مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ترامب يتعهّد بالمضي “قريبا جدا” في تعيين خلف لغينسبورغ ويرجّح اختيار امرأة

أميركيون يعربون عن تقديرهم لروث بادر غينسبورغ أمام جدارية تصوّرها في واشنطن afp_tickers

تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت بالمضي “قريبا جدا” في تعيين خلف لعميدة قضاة المحكمة العليا روث بادر غينسبورغ التي توفيت الجمعة عن عمر يناهز 87 عاما، في موقف ينبئ بنهاية محتدمة للحملة الانتخابية الرئاسية.

وقال الرئيس الأميركي للصحافيين في واشنطن “قريبا جدا سنسمي مرشّحا”، مضيفا “على الأرجح” سيقع الاختيار على امرأة.

وكان ترامب قد اعتبر في تغريدة أنّ تسمية قضاة لهذه المحكمة هو “القرار الأهم” الذي ينتخب من أجله رئيس. وقال إن تسمية قاض (بديل لغينسبورغ) “واجب، علينا (المضي به) دون تأخير”.

وتوفيت روث بادر غينسبورغ، القاضية التقدمية التي تعد أيقونة لليسار محاطة بعائلتها، بعد معركة مع سرطان البنكرياس. وأثارت وفاتها موجة من الحزن في البلاد وقلقاً في صفوف الديموقراطيين إذ إنّ وصول قاض يعيّنه ترامب سيجعل المحكمة في قبضة المحافظين لمدة طويلة.

ويشكل شغور منصبها فرصة للرئيس لقلب الأرجحية في المحكمة المؤلفة من تسعة أعضاء، والتي تميل تاريخيا إلى اليمين، نحو غالبية محافظة بواقع 6-3.

وأكد ترامب للصحافيين “الالتزام بآلية” تعيين خلف للقاضية الراحلة، مشددا على أن التعيين سيجري “سريعا”.

– 45 يوماً –

وقبل 45 يوماً من موعد الانتخابات الرئاسية، وجّه الرئيس السابق باراك اوباما والمرشح الديموقراطي جو بايدن تحذيراً لترامب.

وقال بايدن في تصريح صحافي “يجب على الناخبين اختيار الرئيس وعلى الرئيس اختيار قاض لينظر فيه مجلس الشيوخ”.

وبدوره، دعا اوباما خلفه إلى الامتناع عن ذلك في الوقت الذي بدأت فيه “عمليات اقتراع” في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.

ويعيّن القضاة التسعة في هذه المحكمة لمدى الحياة، وسبق لترامب أن عيّن اثنين هما نيل غورسوتش وبريت كافانو. ويحوز فريقه السياسي على خمسة مقاعد داخل المحكمة حاليا.

وتملك المحكمة العليا الأميركية كلمة الفصل في كل القضايا الاجتماعية الكبرى التي ينقسم عليها الأميركيون مثل الإجهاض وحق الأقليات وحيازة السلاح وعقوبة الإعدام وغيرها. ولهذه المحكمة أيضا الكلمة الفصل في النزاعات الانتخابية، على غرار ما حصل في انتخابات عام 2000 التي انتهت بفوز جورج بوش الابن.

وبموجب الدستور، يختار الرئيس مرشحه ويطرحه على مجلس الشيوخ للمصادقة عليه.

وأعلن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل منذ مساء الجمعة أنه سيجري عملية تصويت، بالرغم من أنه رفض عام 2016 تنظيم جلسة استماع إلى قاض اختاره باراك أوباما لهذا المنصب بحجة أنه كان عاما انتخابيا.

لكن السناتورة الجمهورية المعتدلة سوزان كولينز اعتبرت السبت أن الفائز في الانتخابات الرئاسية المقبلة هو من يجب أن يسمي خلفا لغينسبورغ.

وجاء في تغريدة أطلقتها “لكي نكون منصفين مع الشعب الأميركي، الذي يمكن أن ينتخب الرئيس لولاية ثانية أو أن يختار رئيسا جديدا، يجب أن يكون الرئيس المنتخب في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر هو من يتخّذ قرار تعيين قاض في المحكمة العليا مدى الحياة”، داعية مجلس الشيوخ إلى عدم إجراء تصويت على بديل لغينسبورغ قبل الانتخابات الرئاسية.

وكان ترامب أعلن في آب/أغسطس أنه لن يتردد في تعيين قاض في المحكمة العليا حتى قبل وقت قصير من الانتخابات. وحرصا منه على حشد تأييد اليمين المتدين، وضع بعد ذلك قائمة أولية بمرشحين جميعهم قضاة محافظون معارضون بمعظمهم للإجهاض ومؤيدون لحيازة السلاح.

وكانت إذاعة “إن بي آر” ذكرت أن القاضية أفصحت عن وصيتها الأخيرة لحفيدتها كلارا سبيرا فقالت لها قبل وفاتها “أعز أمنية لديّ هي عدم تبديلي طالما لم يؤد رئيس جديد اليمين الدستورية”.

– ترامب يواصل حملته –

وأيّد رئيس لجنة العدل في مجلس الشيوخ ليندسي غراهام القريب من ترامب توجّه الأخير، وقال “أتفهمه تماماً”.

وقد يتحدث ترامب مجدداً عن المسألة السبت خلال مشاركته في حملة انتخابية في كارولينا الشمالية.

ومن المتوقع أن يلقي كلمة في ختام النهار أمام مناصريه الذين يكرر أمامهم أنّه يسعى قدر الإمكان إلى تسمية قضاة محافظين في كل مستويات الجسم القضائي.

وإن كان الجمهوريون يملكون غالبية 53 مقعدا من أصل مئة في مجلس الشيوخ، فإن بعض الجمهوريين المعتدلين الذين يواجهون انتخابات شديدة التقارب قد لا يشاركون في التصويت.

ومن شأن بدء سجال حول تعيين خليفة لغينسبورغ تغيير مسار الحملة الانتخابية التي تهيمن عليها حالياً الأزمة الوبائية وتداعياتها.

ويواجه ترامب المتخلف عن منافسه بايدن في استطلاعات الرأي، انتقادات واسعة حول إدارته للأزمة.

– “رائدة” –

والسبت، تدفق حشد من مئات الأميركيين إلى محيط مقرّ المحكمة حيث أعربوا عن تقديرهم لروث بادر غينسبورغ المولودة عام 1933 في بروكلين لعائلة يهودية أميركية وتوفيت يوم عيد رأس السنة اليهودية (روش هاشانا).

وكانت من بينهم كامالا هاريس، التي اختارها بايدن نائبة له في الانتخابات، وقالت لصحافية في فرانس برس، إنّ القاضية كانت “رائدة بالنسبة لي، أيقونة، مكافحة. كانت امرأة بكل ما للكلمة من معنى”.

ويرتقب أن تلعب هاريس دوراً مهماً في الايام المقبلة بما أنها أحد أبرز أعضاء لجنة العدل.

وعينت غينسبورغ في المحكمة العليا عام 1993 في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون وتميزت بدفاعها عن حقوق المرأة في السبعينات واكتسبت شعبية واسعة للغاية.

وبالرغم من مواقفها اليسارية، صدرت نعاها الجمهوريون والديموقراطيون على السواء.

على الصعيد الدولي، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حزنه لرحيل “امرأة استثنائية”. وقال إنّ “إرثها الضخم سيبقى مصدر إلهام لنا”.

وألهمت حياتها أفلاماً ووثائقيات وأيضاً كتبا للأطفال. وبدأت محال التذكارات في واشنطن تعجّ بقمصان وأكواب عليها صورتها.

ولم تعلن بعد أي تفاصيل حول الجنازة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية