مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الفنانون المصريون يواجهون قيودا متزايدة

صورت ملتقطة في 23 تشرين الأول/اكتوبر 2017 خلال معرض فني في مركز ساقية الصاوي الثقافي في حي الزمالك في القاهرة afp_tickers

يواجه الفنانون المصريون قيودا متزايدة على أعمالهم سواء كانت أفلاما سينمائية او أغنيات او حفلات موسيقية مع اتساع نطاق الرقابة الحكومية، بحسب ما يقول النقاد.

ويقول حسام فازولا مسؤول ملف حرية الابداع في مؤسسة حرية الفكر والتعبير “منذ بعض الوقت ونحن نكتب في كل تقرير ان هذه الفترة تشهد تضييقا أكثر من الفترة السابقة عليها”.

ويعتقد فازولا ان هذه القيود قضت على بعض اشكال الفنون خصوصا فن الشارع الذي بدأ يزدهر عقب ثورة 2011 واطاحة حسني مبارك.

ولم تسمح الرقابة في مصر بعرض فيلم “آخر أيام المدينة” رغم عرضه في 60 دولة و91 مهرجانا وفوزه بعشر جوائز في مهرجانات مختلفة.

وعقب فترة من الاضطراب السياسي والامني إثر الثورة، أطاح عبد الفتاح السيسي، عندما كان وزيرا للدفاع، الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013 قبل ان ينتخب رئيسا في العام التالي.

ويرى فازولا ان “ما تحاول الحكومة ان تفعله هو ان تخلق نموذجا لمواطن طيع وبالتالي يكون مناسبا جدا لهذا النظام”.

انتهى المخرج تامر السعيد من تصوير فيلم آخر أيام المدينة في كانون الاول/ديسمبر 2010 قبل ستة اسابيع من اندلاع الثورة على مبارك.

ويقول السعيد “الفيلم كان يحاول رصد الاحساس الذي كان مسيطرا علينا قبل الثورة وهو ان شيئا كبيرا سيحدث، لا نعرف ما هو ولكننا نشعر اننا لن نتمكن على ما يبدو من الاستمرار على هذا الوضع”.

وتقدم سعيد بطلب لعرض الفيلم الى الرقابة في تشرين الاول/اكتوبر 2016 فامطرته هيئة الرقابة بسلسلة من الطلبات للحصول على أوراق ثم بعد ذلك امتنعت عن الرد على اتصالاته.

ويؤكد فازولا ان هذه هي الطريقة الجديدة للمنع في مصر، فهم “يؤخرون لشهور فشهور فشهور حتى لا يعرض الفيلم في النهاية”.

– “فكرة سيئة” –

وبعد ان وافق في البداية على ان يتحدث مع فرانس برس، توقف رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية خالد عبد الجليل عن الرد على الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية.

وقال السعيد “ان عدم عرض الفيلم في مصر يسبب لي جرحا لا يندمل، طالما لم يعرض الفيلم اشعر ان شيئا ما في حياتي متوقف”.

واضاف “منذ 12 عاما أحلم بهذه اللحظة ولكنها لا تأتي وليس ذلك بسببي … وهذا يقتلني”.

ويتساءل فازولا اذا ما كان السبب في عدم التصريح بعرض الفيلم “هو التشابه الكبير بين ما حدث في تلك الفترة (التي يتناولها الفيلم) وما يبدو عليه الامر الان”.

فيلم اخر، رفض من الاصل السماح بتصويره في مصر هو فيلم “حادثة النيل هيلتون” للمخرج السويدي المصري الاصل طارق صالح.

ويناقش الفيلم فساد الشرطة في قصة مستوحاة من حادثة حقيقية بطلها أحد كبار رجال الاعمال الذين كانوا مقربين الى حسني مبارك، هشام طلعت مصطفى، الذي أدين في العام 2010 بتهمة قتل حبيبته السابقة المغنية اللبنانية ذكرى.

وقال صالح في مقابلة بثتها قناة مهرجان ميونخ الدولي على اليوتيوب “كانت فكرتي (ان أصور في مصر)، وكانت فكرة سيئة للغاية”.

واضاف “لقد طردنا قبل ثلاثة أيام من بدء التصوير فغادرنا الى الدار البيضاء”.

– “عبدة الشيطان”-

وفرضت نقابة الموسيقيين كذلك قيودا على الموسيقيين، بحسب ما قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تقريرها عن الربع الثاني من العام 2017.

وكانت واحدة من معارك نقابة الموسيقيين ضد حفلات موسيقى “الميتال” اذ حاولت منع احدى هذه الحفلات في شباط/فبراير وطلبت من الشرطة منعها ولكن الحفل كان قد أقيم بالفعل.

وقال رئيس النقابة هاني شاكر لقناة العاصمة التلفزيونية الخاصة انهم أبلغوا الشرطة عن “حفل عبدة الشيطان الذين يرتدون ملابس غريبة”.

ومنعت الشرطة كذلك حفلا في نيسان/ابريل 2016 للفرقة البرازيلية المعروفة سيبيلتورا، بحسب ما قال نادر صادق الذي نظم الحفلتين.

وتم توقيف صادق بتهمة عدم حصول الحفل على التصاريح اللازمة وأمضى عدة أيام في السجن. ولم يتمكن من تنظيم حفلات في مصر منذ ذلك الوقت.

وقال المتحدث باسم نقابة الموسيقيين طارق مرتضى لفرانس برس “ان دورنا يقتصر على ابلاغ الامن … والامن المصري متيقظ جدا”.

من جهة اخرى، قال المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام انه سيتصدى للمسلسلات التلفزيونية والبرامج التي “تعتمد اساسا على الابتذال اللفظي والمشاهد الجريئة والاسقاطات السياسية دون الاهتمام بالمضمون”.

وفي حزيران/يونيو الماضي، دعا المجلس المواطنين الى الابلاغ عن “اي كلمات او عبارات بذيئة” في المسلسلات والبرامج، بل وعدت المبلغين بالحصول على 10% من الغرامة التي تفرضها على هذه البرامج والمسلسلات والتي قد تصل الى 200 الف جنيه (اكثر من 11 الف دولار).

وباتت فنون وموسيقى الشوارع ممنوعة عمليا منذ أن صدر في نهاية 2013 قانون يحظر التظاهرات غير المرخصة. وقال فازولا “هذا القانون لا يفرق بين حفلة تقام في الشارع وبين تظاهرة، فالاثنتان بالنسبة للقانون أمر واحد”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية