مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بكين وواشنطن تصادقان على اتفاقية باريس للتغير المناخي

مصافحة بين الرئيسين باراك اوباما وشي جينبنغ قبل لقائهما في هانغتشو afp_tickers

صادقت الصين والولايات المتحدة، اكبر ملوثين في العالم، السبت على الاتفاقية الدولية للمناخ التي تم التوصل اليها في باريس في نهاية 2015 في ختام مؤتمر الامم المتحدة حول المناخ، الامر الذي من شأنه تسريع بدء سريانها.

وغداة قمة مجموعة العشرين في هانغتشو في شرق الصين، سلم الرئيسان باراك اوباما وشي جينبنغ معا وثائق تصديق بلديهما الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.

وتنبع اهمية مصادقة البلدين على الاتفاقية من انهما يصدران معا 40% من الانبعاثات العالمية للغازات الملوثة، تنتج الولايات المتحدة منها 15%. ويتطلب الالتزام بمقتضيات الاتفاقية من الصين بذل جهود جبارة لا سيما وانها تنتج نحو 70% من الكهرباء من الفحم وتصدر نحو 24% من الانبعاثات العالمية من ثاني اكسيد الكربون.

وقال اوباما ان هذه الاتفاقية يمكن ان تنظر اليها الاجيال المقبلة باعتبارها “اللحظة التي قررنا فيها اخيرا انقاذ الكوكب (…) ورسمت ملامح هذا القرن”.

وقال بان كي مون للرئيسين الصيني والاميركي “لقد اعطيتما دفعة قوية لبدء سريان الاتفاقية. انا متفائل بشأن تمكننا من تحقيق ذلك قبل نهاية هذه السنة”.

تهدف هذه الاتفاقية التاريخية الى احتواء الاحترار العالمي تحت درجتين مئويتين، واذا امكن درجة ونصف الدرجة بالمقارنة مع ما كانت عليه حرارة الارض ما قبل الثورة الصناعية، ووقعتها 180 دولة في نيسان/ابريل في نيويورك ولكن دخولها حيز التنفيذ يستدعي ان تقرها الهيئات التشريعية في هذه البلدان او يتم اعتمادها بمرسوم عملا بالاليات المتبعة. واكدت ادارة اوباما ان التصديق على الاتفاقية لا يحتاج لضوء اخضر من الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون.

وينبغي ان تصادق 55% من الدول الموقعة على الاقل وان يكون مجمل اصدارها من الانبعاثات المسببة للاحترار 55% ليبدأ سريانها.

– ارث اوباما –

وقالت واشنطن ان اوباما سيعمل خلال قمة العشرين على حث دول اخرى مثل الهند على التصديق على الاتفاقية.

يشارك اوباما الذي وصل السبت الى هانغتشو في قمة مجموعة العشرين الاحد والاثنين في هذه المدينة الواقعة في شرق الصين، في زيارته الاخيرة كرئيس لهذا البلد.

وقال مستشار اوباما للمناخ براين ديز “يمكننا من الان تخيل طريق واضح وموثوق نحو بدء سريان الاتفاقية” حتى قبل نهاية ولاية اوباما في كانون الثاني/يناير.

واضاف ديز ان “التاريخ يبرهن انه ما ان يبدأ سريان مثل هذه الاتفاقيات وان توقع عليها الولايات المتحدة، فانه يتم الالتزام بها” رغم التداول على السلطة.

ولم تصدق سوى 24 دولة حتى الان على الاتفاقية وفق موقع الامم المتحدة ولا سيما منها الجزر الصغيرة الاكثر تضررا ولكنها لا تصدر سوى 1,08% من الانبعاثات.

وتأمل المنظمات غير الحكومية ان يكون للاعلان الصيني الاميركي تأثير محفز في حين قال معهد تحليلات المناخ ان 34 بلدا مستعد للتصديق على اتفاقية باريس قبل نهاية السنة بينها البرازيل وكندا واندونيسيا واليابان وايران.

ورحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على حسابه على فيسبوك السبت السبت بتصديق واشنطن وبكين على الاتفاقية باعتباره “خطوة مهمة (…) تفتح الطريق امام بدء سريانها بنهاية السنة”.

وقع هولاند منتصف حزيران/يونيو مرسوم التصديق على الاتفاقية وينتظر ان تفعل باقي دول الاتحاد الاوروبي ذلك.

– تحديات دعم الطاقة الاحفورية –

وقال الفين لين من مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية لفرانس برس ان تصديق الاتفاقية “اشارة تعني ان المجتمع الدولي يتصدى مجتمعا للتهديد المناخي. هذان البلدان يعملان على تحويل اقتصاديهما لبناء النمو على مصادر الطاقة النظيفة بدلا من الطاقة الاحفورية”.

واعتبر صندوق الحياة البرية الذي يتوقع ان تحذو بلدان اخرى حذو الصين والولايات المتحدة ان التصديق لم يكن متوقعا “قبل ستة اشهر خلت”.

وقال مستشار المناخ لدى منظمة غرينبيس لي شيو انه “يتعين على الصين والولايات المتحدة تقييم برامجهما المتعلقة بدعم الطاقة الاحفورية (…) ان الحديث عن انتصار بعد باريس ومواصلة تقديم الدعم الى صناعات الطاقة الاحفورية لا يتفقان لا بل يكشفان عن نفاق”.

مع ان الصين هي اكبر مستثمر في العالم في مجال الطاقة الشمسية غير انها وافقت في 2015 على بناء 150 محطة انتاج كهربائية جديدة بالفحم الحجري.

وازداد استهلاك الصين من الفحم الحجري مرتين خلال العقد الممتد من 2004 الى 2014، ما زاد في الانبعاثات الملوثة للجو.

وبلغ مستوى التلوث حدا جعل السلطات تغلق خلال الاسبوعين الماضيين محطات حول هانغتشو حتى مسافة 300 كلم لتفادي تشكل سحابة ملوثة خلال قمة العشرين.

وقال لي شيو ان قمة هانغتشو “يجب ان تكون مناسبة لقادة مجموعة العشرين للاتفاق على جدول زمني لالغاء الدعم المقدم الى الطاقة الاحفورية”.

ويتوقع ان تزيد الدول الكبرى حتى ست مرات اهدافها لخفض انبعاثات الغازات الملوثة حتى 2030 لابقاء الارتفاع الحراري تحت درجتين مئويتين وفق منظمة شفافية المناخ.

وبات التجار والصناعيون انفسهم اليوم يمارسون ضغوطا. فقد حثت مجموعة من الشركات التي تستثمر 13 الف مليار دولار في نهاية اب/اغسطس مجموعة العشرين على التصديق على اتفاقية باريس قبل نهاية 2016 لتجنب المخاطر المالية الناجمة عن التغير المناخي، من الاضرار التي تسببها الفيضانات الى التصحر والجفاف وارتفاع مستويات البحار.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية