مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اوروبا تنشئ موقعا يعرض خارطة جغرافية للعقوبات الأوروبية في العالم

ساحة الاستقلال في كييف من خلال علم الاتحاد الأوروبي في 2 آذار/مارس 2014 afp_tickers

يفتتح الاتحاد الأوروبي الجمعة موقعا إلكترونيا يتضمن خارطة جغرافية للعقوبات التي يطبقها في العالم، يمكن الاطلاع عليها بمجرد النقر على الدولة المستهدفة أو الدخول إلى مواضيع معينة كالأسلحة أو النفط،، بهدف مساعدة الشركات الأوروبية على الالتزام بها.

وستفتتح قاعدة البيانات هذه التي تحمل اسم “خارطة عقوبات الاتحاد الأوروبي” بمناسبة انعقاد قمة “رقمية” للقادة الأوروبيين في تالين، عاصمة إستونيا التي ابتكرت الموقع وهي تترأس الاتحاد حتى كانون الأول/ديسمبر.

وأوضحت الدبلوماسية الإستونية يوليو هيو التي طرحت بنفسها المشروع “إن الإطار القانوني لنظام عقوبات الاتحاد الأوروبي يقوم على 500 إلى ألف وثيقة قانونية، ما يجعل من الصعب فهم كل ذلك”.

وتابعت “هذا يؤدي إلى سلوك من الرقابة المسرفة لأن الشركات تخشى تصدير أي شيء إلى بعض الدول” ما أن تفرض عليها عقوبات، في حين أن هذه العقوبات تقتصر دائما على بعض القطاعات.

وما يزيد من هذا “الغموض” أن بعض الدول مثل مولدافيا مدرجة على قوائم الاتحاد الأوروبي على أنها دول مستهدفة بتدابير عقابية، حتى لو أنه ليس هناك حاليا أي عقوبات مفروضة بحقها.

وأوضحت الدبلوماسية الإستونية “إن لم تكونوا مطلعين على ذلك، فالأمر يثنيكم عن +مزاولة أعمال+ مع هذا البلد، لأنكم لا تعرفون إن كان ذلك سينعكس على نشاطاتكم”.

– “قائمة سوداء” –

وتعتبر العقوبات بمثابة الذراع المسلح للدبلوماسية الأوروبي، لأنها تفرض باسم الدول الأعضاء الـ28 ردا على تهديدات امنية أو على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

وتبنى الاتحاد الأوروبي حوالى أربعين نظام عقوبات تستهدف دولا مثل سوريا وكوريا الشمالية وافغانستان وزيمبابوي، وكذلك “منظمات إرهابية” مثل حزب العمال الكردستاني والقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

وتقضي هذه العقوبات إما بإدراج أفراد و”كيانات” من شركات أو أحزاب أو مؤسسات على “قائمة سوداء” ما يؤدي إلى تجميد أصولهم في الاتحاد الأوروبي ومنعهم من دخول أراضي الاتحاد.

وتحظر تدابير أخرى “تقييدية” الاستثمار في قطاعات متنوعة فيها أو التعامل معها.

وفي هذا السياق، فإن العقوبات المشددة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا لاتهامها بدعم الانفصاليين الموالين لموسكو في أوكرانيا، تحظر على الأوروبيين التعامل مع مصارف وشركات نفطية ودفاعية روسية أو الاستثمار في القطاع المالي الروسي.

وفي ما يتعلق بكوريا الشمالية، من المحظر بالطبع تصدير اسلحة ومواد (حتى مدنية) يمكن استخدامها في صنع قنبلة نووية، غير أنه يحظر أيضا تصدير منتجات فاخرة إلى هذا البلد أو استيراد فحم وصلب منه.

وقالت هيو أنه على موقع الاتحاد الأوروبي “يمكنكم النقر على أي بلد من الخارطة وسترون على الفور ما اذا كان هناك أي نوع من العقوبات. بالتالي، سيسهل التثبت مما إذا كان نشاطكم معنيا بذلك”.

– “ثغرات” –

ورأى خبير العقوبات الدولية في معهد “كروك” الأميركي للدراسات حول السلام ديفيد كورترايت أن الموقع الذي سيتم تحديثه بصورة متواصلة “سيكون مفيدا على الأرجح”.

لكنه لفت إلى أن التحدي الرئيسي يبقى أن العديد من الشركات تبذل كل ما في وسعها للالتفاف على العقوبات حتى لو كانت على اطلاع تام عليها.

وقال كورترايت بهذا الصدد “المشكلة الحقيقية هي عدم الالتزام” بالعقوبات موضحا أن “الشركات تبحث دائما عن ثغرات لمزاولة صفقات تجارية بوسيلة أو بأخرى”.

وذكر من هذه الوسائل أن “الشركات المستهدفة تبدل اسمها أو يتم دمجها في شركات أخرى تحت تسمية مختلفة، وبالتالي يصعب متابعة أثرها”.

وقال الخبير إن جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية المعزولة بفعل العقوبات الدولية الصارمة المفروضة عليها ردا على تجاربها النووية والبالستية “باتت تتقن ببراعة” أساليب الالتفاف، وهو ما سمح لها برأيه بمواصلة تطوير قنبلة هيدروجينية.

غير أن الشركات تواجه مخاطر مالية كبرى بالتفافها على العقوبات. وحكم على مصرف “بي إن بي باريبا” الفرنسي قبل ثلاث سنوات بدفع غرامة قدرها 8,9 مليار دولار في الولايات المتحدة لمخالفته حظرا أميركيا على السودان وكوبا وإيران.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية