مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المفوضية الاوروبية تهدد بولندا بعقوبات غير مسبوقة بسبب اصلاحاتها القضائية

متظاهرون يرفعون صورا للرئيس البولندي ياروسلاف كاتشينسكي ةرئيسة الوزراء بياتي شيدلو والرئيس اندري دودا خلال احتجاجاتهم على مشاريع قوانين في 06 ايار/مايو 2017 afp_tickers

طلبت المفوضية الاوروبية الاربعاء من الحكومة البولندية “تعليق” اصلاحاتها المثيرة للجدل للنظام القضائي التي تشكل “تهديدا واضحا لاستقلال القضاء” في البلاد، ولوحت بفرض عقوبات غير مسبوقة على وارسو اذا لم تضع السلطة حدا “للتهديدات الواضحة” لدولة القانون.

وقال النائب الاول لرئيس المفوضية الاوروبية فرانس تيمرمانس “اصبحنا قريبين جدا من تفعيل المادة السابعة من اتفاقية الاتحاد الاوروبي”، اي فرض عقوبات مثل تعليق حق بولندا في التصويت داخل الاتحاد.

وبعد تعديلهم القضاء الدستوري، اطلق المحافظون الذين يحكمون وارسو اصلاحا لمجمل النظام القضائي ترى فيه المعارضة “انقلابا مبطنا” وتظاهر ضده آلاف الاشخاص الاحد والثلاثاء في البلاد.

وقالت السلطة التنفيذية الاوروبية بعد اجتماع كل المفوضين الاربعاء ان “المفوضية تطلب بالحاح من السلطات البولندية تعليق القوانين الجديدة واستئناف الحوار الذي بدأ” معها “للرد على القلق الخطير” الذي تم التعبير عنه حول احترام دولة القانون.

– “سلاح ذري” –

ذكر فرانس تيمرمانس عددا من النصوص الخلافية بما فيها مشروع قانون يدرس حاليا ويمنح وزير العدل سلطة كبيرة على المحكمة العليا.

ويثير نصان آخران اعتمدا الاسبوع الماضي من قبل البرلمان البولندي الذي يهيمن عليه المحافظون، قلقا ايضا. ويتعلق احد هذين القانونين بالمجلس الوطني للقضاء ويقضي بان يختار البرلمان اعضاءه. اما النص الثاني، فيقضي بتعديل محاكم الحق العام الذين اصبح يختارهم وزير العدل.

ويؤكد حزب العدالة والقانون الذي وصل الى السلطة في 2015 ان هذه التغييرات لا بد منها لترشيد النظام القضائي ومكافحة الفساد. لكن المعارضة ترى فيها اضعافا للفصل بين السلطات ومحاولة للتضييق على الحريات.

وقال تيمرمانس ان هذه الاصلاحات الجديدة “زادت بشكل كبير التهديد لدولة القانون”، مذكرا بان المفوضية بدأت في 2016 اجراءات غير مسبوقة ضد وارسو بسبب تهديدات لدولة القانون ممثلة باصلاحها المحكمة الدستورية البولندية.

ويمكن لهذه الآلية الجارية حاليا ولم تستخدم من قبل، ان تؤدي الى تفعيل المادة السابعة من اتفاقية الاتحاد الاوروبي اي فرض عقوبات ممكنة مثل تعليق حق التصويت في الاتحاد.

وتوصف هذه الآلية “بالسلاح الذري”، من بين كل الاجراءات المتنوعة التي يمكن للاتحاد الاوروبي اتخاذها ضد احد الاعضاء.

– “رسالة سياسية قوية” –

حتى الآن وعلى الرغم من الردود “غير الكافية” من قبل وارسو بشأن اصلاح المحكمة الدستورية، لم ترغب المفوضية الاوروبية في اللجوء الى هذا الاجراء. لكن المبادرات الجديدة للحكومة يمكن ان تبدل الوضع.

وبعد تفعيلها، تحتاج المادة السابعة لاجماع الدول الاعضاء من اجل تعليق حق بولندا في التصويت. وقد اعلنت المجر انها ستعارض ذلك.

وقال تيمرمانس ان “هذه القوانين اذا طبقت بشكلها الحالي فسيكون لها تأثير كبير على استقلال القضاء وسيعزز التهديد الذي تواجهه دولة القانون في بولندا”. لكنه اضاف ان “القوانين الجديدة لم تدخل رسميا حيز التنفيذ، لذلك لا يمكننا اتخاذ قرارات رسمية بل يمكننا توجيه رسالة سياسية حازمة”.

وتحدث كذلك عن امكانية اطلاق “اجراءات متعلقة بالمخالفات” الاسبوع المقبل ضد واسرو، وهي اداة يستخدمها الاتحاد الاوروبي عندما لا يحترم بلد ما القانون الاوروبي، ويمكن ان تؤدي الى عقوبات مالية.

وقال المفوض الهولندي ان “الدول الاعضاء الاخرى تشاطرنا القلق الذي نشعر به”. وكان قد تمكن من اجراء مناقشات وزارية بين الدول ال28 حول هذه المسألة في ايار/مايو بعدما عبر عن استيائه لصمت الدول الاخرى حيال المواجهة بين وارسو وبروكسل.

من جهة اخرى، حذر تيمرمانس من اي محاولات لترهيب الصحافيين البولنديين الذين ينتقدون وارسو. وقال “من اجل الديموقراطية نحتاج الى صحافة تعمل بلا عراقيل”.

واضاف “ادعو كل شخص يشارك في هذه النقاشات الى الكف فورا عن اي ترهيب للصحافيين حتى اذا رأى ان اسئلة هؤلاء محرجة جدا”، مؤكدا انه “من عمل الصحافيين اثارة الغضب — وهذا حدث معي — ومن واجبي القبول والرد على الاسئلة”.

وكان معظم رؤساء المجموعات السياسية في البرلمان الاوروبي ان هذه الاصلاحات تعرض للخطر “بقاء الديموقراطية ودولة القانون” و”لا تتناسب مع المعاهدات الاوروبية والانضمام” الى الاتحاد الاوروبي.

وقال هؤلاء في بيان وقعه الاثنين قادة النواب الاوروبيين المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين والليبراليين والمدافعون عن البيئة واليسار الراديكالي “ندعو المفوضية الى التحرك الآن وبشكل واضح”.

وقبل ذلك، عبر مجلس اوروبا المنظمة الاوروبية للدفاع عن حقوق الانسان والديموقراطية الذي يتخذ من ستراسبورغ مقرا له، عن القلق نفسه.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية