مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العراق قاب قوسين من الانتصار في الموصل بعد ثلاث سنوات من الهزيمة الكبرى

جنود عراقيون في حي الزنجيلي في الموصل في 1 حزيران/يونيو 2017 afp_tickers

بعد ثلاث سنوات من السقوط المدوي لمدينة الموصل في شمال العراق بيد تنظيم الدولة الإسلامية، أصبحت القوات العراقية على أعتاب استعادة ثاني أكبر مدن البلاد من الجهاديين.

وشكل سقوط الموصل الهزيمة الأقسى التي لحقت بالقوات العراقية في حربها ضد الجهاديين. ومن شأن استعادة المدينة ان يشكل تحولاً كبيراً في مسيرة هذه القوات التي استسلمت سريعاً في 10 حزيران/يونيو 2014 رغم تفوقها عددياً على الجهاديين.

ويقول قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي لوكالة فرانس برس “نحن بالتاكيد نحتفل بإنجازات الجيش بعد ثلاث سنوات” من سقوط الموصل.

الا انه عند سقوط المدينة بأيدي الجهاديين الذين توجهوا جنوباً نحو بغداد، كان الخوف سيد الموقف.

ويقول المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بريت ماكغورك “قبل ثلاث سنوات، وفي مثل هذا الوقت، كان داعش يتقدم بسرعة نحو بغداد”.

ويشرح “سقطت الموصل وتفككت ببساطة سبع وحدات من قوات الأمن العراقية”.

وبحسب المتحدث باسم التحالف الكولونيل راين ديلون، فإن القوات العراقية “لم تكن مهيأة لتهديد مماثل” إذ أن الجهاديين “كانوا يقرعون أبواب بغداد”.

ويعتبر ماكغورك انه في ذلك الوقت، بدا التعافي “شبه مستحيل، وردد كثيرون +حسناً، هذه هي نهاية العراق+”.

وساهمت عوامل مجتمعة بشكل رئيسي في وقف زحف الجهاديين إلى بغداد، ولم يتمكنوا بعدها من شن هجوم تقليدي واسع النطاق على العاصمة.

وسارع آيه الله علي السيستاني، المرجعية الشيعية الأعلى في العراق، إلى دعوة الشباب للتطوع بهدف محاربة التنظيم.

وقاتلت فصائل شيعية تدعمها إيران موجودة بالأصل تحت راية الحشد الشعبي، لصد تقدم الجهاديين أولاً، ومن ثم دفعهم إلى التراجع، في وقت أبصرت وحدات جديدة من المتطوعين النور.

وبعد شهرين من سقوط الموصل، بدأت الولايات المتحدة بتوجيه ضربات ضد الجهاديين في العراق في إطار تحالف دولي قدم إلى جانب الإسناد الجوي، دعما وتدريبا للقوات العراقية.

ومذاك الحين، استعادت القوات العراقية مناطق عدة كانت بيد الجهاديين، بينها ثلاث مدن، وتمكنت من السيطرة معظم مدينة الموصل بعد هجوم أطلقته قبل سبعة أشهر.

ويوضح الأسدي أنه “لم يبق لداعش (في الموصل) إلا ثلاثة أو أربعة أحياء محاصر فيها”.

-قوات “متصدعة”-

عند سيطرة الجهاديين على الموصل، يرى الأسدي أن “القطعات (العسكرية) التي كانت موجودة، كان يعوزها حقيقة بعض الاستعدادات وبعض المعدات والأمور الأخرى، ولذلك كانت عملية السقوط سريعة”.

ولكن بعد مرور ثلاث سنوات، فإن تلك “القطعات استعدت استعداداً جيداً وباتت علاقتها بالمواطن، وهذه نقطة مهمة جداً، علاقة طيبة”، مضيفا أن “المواطن بات يتعاون مع القطعات الامنية”.

ومن شأن نجاح عملية استعادة الموصل وفق المحلل المتخصص في شؤون العراق في معهد “دراسات الحرب” باتريك مارتن أن “يظهر مدى تقدم قوات الأمن العراقية منذ انهيارها في حزيران/يونيو 2014”.

لكن مارتن يوضح أن استعادة الموصل “يجب ألا تحجب حقيقة أن تلك القوات لا تزال غير مكتملة ومتصدعة” خصوصاً وأنها “ما زالت لا تمتلك عديدا كافيا يخولها تطهير ومسك البلاد”.

ودفع العراق ثمناً باهظاً خلال قتاله للجهاديين، إذ أسفرت سنوات الحرب عن مقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف، عوضا عن الدمار الذي لحق بأطراف البلاد، والمعاناة التي شهدها كثيرون تحت الحكم الوحشي للجهاديين.

وفي هذا الإطار، يشير قائد الفرقة الثانية في قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي لفرانس برس إلى “مأساة كبيرة جداً مرت بها محافظة نينوى بشكل عام ومدينة الموصل بشكل خاص”.

ويتوقف الساعدي عند معاناة المدنيين من المجازر والقتل “بالإضافة إلى الثمن الكبير الذي دفعته كل القطعات”.

ولا تنهي استعادة مدينة الموصل بالكامل الحرب ضد الجهاديين في العراق، إذ ما زالوا يسيطرون على مناطق في محافظة كركوك وفي غرب البلاد.

ويحذر ديلون في هذا السياق من أن هناك “تهديدا مستقبليا” يكمن في أن تنظيم الدولة الإسلامية “سيعود مجددا إلى سياسة التمرد” المتمثلة بالتفجيرات والاعتداءات الانتحارية.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية