مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تجمع لليمين المتطرف في فرجينيا يتحول إلى مأساة بعد مقتل 3 أشخاص وإصابة العشرات

دعا حاكم فرجينيا سكان الولاية الاميركية الى تجنب المشاركة في تجمع لليمين المتطرف، ووضع الحرس الوطني بسببه في حالة تأهب لمواجهة مخاطر حصول اعمال شغب afp_tickers

تحوّلت مسيرة “وحّدوا اليمين” المثيرة للجدل التي نظّمتها مجموعات من اليمين الأميركي المتطرّف السبت في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا إلى مأساة، عندما أقدمت سيّارة على صدم مجموعة من الأشخاص خرجوا في تظاهرة مضادّة تنديدًا باليمين المتطرّف.

وبلغت حصيلة ضحايا العنف في شارلوتسفيل ثلاثة قتلى، بينهم امرأة قضت في عملية الصدم، وفق ما أعلن مسؤول في البلديّة، فيما لم تتحدد بعد ظروف مقتل الضحيتين الاخريين.

وحادث الصدم الذي بدا أنه كان متعمّداً، دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إدانة أعمال العنف، إلا أنه تجنّب تحميل المسؤولية لمناصري اليمين المتطرّف أو لمناهضيهم.

وأظهر شريط فيديو بُثّ على مواقع التواصل الاجتماعي سيّارة داكنة اللون تصدم بعنف مؤخّرة سيارة أخرى قبل أن تنطلق مجدّدًا في اتجاه الخلف وسط متظاهرين. وأظهرت مشاهد أخرى جرحى ممدّدين أرضًا.

وقال أشخاص كانوا موجودين في المكان إنّ ضحايا عملية الصدم هم متظاهرون أتوا للتنديد بوجود مجموعات لليمين المتطرّف في شارلوتسفيل.

ولاحقا قال موريس جونسون المسؤول في بلديّة فيرجينيا خلال مؤتمر صحافي “جاء أشخاص إلى هنا من أجل التسبّب بالإرباك والفوضى والاضطراب، ما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى”.

وقال رئيس شرطة شارلوتسفيل، آل توماس، إنّ القتيلة التي سقطت في عملية الصدم تبلغ الثانية والثلاثين من العمر وكانت تجتاز الطريق عندما صدمت السيّارة مجموعة المتظاهرين.

وأضاف انّ سائق تلك السيارة أودع السجن، مشيراً إلى أنّ الشرطة تتعاطى مع الوقائع على أنها عمليّة “قتل إجرامي”.

أما ظروف مقتل الضحيّتين الأخريين في شارلوتسفيل فلم تتحدّد حتى الآن.

ومساء السبت بالتوقيت المحلّي، كان 35 شخصًا يتلقّون أو تلقّوا العلاج جرّاء إصابتهم بجروح طفيفة أو خطيرة، استنادًا إلى رئيس الشرطة.

وكان ترامب علّق من بدمينستر في ولاية نيوجرزي حيث يمضي إجازة على أعمال العنف في شارلوتسفيل، قائلاً “ندين بأقصى التعابير الممكنة تظاهرة الكراهية الضخمة هذه، والتعصب الأعمى، وأعمال العنف التي تسبّب بها أطراف عديدون”.

أضاف “بلادنا تشهد ذلك منذ فترة طويلة. الأمر لا يتعلّق بدونالد ترامب، لا يتعلّق بباراك أوباما، هذا يحدث منذ وقت طويل جدا”، مشدّدًا على أنّ “الكراهية والانقسام يجب أن يتوقّفا الآن”.

وكان متظاهرون من القوميين البيض ومحتجون مناوئون لهم تدفقوا السبت على مدينة شارلوتسفيل، ما اضطر حاكم الولاية إلى إعلان حال الطوارئ، فيما سعت قوات الامن الى احتواء اشتباكات عنيفة دارت بينهم.

وعلى وقع تلك الاشتباكات، دعا ترامب إلى الوحدة، حاضّاً الأميركيّين على “إدانة كل أشكال الكراهية”. وقال في تغريدة “يجب أن نتحد جميعًا وأن ندين كلّ أشكال الكراهية.. هذا النوع من العنف ليس له مكان في أميركا. دعونا نتحد”.

وقال حاكم الولاية تيري ماكاوليف على تويتر إنّ إعلان حال الطوارئ “ضروري لمساعدة الولاية على مواجهة عنف مسيرة اليمين المتطرّف في شارلوتسفيل”.

وبدأت الشرطة بإخلاء حديقة “ايمانسيبيشن” في المدينة، وشنّت عدداً من الاعتقالات بعد إعلانها أنّ الموجودين في الحديقة يشاركون بـ”تجمع غير قانوني”.

وظُهر السبت، أعلنت السلطات المحلّية اعتقال شخص، قائلةً إنّ موظفي الطوارئ عالجوا ثماني إصابات على الأقلّ.

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس في الموقع متظاهرين يرتدي بعضهم ملابس تُشبه الزي العسكري، يرشقون الزجاجات حتى قبل موعد بدء المسيرة عند الساعة 16,00 ت غ.

كذلك، ذكرت الشرطة على تويتر أنّ عددًا من المتظاهرين استخدموا بخاخ الفلفل. وعرض الإعلام المحلّي صورًا لشرطة مكافحة الشغب وعناصر من الحرس الوطني وعربة مدرعة وسط المدينة.

وقال ماكاوليف في معرض إعلانه عن حال الطوارئ “أصبح واضحًا الآن أنّه لا يمكن حماية السلامة العامة بدون سلطات اضافية، وأنّ المحتجين الذين اتى معظمهم من خارج الولاية، جاؤوا إلى فيرجينيا لتعريض مواطنينا وممتلكاتهم للخطر”.

أضاف “أشعر بالاشمئزاز من الكراهية والتعصّب والعنف الذي جلبه هؤلاء المحتجّون معهم الى ولايتنا خلال الساعات الـ24 الماضية”.

– “لا لاميركا فاشية” –

وأظهر تسجيل فيديو محتجّين مناهضين للعنصريّة يلوحون بأعلام لحركة “حياة السود تهم” وحشوداً تهتف شعارات بينها “نقول لا للخوف العنصري” و”لا للنازيين ولطائفة كو كلوكس كلان، ولا لأميركا فاشية”.

لكنّ آخرين كانوا يحملون أعلام الكونفدراليّة التي يعتبرها العديد من الأميركيّين حاليًّا رمزًا للعنصرية.

وأعلن المدوّن اليميني جيسون كيسلر الذي دعا الى تظاهرة القوميّين البيض، أنّ تظاهرات السبت “حدث مهمّ جدا لحركتنا”.

وأتت مسيرة اليمين المتطرّف السبت عقب تظاهرة أصغر حجما الشهر الماضي تجمع خلالها عشرات من المرتبطين بمجموعة كو كلوكس كلان احتجاجًا على خطط المدينة إزالة تمثال الجنرال روبرت لي الذي قاد القوّات الكونفدرالية في الحرب الأهلية الأميركية.

وهذه المرّة، شاركت في مسيرة السبت شخصيات بارزة من حركة “اليمين المتطرّف” التي يقول الناقدون إنها أصبحت اكثر جرأة بعد انتخاب ترامب للرئاسة، وذلك في محاولة منها لحشد مزيد من المؤيّدين.

– “تعصّب دنيء” –

في المواقف، كتبت السيدة الاولى ميلانيا ترامب، التي نادرًا ما تدلي بتصريحات، على تويتر تقول ردًا على تظاهرة اليمين المتطرف “بلدنا يشجّع حرّية التعبير، لكن لِنتحاور بدون كراهية في قلوبنا. لا خير يأتي من العنف”.

كذلك، قال رئيس مجلس النوّاب الجمهوري بول ريان على تويتر “الافكار التي تغذي المشهد في شارلوتسفيل كريهة. فليتّحد الأميركيّون في وجه هذا النوع من التعصب الدنيء”.

وتحوّلت التجمعات التي سبقت التظاهرات ليل الجمعة السبت إلى أعمال عنف، عندما تواجهت مجموعة من القوميين الذين يؤمنون بتفوّق العرق الأبيض من اليمين المتطرف مع متظاهرين مناوئين لهم.

ووصف رئيس بلدية شارلوتسفيل مايك سيغنر مسيرة الجمعة بأنها “مسيرة جبانة للكراهية والتعصب والعنصرية وعدم التسامح”.

وقالت رئيسة جامعة فيرجينيا تيريزا سوليفان “انا حزينة جدا ومنزعجة من هذا التصرف الذي يدل على الكراهية والذي ابداه المتظاهرون الذين كانوا يحملون الشعلات وساروا في حرم الجامعة هذا المساء”.

وتم اعتقال احد المحتجين ووجهت له تهمة الاعتداء والتصرف المسيء، بحسب سوليفان.

وذكر مركز “سذرن بوفيرتي لو سنتر”، الذي يراقب الحركات المتطرفة أن “مسيرة وحدوا اليمين” التي جرت السبت يمكن أن تكون واحدة من أهم التظاهرات من نوعها منذ عقود.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية