مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

برلمان العراق يمدد الازمة السياسية وواشنطن تشدد على ضرورة وحدة البلاد

البرلمان العراقي afp_tickers

اخفق البرلمان العراقي المنتخب للمرة الثانية في اقل من اسبوع في الالتزام بالمهل الدستورية لاختيار الرؤساء الثلاثة بعدما قرر الاثنين تاجيل ثاني جلساته الى 12 اب/اغسطس في تمديد اضافي للازمة السياسية المتفاقمة في العراق.

وعكس قرار تاجيل الجلسة التي كان من المقرر ان تعقد الثلاثاء الى ما بعد شهر رمضان عمق الخلاف الذي يحول دون تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على الوقوف في وجه مسلحين متطرفين يسيطرون منذ نحو شهر على مناطق واسعة تسعى القوات الحكومية لاستعادتها من دون نتائج تذكر.

وكررت الولايات المتحدة الاثنين التشديد على ضرورة ان يكون العراق موحدا ليتمكن من مواجهة تهديدات تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست ان تنظيم الدولة الاسلامية يشكل “خطرا وجوديا” على العراق، مضيفا “ولمواجهة هذا الخطر لا بد ان تكون البلاد موحدة”.

ويواصل المسؤولون الاميركيون دعوة الاكراد والعرب السنة والشيعة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية من دون ان يتم تحقيق خطوات بهذا الاتجاه.

وحذر المتحدث ايرنست من ان “مزيدا من الانخراط العسكري” من قبل الولايات المتحدة “لا يمكن ان يتم الا بموازاة التزامات ملموسة من قبل القادة العراقيين” ووعدهم ب”اعتماد برنامج حكومي اكثر انفتاحا” على كل الاطراف.

ويقوم حاليا نحو 300 مستشار عسكري اميركي بمساعدة القوات الحكومية العراقية في خططها لمواجهة تقدم “الدولة الاسلامية”.

الا ان المتحدث لم يذهب الى حد القول انه لن يتم ارسال مساعدة عسكرية الى العراق ما دام لم يتم تشكيل حكومة جديدة وهو امر قد يستغرق اسابيع عدة.

وقال نائب عراقي رفض الكشف عن اسمه ومساعد للنائب مهدي الحافظ الذي تراس الجلسة الاولى للبرلمان الاسبوع الماضي كونه اكبر اعضاء البرلمان الجديد سنا في تصريحات لوكالة فرانس برس ان “جلسة يوم غد تاجلت الى 12 اب/اغسطس”.

واكد مصدر برلماني اخر في تصريح لفرانس برس ان “غياب التفاهمات” حول الرئاسات الثلاث هو الذي دفع الى تاجيل الجلسة.

وكان البرلمان العراقي المنتخب فشل في جلسته الاولى الثلاثاء الماضي في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور قبل ان يعلن عن فض الجلسة وتاجيلها الى الثلاثاء.

ويظلل تمسك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي بعدما فتح ازمة الحكم على مزيد من التعقيدات الجمعة الماضي حين اعلن انه لن يتنازل “ابدا” عن ترشحه لولاية ثالثة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له.

وجاء موقف المالكي هذا رغم دعوة المرجعية الشيعية للاسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع، وهو ما لا يتمتع به المالكي حاليا، وسحب خصمه السياسي رئيس البرلمان اسامة النجيفي ترشحه لولاية ثانية على راس مجلس النواب افساحا في المجال امام توافق سياسي حول الرئاسات الثلاث.

وينص الدستور العراقي على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس، ما يعني ان موعد الجلسة الثانية يتخطى المهلة الدستورية الممنوحة لانتخاب الرئيس وهي الاول من اب/اغسطس حيث ان الجلسة الاولى انعقدت في الاول من تموز/يوليو.

ويكون البرلمان العراقي الجديد بذلك قد اخفق مرتين حتى قبيل انعقاد جلسته الثانية في الالتزام بالمهل الدستورية، في استنساخ للاخفاقات التي طبعت عمل البرلمان السابق والتي دفعت العراقيين للمشاركة في انتخابات نيسان/ابريل الماضي املا بالتغيير، وهو شعار معظم الحملات الانتخابية انذاك.

ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على ان يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف.

ويتعرض المالكي (64 عاما) الى انتقادات داخلية وخارجية خصوصا حيال استراتيجيته الامنية في ظل التدهور الامني الكبير في البلاد وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.

ويطالب خصومه السياسيون كتلة “التحالف الوطني” اكبر تحالف للاحزاب الشيعية بترشيح سياسي اخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على احقيته في تشكيل الحكومة مستندا الى فوز لائحته باكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الاخرى (92 من بين 328).

لكن المالكي، الذي قال في مقابلة مع فرانس برس في العام 2011 انه لن يترشح الى ولاية ثالثة، تراس حكومته الثانية رغم ان لائحته النيابية لم تفز في 2010 باكبر عدد من مقاعد البرلمان.

من جهته، قال نيكولاي ملادينوف ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه انه “يجب على الكتل البرلمانية تحديد عدد ايام المفاوضات النهائية والعمل ضمن الجداول الزمنية التي يقضي بها الدستور بالنسبة للترشيحات اللازمة”.

وتاتي الخلافات السياسية المتفاقمة متزامنة مع هجوم عسكري تقوم به القوات الحكومية لم يحقق نتائج ملموسة حتى الان لاستعادة مناطق يسيطر عليها تنظيم “الدولة الاسلامية” الجهادي المتطرف وتنظيمات اسلامية متطرفة اخرى منذ بداية هجوم الكاسح قبل نحو شهر.

وقتل الاثنين قائد الفرقة السادسة في الجيش العراقي اللواء الركن نجم عبد الله السوداني في “قصف معاد” اثناء قيادته عمليات في منطقة ابو غريب الواقعة الى الغرب من بغداد، وهو ارفع مسؤول عسكري يقتل منذ بدء هجوم المسلحين.

وشنت الطائرات العراقية ضربات جوية جديدة استهدفت فيها “اوكارا” للمسلحين في منطقة جرف الصخر الواقعة في محافظة بابل الى الجنوب من بغداد، وفي مناطق اخرى في محافظتي صلاح الدين ونينوى بينها منطقة تقع الى الشرق من مدينة الموصل، بحسب بيان لوزارة الدفاع.

وقتل ايضا خمسة اشخاص بينهم اثنان من الشرطة واصيب 13 بجروح في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف حاجز تفتيش في الكاظمية في شمال بغداد، حسبما افادت مصادر امنية وطبية.

وكان تنظيم “الدولة الاسلامية” حقق انتصارا معنويا مؤخرا بعدما نشر تسجيلا يظهر فيه للمرة الاولى زعيمه ابو بكر البغدادي، الذي بايعه تنظيمه “خليفة للمسلمين” بعدما اعلن “قيام الخلافة الاسلامية”، حيث دعا المسلمين في خطبة الجمعة في مسجد في مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) الى طاعته.

واعلنت السلطات العراقية الاحد انها تتحقق من صحة هذا التسجيل.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية