مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بلاد الباسك تتعاطف مع كاتالونيا لكنها تريد العيش بسلام

نشطاء يحملون اعلاما كاتالونية وباسكية خلال تظاهرة مؤيدة للاستقلال، في 20 ايلول/سبتمبر 2017 في ايرانديو في بلاد الباسك afp_tickers

يردد كثيرون جملة واحدة في شوارع المدن الكبرى المعتدلة كما في القرى الاكثر تطرفا في نزعتها الاستقلالية في منطقة الباسك الاسبانية “دعوا الكاتالونيين يصوتون!”، يليها تعبير عن الاستياء من حكومة مدريد.

وقال كاندي كورديرو سائق الشاحنة البالغ من العمر 65 عاما وكان يتجول في شوارع بلباو العاصمة الاقتصادية لمنطقة الباسك (شمال) “لا اؤيد الاستقلال لكن حاليا ليست هناك ديموقراطية. اود ان تجرى عمليات استفتاء في بلاد الباسك كما في كاتالونيا، شرط ان تكون قانونية وتقرر مع كل اسبانيا”.

وفي ايرناني المعقل الانفصالي الذي يبعد مئة كيلومتر شمالا، تزين اعلام كاتالونيا المباني العامة بينما علقت على جدران في شوارع صغيرة صور لاعضاء في منظمة ايتا الانفصالية قتلوا خلال سنوات الحركة الانفصالية الباسكية.

ورأت ارانتخا بيوبيد (48 عاما) خبيرة الغرافيك الانيقة التي كانت تحتسي البيرة في حانة في وسط المدينة حيث لا يخفي احد تعاطفه مع اليسار الانفصالي الباسكي الذي يضم في صفوفه عددا من الاعضاء السابقين في ايتا، ان “الحكومة تثير الشفقة، انها تعتقد انها تستطيع حل كل مشكلة بالقمع”.

واضافت “يعتقد المرء انه في اسبانيا خمسينات القرن الماضي” عندما كانت البلاد تحت حكم الجنرال فرانسيسكو فرانكو.

وسيتوجه رئيس بلدية ايرناني مع مئة عضو آخرين في تحالف “بلاد الباسك تتوحد” (ايه بيلدو) اليساري المتطرف لمراقبة الاستفتاء الذي منعته مدريد.

وقد شارك ارنالدو اوتيجي العضو السابق في ايتا ورئيس حركة “ابداع” (سورتو) في التظاهرة مؤخرا مع الانفصاليين الكاتالونيين. كما شارك في مسيرة من اجل المطالبة “بحق التظاهر” في منتصف ايلول/سبتمبر في بلباو.

وشارك في المسيرة التي نظمتها منصة “غوري اسكو داغو” التي تدافع عن حق الباسك في تقرير المصير، آلاف الاشخاص في منطقة تضم نحو مليوني نسمة.

لكن رافايل ليونيسيو الذي ينتمي الى مجموعة من الباحثين يستطلعون الآراء في المنطقة قال ان “العدد لم يكن اكبر من العادة” في الباسك التي تشهد باستمرار مسيرات من اجل الاستقلال.

وبينما تعمل منظمة ايتا على حل نفسها تشير استطلاعات الرأي الى ان نسبة الباسكيين المؤيدين للاستقلال “تميل الى التراجع مؤخرا” (30 بالمئة) واقل مما هي عليه في كاتالونيا (40 بالمئة) حسب ليونيسيو.

– مناعة –

حكومة الباسك لا يقودها الاستقلاليون المتطرفون بل المعتدلين في الحزب القومي الباسكي.

وذكر البرتو غي (55 عاما) رجل الاعمال في بلباو الذي يؤيد اسبانيا فدرالية ويفضل عدم كشف اسم عائلته “لدينا مناعة واجهنا مشاكل لم يشهدها الكاتالونيون”، في اشارة الى مقتل 829 شخصا في حوادث نسبت الى منظمة ايتا التي تخلت رسميا عن العنف في 2011.

وتتمتع منطقة الباسك بنظام ضريبي تديره ذاتيا ويعود عليها بفائدة كبيرة، وهو نظام يطالب به الكاتالونيون.

وقالت ايزابيل غونزاليس (37 عاما) التي تعمل سكرتيرة في بلباو ان النزعة الاستقلالية الحادة لا تملك فرصا كبيرة في العودة لان حكومة المنطقة “تعرف جيدا كيف تدير مسألة الاموال. ومع هذه الازمة يفكر الناس في الوظيفة” اكثر من السياسة.

وفي مكتبه الفخم في مدينة سان سيباستيان البرجوازية الكبيرة يؤكد المحامي روبن موجيكا ان موضوع كاتالونيا لا يطرح اطلاقا في جمعية عائلات ضحايا ايتا التي ينتمي اليها.

وقال “من الجيد جدا ان يكون هناك مؤيدون ومعارضون للاستفتاء لكن خيار عدم الاهتمام يجب ان يكون شرعيا”، مؤكدا حرصه على احترام الدستور.

الا ان الازمة في كاتالونيا دفعت رئيس المنطقة اينييغو اوركولو الى ان يرفع صوته ويدعو قبل ايام الى استفتاء تفاوضي والاعتراف بالامتين الكاتالونية والباسكية.

وبينما يحتاج رئيس الحكومة الاسبانية المحافظ ماريانو راخوي الى اصوات خمسة نواب باسكيين للتصويت على ميزانية البلاد، قال مصدر قريب من الحكومة الباسكية انه “سيكون من الصعب جدا على الحزب القومي الباسكي دعم النص لان ناخبيه وجزء منهم استقلاليون، لن يفهموا ذلك”.

وصرح الخبراء الذي استطلعت وكالة فرانس برس آراءهم ان مناورة براغماتية تهدف الى التفاوض حول مزيد من الحكم الذاتي للمنطقة اكثر منها اطلاق حركة استقلالية حقيقية.

وقالت المحللة كارولاين غراي الخبيرة في الحركات الانفصالية الاسبانية في جامعة استون البريطانية “انهم يريدون الحصول على افضل المكاسب بدون ان يفقدوا ماء الوجه”.

وفي فندقها التقليدي الكبير على قمة طريق جبلية بالقرب من ايبار ، تؤكد استير غيزازولا (75 عاما) بانها “باسكية وليست اسبانية اطلاقا”.

وقالت “حان وقت طرح كل شيئ على الطاولة. لنرى ما اذا كانت اسبانيا تحت ضغط كاتالونيا ستجدد كل ديموقراطيتنا” عبر تعديل وضع المناطق.

يمي/اا/غد

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية