مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القوات العراقية تبدأ هجومها على المدينة القديمة في الموصل

قوات عراقية في دورية في حي الشفاء بغرب الموصل في 17 حزيران/يونيو 2017 afp_tickers

بدأت القوات العراقية الأحد اقتحام المدينة القديمة في الشطر الغربي من الموصل في شمال العراق، سعيا لطرد آخر جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية المتحصنين فيها، بعد ثلاث سنوات من حكم “الخلافة”.

وقال قادة عسكريون لوكالة فرانس برس إن الهجوم انطلق فجرا، بعد ضربات جوية نفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لدعم القوات العراقية، فيما يبدي الجهاديون مقاومة شرسة.

وتمثل عملية اقتحام المدينة القديمة في غرب الموصل، حيث الأزقة الضيقة والمباني المتلاصقة، تتويجا للحملة العسكرية التي بدأتها القوات العراقية قبل أشهر لاستعادة كامل مدينة الموصل، آخر أكبر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد.

وخسارة الموصل ستشكل النهاية الفعلية للجزء العراقي من “الخلافة” العابرة للحدود التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية صيف العام 2014، بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا المجاورة.

وأعلن قائد عمليات “قادمون يا نينوى” الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله في بيان انطلاق الهجوم، قائلا إن “قوات الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تشرع باقتحام المدينة القديمة”.

وتردد دوي المدافع الرشاشة في أرجاء المدينة القديمة صباح الأحد، فيما ارتفعت أعمدة دخان الصواريخ في سمائها.

وفي الطابق الأول من مبنى على طريق تتواجد فيه محال لتصليح السيارات المدمرة، يحمل قائد من قوات مكافحة الإرهاب كمبيوترا لوحيا، مرسلا بانفعال إحداثيات لتوجيه ضربة جوية ضد سيارة مفخخة تقترب من موقعه.

وقال قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي لوكالة فرانس برس إن العملية تتقدم ببطء “لنحافظ على المدنيين ونتمكن من إمساك موطئ قدم في الحافة الأمامية”.

-“الحلقة الأخيرة”-

وأضاف الأسدي أن “قواتنا اضطرت للدخول راجلة بسبب الشوارع الضيقة والأبنية المزدحمة. لا مجال لتحرك العجلات”.

وأوضح الفريق الركن أن تنظيم الدولة الإسلامية محاصر من ثلاث جهات من قبل القوات الأمنية، ومن الجهة الرابعة من نهر دجلة، لذا فلا خيار لدى الجهاديين إلا القتال، مؤكدا أن “هذه هي الحلقة الأخيرة من مسلسل داعش”.

وأشار إلى أن “هذه المعركة هي الأكثر شراسة. المقاومة قوية جدا، لم يعد لديهم خيار”.

وأعرب الأسدي عن أمله بحسم المعركة قبل عيد الفطر، المرتقب في 25 أو 26 من الشهر الحالي، إلا أنه تدارك “أعتقد أن الأمر سيأخذ وقتا أطول”.

وأشار محللون مرارا إلى أن المدينة القديمة ستكون المرحلة الأصعب من العملية، نظرا إلى شوارعها الضيقة ومنازلها المتلاصقة التي بنيت قبل أكثر من مئة عام.

وللمدينة القديمة أهمية رمزية لدى الجهاديين، إذ أنها تضم جامع النوري الكبير المسجد الذي شهد الظهور الوحيد لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في تموز/يوليو 2014.

وكانت القوات العراقية بدأت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات، لاستعادة السيطرة على الموصل. فاستعادت الجزء الشرقي من المدينة في كانون الثاني/يناير، وأطلقت عملية الجزء الغربي في شباط/فبراير.

-خطر على المدنيين-

أعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أكثر من مئة ألف مدني عراقي محتجزون لدى مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية كدروع بشرية في الموصل القديمة.

بدورها، أعربت منظمة “سيف ذا تشيلدرن” عن قلقها حيال مصير نحو 50 ألف طفل، أي نصف عدد المدنيين الذين قالت إنهم محاصرون في البلدة القديمة.

وقالت آنا لوكسين من المنظمة إن هؤلاء الأطفال “يعانون من نفاد الغذاء والماء، ويواجهون العنف أينما توجهوا”، مضيفة “من المرجح أن يكون تأثير المدفعية والأسلحة المتفجرة أكثر فتكا وعشوائية، ما يجعل الأطفال الضعفاء أكثر عرضة للخطر”.

وحذرت “لجنة الإنقاذ الدولية” من جهتها في بيان الأحد من المخاطر الكبيرة التي تواجه المدنيين الذين يعانون أصلا من الصدمة.

وقالت ممثلة اللجنة في العراق نورا لوف “ستكون مرحلة مرعبة لنحو مئة ألف شخص ما زالوا عالقين في المدينة القديمة بالموصل، ومعرضون حاليا لخطر المحاصرة في قتال الشوارع العنيف المرتقب”.

وأضافت “يجب على كل من قوات التحالف الدولي والقوات العراقية بذل كل الجهد للحفاظ على أمن المدنيين خلال هذه المراحل النهائية من معركة الموصل”.

ومنذ بدء العمليات العسكرية قبل ثمانية أشهر، نزح نحو 862 ألف شخص من الموصل، عاد منهم نحو 195 ألفا، معظمهم إلى مناطق شرق الموصل.

وكان ممكنا الأحد رؤية مدنيين ينظفون منازلهم في الشوارع المليئة بالأنقاض، على بعد أمتار فقط من المواقع المتقدمة للقوات العراقية وقذائف الهاون المتساقطة.

ويبدو أن بعض الأشخاص لم يغادروا قط، فيما كان آخرون يحملون صناديق طعام وحقائب ملابس بعدما عادوا إلى المناطق المحررة منذ أيام قليلة فقط.

وشكل سقوط الموصل الهزيمة الأقسى التي لحقت بالقوات العراقية في حربها ضد الجهاديين. واستعادة المدينة ستشكل تحولاً كبيراً في مسيرة هذه القوات التي استسلمت سريعاً في 10 حزيران/يونيو 2014 رغم تفوقها عددياً على الجهاديين.

ولكن مذاك، استعادت القوات العراقية مناطق عدة كانت بيد الجهاديين، بينها ثلاث مدن، وتمكنت من السيطرة على معظم مدينة الموصل.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية