مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الكوادر الطبية في عفرين تخشى “مأساة” جراء الهجوم التركي

عائلة سورية نزحت الى عفرين مع استمرار الهجوم التركي في المنطقة على المقاتلين الاكراد في 26 كانون الثاني/يناير 2018 afp_tickers

من على سرير في أحد مستشفيات مدينة عفرين في شمال سوريا، يرفع رجل مضمد الرأس وقد تورمت عينه اليمنى شارة النصر، بعدما أصيب بقصف تركي يستهدف المنطقة التي تحذر كوادرها الطبية من “مأساة” نتيجة غياب الامدادات عنها.

ويقول مدير مستشفى آفرين، الرئيسي في مدينة عفرين، خليل صبري أحمد “المعونات الانسانية والطبية والادوية والمواد اللازمة لمساعدة المدنيين باتت على وشك الانتهاء”.

وبدأت تركيا مع فصائل سورية معارضة قريبة منها في 20 كانون الثاني/يناير هجوماً من داخل أراضيها تحت تسمية “غصن الزيتون”، تقول انه يستهدف المقاتلين الأكراد الذين تعدهم أنقرة “ارهابيين” في منطقة عفرين شمال محافظة حلب.

وتستهدف الطائرات والمدفعية التركية بشكل خاص منذ بدء الهجوم المناطق القريبة من الحدود، فيما لا تزال مدينة عفرين بمنأى من المعارك ما جعلها وجهة أساسية للمصابين والنازحين الفارين من القصف.

وفي مستشفى آفرين، بدت الممرات خالية سوى من بعض الممرضين والمدنيين من أقرباء المرضى، فيما وزع الجرحى على الغرف على جانبيها.

تستلقي فتاة في احدى الغرف وقد وضع الجبس حول رجلها. تفضل الصمت رغم تشجيع من حولها لها بالحديث عن تجربتها. وفي سرير مجاور لها، ينام رجل مضمد الرأس قبل أن يأتي أحدهم ويحكم وضع الغطاء عليه.

– “امكاناتنا ضعيفة” –

في بنك الدم التابع للمستشفى، يتبرع عدد من الاشخاص بالدم في محاولة لتأمين حاجات المستشفى الذي يقصده الجرحى المدنيون.

ووثق المرصد السوري لحقوق الأنسان مقتل 36 مدنياً على الأقل واصابة العشرات بجروح جراء القصف التركي على منطقة عفرين خلال أسبوع.

ويقول احمد “المدنيون هم أكثر المتضررين”، مشيراً إلى أن المستشفى يستقبل الحالات الأكثر خطورة فيما تعالج المراكز الطبية الصغيرة الاصابات الطفيفة.

وأشار الى ملاجئ أنشئت لعلاج المصابين أيضاً “بعد استهداف نقاط طبية قريبة من الحدود التركية”.

وقد استقبل المستشفى منذ بدء الهجوم عشرات الجرحى المدنيين، غالبيتهم من الاطفال والنساء، جراء القصف التركي.

ويضيف أحمد “المستشفى جاهز لاستقبال الجرحى، لكن (…) امكاناتنا ضعيفة طبعاً بسبب الحصار، واذا زاد الضغط أكثر فان قدرتنا على التحمل ستكون ضعيفة جداً”.

وتحد منطقة عفرين تركيا من جهتي الشمال والغرب، وهي على تماس مع منطقة أعزاز الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة من جهة الشرق. وللمنطقة حالياً منفذ وحيد يربطها بمدينة حلب يمر عبر بلدتين يسيطر عليهما مسلحون موالون لقوات النظام.

وناشد أحمد المنظمات الدولية أن “تساعدنا قدر الامكان على الصعيد الانساني”.

– “المآسي الانسانية” –

بدورها، دقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ناقوس الخطر، متحدثة عن مقتل 11 طفلاً نتيجة “اعمال العنف في عفرين”.

وأشارت المنظمة إلى دعمها فريقين طبيين متنقلين مركزهما مدينة حلب “حيث يتوقع وصول العائلات النازحة” من عفرين.

ولفتت إلى معاناة المدنيين في عفرين حيث “العنف المستشري بلغ درجة تضطر فيها العائلات إلى ملازمة أقبية المباني التي تقيم فيها”، كما “أغلقت معظم المحلات التجارية، واستدعى هذا الوضع تعليق خدمات حماية الطفل التي تدعمها اليونيسف”.

وكانت الأمم المتحدة تحدثت عن نزوح نحو خمسة آلاف شخص نتيجة الهجوم التركي على عفرين، توجه جزء منهم إلى مدينة عفرين نفسها التي يعيش فيها أكثر من 300 ألف شخص.

وأكدت يونيسف في بيانها أن “للحروب قوانين، وهذه القوانين تُخرق يومياً في سوريا”.

ووصف الرئيس المشترك للهلال الأحمر الكردي في عفرين نوري شيخ قنبر ما يحدث في عفرين جراء الهجوم التركي بـ”المآسي الانسانية الكبيرة”.

وقال “نتمنى أن يكون هناك مبادرات انسانية من قبل المنظمات الدولية لادخال المساعدات”، مشيراً إلى حاجتهم حتى الى سيارات اسعاف.

وخلال الأسبوع الماضي، تكرر المشهد أمام مشارح مستشفيات عفرين: نساء ورجال يبكون اقرباء لهم.

وخرج رجل فقد ابنه جراء القصف من أحد المشارح، مخاطبا المتجمعين في الخارج وصارخا فيهم “لا تبكوا، أولادنا باتوا في الجنة الآن. تحيا مقاطعة عفرين ويحيا سكان عفرين”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية