مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بدء أكبر عملية تبادل لأسرى النزاع اليمني

طائرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار صنعاء قبيل بدء تبادل سجناء في 15 تشرين الاول/اكتوبر 2020 afp_tickers

انطلقت في اليمن الخميس أكبر عملية تبادل للأسرى منذ بداية النزاع المدمر في البلد الفقير قبل نحو ست سنوات، في بارقة أمل لانهاء نزاع تسبّب بمقتل آلاف المدنيين وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وتشمل عملية التبادل التي تجري برعاية الامم المتحدة وبتنظيم لوجستي من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 1081 أسيرا من بينهم سعوديون وسودانيون كانوا محتجزين لدى المتمردين الحوثيين.

وقال مسؤول حكومي لوكالة فرانس برس “العملية بدأت”، فيما أقلعت طائرتان من مطار العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين نحو مطار سيئون الخاضع لسيطرة الحكومة في وسط اليمن ومطار أبها السعودي في جنوب المملكة.

وحملت الطائرتان عشرات الأسرى اليمنيين و15 أسيرا سعوديا وأربعة سودانيين.

كذلك، أقلعت طائرة من مطار سيئون مع مئات السجناء من المتمردين باتجاه صنعاء، قبل أن تحط طائرة في مطار العاصمة حاملة عشرات السجناء الحوثيين.

وعلى مدرج المطار بالقرب من طائرة الخطوط الاثيوبية، استقبل عسكريون ومسؤولون سياسيون في صفوف الحوثيين وأفراد عائلات، الأسرى الذين نزلوا سلم الطائرة وهم يلوّحون لمستقبليهم.

وساروا على سجادة حمراء بينما كانت فرقة عسكرية تعزف الموسيقى على وقع هتافات “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، فيما عانق أفراد العائلات السجناء من أقربائهم.

وقال يحيى سريع المتحدث باسم الجناح العسكري للمتمردين لقناة “المسيرة” التابعة للحوثيين “بعض الأسرى المحررين اليوم لهم قرابة خمس سنوات في الأسر لدى قوى العدوان”.

ويشهد البلد الفقير منذ 2014 حرباً بين المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي. وتصاعدت الحرب مع تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة في آذار/مارس 2015.

وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم العديد من المدنيين، حسب منظمات إنسانية عدة. وتتواصل المعارك في عدة مناطق في وقت يسعى المتمردون الذين يبدون أقوى من أي وقت مضى، للتقدم نحو مناطق إضافية.

ولا يزال نحو 3,3 ملايين شخص نازحين بينما يحتاج 24,1 مليون آخرين، أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مراراً أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حالياً.

ووافق الجانبان في محادثات في السويد في كانون الأول/ديسمبر العام 2018 على تبادل 15 ألف أسير، وجرت عمليات تبادل محدودة منذ التوقيع على الاتفاق.

لكن عملية التبادل التي انطلقت الخميس واتفق عليها في محادثات في سويسرا الشهر الماضي، هي الأكبر منذ بداية النزاع الدامي على السلطة، على أن تتواصل الجمعة مع احتمال تمديدها لأيام إضافية.

– “نتائج حميدة” –

وكتبت اللجنة الدولية للصيب الأحمر على تويتر “بالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني والهلال الأحمر السعودي، وبدورنا كوسيط محايد، سنساعد مئات المحتجزين السابقين على العودة إلى ديارهم”.

وأضاف “تحركت صباح اليوم (الخميس) 5 من طائراتنا من مطارات أبها وصنعاء وسيئون ضمن عملية نقل وإطلاق سراح المحتجزين السابقين التي اتفقت عليها أطراف النزاع في اليمن”.

وأوضحت متحدثة باسم اللجنة لوكالة فرانس برس أن أول طائرة حطت في صنعاء انطلقت من السعودية حاملة 102 شخص، أما الطائرتان اللتان انطلقتا من سيئون وصنعاء فكان على كل منهما 108 أشخاص.

وأجرت اللجنة مقابلات فردية وفحوصات طبية مع الأسرى “للتأكد من أنهم يريدون نقلهم إلى ديارهم وأنهم يتمتعون بصحة جيدة للقيام بذلك”.

كذلك، وزعت معدات الحماية الشخصية ونفذت تدابير التباعد الاجتماعي في الطائرات والمطارات للحماية من انتقال فيروس كورونا المستجد.

وعملية التبادل الحالية هي من بين أهم الخطوات باتجاه إيجاد حل للنزاع الذي دمّر اقتصاد البلد الفقير وقطاعاته الصحية والتربوية وغيرها، وأغرق السعودية في مستنقع مكلف جدا بينما تصارع للتعامل مع تبعات انخفاض أسعار النفط.

وقال مبعوث الامم المتحدة لليمن مارتن غريفيث في تغريدة إنّ “عملية اطلاق السراح اليوم (…) هي علامة جديدة بأن الحوار السلمي يمكن أن يؤدي إلى نتائج حميدة”.

وأضاف “آمل أن يلتقي الطرفان قريبا برعاية الامم المتحدة لمناقشة إطلاق سراح كل السجناء والمعتقلين على خلفية النزاع”.

وكان عضو في الوفد الحكومي في محادثات سويسرا قال لوكالة فرانس برس إنه سيتم تبادل “681 أسيرا من الحوثيين و400 من الحكومة” والقوات التي تقاتل معها.

وانطلقت عملية التبادل غداة اعلان الولايات المتحدة الأربعاء الإفراج عن أميركيين كانا محتجزين في اليمن لدى المتمردين الذين استعادوا في المقابل، في ما بدا أنّه صفقة تبادل، نحو 240 من أنصارهم كانوا عالقين في سلطنة عمان.

ويأتي هذا الحدث الذي يصب في خانة حصيلة الرئيس دونالد ترامب في إعادة “رهائن” أميركيين، قبل 20 يوماً من الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يتنافس فيها الملياردير الجمهوري سعياً للفوز بولاية ثانية.

ولم يسبق لواشنطن أن تطرقت رسمياً إلى عملية الاحتجاز.

وستستعيد واشنطن جثمان بلال فطين، وهو محتجز ثالث لدى الحوثيين ولكن لم تتضح ظروف وفاته.

وتساند الولايات المتحدة التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، فيما تُتهم إيران، خصمهما المشترك، بدعم الحوثيين. كذلك، تشن هجمات بطائرات من دون طيار ضد تنظيم القاعدة في البلد الفقير، والذي تعتبره أخطر فروع الجماعة المتطرفة في العالم.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية