب البلاد.

واحتشدت القوات السورية حول إدلب ومناطق المعارضة المحيطة بها قبل أسابيع، ويتوقّع حدوث هجوم محتمل على المنطقة التي يسكنها حوالى ثلاثة ملايين شخص.

ويبدو أن الهجوم مؤجّل حالياً في الوقت الذي تحاول فيه روسيا حليفة النظام، وتركيا الداعمة للمعارضة، التوصّل إلى اتفاق بشأن إدلب.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية