مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشباب الافغاني يريد السلام لكن ليس سلام طالبان

صورة للشاب الافغاني علي حيدري (18 عاما) في المتجر الذي يعمل فيه بكابول في 18 شباط/فبراير 2019 afp_tickers

يحلم ذبيح الله الجالس في صالون الحلاقة الذي يملكه في كابول بتحقيق السلام في أفغانستان لكن ليس على حساب عودة شرطة دينية تطارد الأشخاص بسبب ملابسهم أو تسريحات شعرهم.

وكان يعمل وهو طفل لدى حلاق عندما كانت طالبان في الحكم في التسعينات. وقال الشاب البالغ ال25 من العمر الذي يربط شعره الطويل “أذكر بأن شرطة طالبان الدينية كانت تأتي كل يوم بشبان لحلق رؤوسهم قصاصا لهم لأنهم تجرأوا على القيام بتسريحات”.

وطردت طالبان من الحكم في 2001 وباتت كابول مليئة اليوم بمحلات الحلاقة التي تكتظ بزبائن يبحثون عن آخر صيحات الموضة الغربية على أصداء موسيقى البوب.

والشعب الأفغاني فتي مع ثلثي الأشخاص تحت عتبة ال25 من العمر. ويقدر عدد سكان أفغانستان ب35 مليون شخص، نشأ الملايين منهم في المدن بعد أن طردوا من الأرياف بسبب المعارك.

وذبيح الله من هذا الجيل الذي يضم العديد من الناشطين والصحافيين وعارضي الأزياء أو أفرادا مشهورين على مواقع التواصل الاجتماعي، والرافض تماما لإيديولوجية طالبان.

لكن كلما طالت مفاوضات السلام بين المتمردين والولايات المتحدة وتظهر تقدما متزايدا، يدركون أنه يمكن لطالبان العودة إلى اللعبة السياسية ما يقلقهم كثيرا. وقال ذبيح الله “لا أريد سلاما أخسر فيه حرياتي”.

– سنوات الحرب –

وكان محمد قاسمي الناشط من أجل الشباب طالبا في الجامعة الأميركية في كابول عندما شنت طالبان هجوما على الحرم الجامعي في آب/اغسطس 2016.

وألقى أحد المهاجمين قنبلة يدوية في قاعة التدريس ما أدى إلى مقتل عدد من زملائه. وقذف وقع الانفجار به من النافذة وهوى من الطابق الثاني. ونجا لكنه أصيب بجروح خطيرة في الرأس والمعدة والساقين.

وهو أيضا يخشى من أن تعني المفاوضات التي يجريها حكماء في الدوحة (قطر) أنه لن يكون لجيله أي رأي في ما سيأتي.

وصرح لفرانس برس “اني مستعد لأن أسامح طالبان لما فعلوا بي وبزملائي (…) لكن لا يمكنني المساومة على الحرية وإنجازات جيلي”.

لكن النقاش حول ما يمكن للأفغان القبول به لقاء السلام يكشف شرخا اجتماعيا في البلاد.

والنساء اللواتي أرغمن من قبل طالبان في حينها على ملازمة المنازل وارتداء البرقع، يؤيدن مواقف الشباب وحذرن من أنهن تغيرن منذ 2001 ولن يساومن على حقوقهن بتاتا.

وتقول ديبا (21 عاما) التي تقدم الأخبار على قناة “زان”، “بالنسبة لطالبان مشاهدة مقدمة على شاشة التلفزيون أمر لا يحتمل وبالنسبة لي أن أخسر حريتي أمر لا يحتمل”.

وتضيف “قد أضطر إلى مغادرة البلاد أو أن أموت بسبب الاكتئاب في ظل قمع طالبان”.

– خسارة أصدقاء –

وعاش آخرون أكبر سنا، سنوات حرب أكثر من السلم ويأملون في تهدئة.

وقال حجي أحمد شاه الزبون في مركز تجاري في كابول “إني مستعد لأن أطلق لحيتي مجددا كما كانت تفرض طالبان”.

وأضاف “خسرت الكثير من الأصدقاء والأقارب في هذه الحرب أود فقط أن تنتهي”.

وهناك شرخ جديد واضح بين شباب المدن وشباب الريف.

ويبدو أن سكان الأرياف حيث تسود التقاليد المحافظة والذكورية خلافا لسكان كابول، أقل ترددا في قبول القيود المفروضة من طالبان.

ولفريد الله وهو بستاني في ال23 يعيش في منطقة ريفية في قندهار (جنوب) عادات ليبرالية نسبيا إذ يحلق لحيته ويستمع إلى الموسيقى.

وإذا عاد حكم طالبان قد يخسر هذه الحريات. وقال “لكن لا بأس لأن ما أريده هو الأمن. حاليا لا يمكنني التوجه إلى بساتيني لأنها مزروعة بالألغام”.

وتؤكد طالبان من جهتها أن مواقفها أصبحت أقل تشددا حول بعض المسائل الاجتماعية. لكن السكان الذين يعيشون في المناطق تحت سيطرة طالبان لا يؤيدون هذا الرأي.

ولم تكشف الحركة في هذه المرحلة بوضوح الدور الذي تريد الاضطلاع به في حكم البلاد والمجتمع المدني، واكتفت بالقول إنها ترغب في تطبيق “نظام إسلامي”.

ويقول فرشد (23 عاما) وهو بائع يعمل في محل للملابس الغربية والقبعات، إنه مستعد لقبول تحول المتجر لبيع العمامات التقليدية إذا كان ذلك الثمن لوقف المعارك. ويضيف “آمل فقط ألا يمسوا بقصة شعري”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية